سعد الحريري الخاسر الأول

بعد لقاء ( سعد الحريري رئيس وزراء لبنان ) بمستشار المرشد الإيراني (علي أكبر ولايتي ) توجة علي الفورإلي السعودية في 3/11/2017 وأعلن أستقالته من الحكومة اللبنانية في 4/11 بخطاب تليفزيوني بثته وسائل الإعلام السعودية تحدث فية :- ( عن مخاوفه من التعرض للأغتيال وأن حزب الله اللبناني يمثل دوله داخل الدوله وأنه تجسيد لسيطرة إيران علي لبنان ) ، ومن المعروف عن الحريري سعيه الحثيث لنزع سلاح حزب الله ، وعلي آثر هذه الإستقاله صدرت تصريحات تحذر من تداعيات ما يحدث في لبنان من دول عدة كفرنسا وأمريكا والإتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية وتبادل الأتهامات بين السعودية وإيران وحزب الله ، وفي المقابل ذكر ( نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل :- ان أستقاله الحريري هي دعوة مدوية للعالم لمواجهة العدوان الإيراني ) ، وتبع ذلك قول ( ليبرمان وزير الدفاع الإسرائيلي :- أن أستقاله الحريري تؤكد وجهه نظر تل أبيب بأن حزب الله يحتل لبنان ) ، وهنا علينا التوقف والنظر في أستقاله سعد الحريري بدون الفصل بين ما يحدث من متغيرات سياسية وإقليمية يتم ترتيبها داخل الشرق الأوسط بل هي مكمل لهذا السيناريو الكارثي الذي يُحضرللمنطقة العربية ، مع وضع في الاعتبارالمطامع الفارسية ( لإيران ) تجاه العالم العربي والتي نمت بسبب فقدان القيادة المصرية وإنحسار دور مصر التاريخي تجاه الأمة العربية ، مع فهم وكشف الدور المتواطئ للأنظمة العربية مع مخططات سلب الإرادة العربية بواسطة الهيمنه الأمريكية والسيطرة الصهيونية من خلال بحث الملاحظات الآتية :- 

- أن السعودية وإيران لا يستطيعان الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة ولن تسمح بذلك أوروبا وأمريكا للحفاظ علي النفط والمصالح الاقتصادية الضخمة في الخليج العربي وأن كان يمكن أستخدام السعودية في تحالف مع الغرب ضد إيران . 

- تدعيمهم الحرب الباردة بين السعودية وإيران لتعزيز الأنقسام الأسلامي بشكل عقائدي ( السنه والشيعه ) والسماح بتدمير بلد عربي آخر كيفما حدث في اليمن المهدد بمجاعة الآن وهو ما يصب في صالح إسرائيل بأستمرار الأضطراب في مدخل البحر الأحمر من الجنوب وخلو السيطرة علي باب المندب من اليمن أو الصومال .  

 - نقلهم الصراع السني الشيعي إلي ملعب آخر أفضل شمال المنطقة العربية  وهو لبنان حيث التكوين  الديني والإجتماعي المشجع لهذا ( السنه والشيعه والعلويين والأرثوذكس والكاثوليك والموارنه والدروز ) .

 - القضاء علي حزب الله عقبة إسرائيل في الشرق الأوسط ومعه قطاع غزة في فلسطين المحتلة وعلينا ألا ننسي أن حزب الله هو الوحيد في العالم العربي الذي أستطاع هزيمة إسرائيل عسكريا في 2006 بعدهزيمتها من مصر عام 1973.

 - بعدما هدأ الصراع السياسي داخل لبنان نسبياً بتولي ( ميشال عون ) رئاسة لبنان و( سعد الحريري ) رئاسة الحكومة ومنح جزء من الأستقرار السياسي في النظام اللبناني فوجئت كل القوي الدولية والأقليمية بإزدياد النفوذ الإيراني في لبنان بتعاون ( عون ) مع حزب الله وإيران ومع تطور الدور الإيراني في سوريا والعراق وهزيمة داعش بات حتماً تقليص هذا الدور بيد سعودية خدمة لإسرائيل . 

 - تعزيزهم للحرب بالوكالة في لبنان علي غرار ما حدث في العراق وسوريا واليمن وليذبح العرب العرب بأيديهم بأستهلاك قدرات حزب الله وإغراقه في أقتتال داخل لبنان لأجباره علي التخلي عن نظام بشار في سوريا وبالتالي التمكن من أسقاط نظام الأسد .

 - تخديم النظام السعودي برعاية محمد بن سلمان لسياسات أمريكا في المنطقة والتي يتبناها ترامب بالضغط علي إيران وحزب الله واقحام السعودية بشكل صريح في الشأن اللبناني مقابل ضمان حماية أمريكا لها والصمت تجاه التفريغ السياسي السعودى الذي يتم لحساب محمد بن سلمان ومساندته في وراثه أبيه . 

- اخراج مصر بأرادتها عن المشهد العربي كقوة أقليمية مؤثرة بل تحويلها لمٌحَلَل للصهيوأمريكية في المنطقة مقابل الحفاظ علي النظام في مصر والتوقف عن الحديث عن حقوق الإنسان .

 ومن كل ما سبق يتضح أن منطقة الشرق الأوسط أمام مخطط أعادة ترسيم لها بأستكمال أضعاف وخلخلة كل القوي المؤثرة والقادرة علي المقاومة أمام التوسع الصهيوني ومطامعه في الأراضي العربية ، ولا بديل عن الحل وبشكل عاجل بأعادة رسم وتحديد أطار جديد للسياسة ( العربية الإيرانية ) بتنحية الخلاف العقائدي فيما بين ( السنه والشيعه ) وأستبداله بالصراع الدولي الوجودي وخطورته علي المسلمين جميعاً ( العرب والفرس ) ، وأن إسرائيل هي العدو الأخطر الذي يجب ردعه .  

 وفي ذات التوقيت الإقرار بأن حزب الله أجرم تجاه المسألة السورية وهو أحد المتورطين في أراقة الدماء العربية هناك وأن نظام ( بشار) أحد أخطر الديكتاتوريات علي العرب الآن فهو من فتح باب الأنقسام والتمزق في الجسد العربي وأن الحل الآن يفرض نفسه بضرورة تخلي ( بشار) عن الحكم في سوريا علي أن يعود حزب الله إلي الداخل اللبناني كقوة وسلاح مقاومة موجه للصهاينه فقط ولا خوف من ذلك فلبنان لن يحكم أبداً بعيداً عن التحالفات والموازنات الداخليه ، وأن ما أجبر الحريري علي العودة إلي بيروت بعد لقائه مع ( ماكرون ) رئيس فرنسا والقاؤة كلمة مذاعة ( بأنة ملتزم بالتعاون مع الرئيس اللبناني عون ، وأن التراجع عن الأستقاله جاء بطلب من عون ) هو فشل المخطط السعودي بسبب مكان إعلان الأستقاله وتوقيت الأستقالة المتسرع والمندفع ( الغبي ) والذي جاءا بضغط من ( محمد بن سلمان ) مقدم فروض الولاء والطاعة الغير مشروطة للأمريكان بات جلياً وواضحاً في اللقاء التليفزيوني الذي أجراه الحريري مع تليفزيون المستقبل من الرياض وأن هذه الأستقاله ستحدث فراغاً سياسياً وأن هذا الفراغ السياسي الذي سيخلفه في لبنان لن يملؤه إلا حزب الله بمصادقة سنيه في الداخل اللبناني بعد هروب الحريري أو رضوخه للسعوديه بالأجباركيفما يري اللبنانيون .

  ولرُبما أختلف الأمرأذا تم أعلان الأستقاله من لبنان بدلاً من الرياض وفي مُعطي وتوقيت سياسي غير المُعطيات السياسية الحالية ، وبخاصة أن مجمل التصريحات الإيرانية كانت تمثل أعتداء علي السيادة اللبنانية حيث قول ( ولايتي ) :- ( إيران تحمي أستقرار لبنان ) وقبلها بأسبوع قول الرئيس الإيراني ( حسن روحاني ) :- ( أن كل القرارات في لبنان تصدر بموافقة إيران ) حينها كان الحريري سيتحول إلي بطل قومي مسنود ومدعم من السنه والشيعه علي حد سواء ولصار الرجل الأقوي في لبنان ، أما الآن فلا حول له ولا قوه ،  لذا سارعت فرنسا بدعم أمريكي الي تبني عودتة خوفاً من تمكين حزب الله وإيران من لبنان تمكيناً كاملاً بسبب خطوه متسرعه وغير مدروسه ، وأتصور أن سعد الدين الحريري هو الخاسر الأول الآن في هذه المحاوله فلن يعود بنظر اللبنانيين كما كان ، فقد وضع نفسه في موضع شك دائم لأنه لم يتمكن من تحييد لبنان عن الصراع الأقليمي بين السعودية وإيران ووضع الأراضي اللبنانية ساحة لتصفية هذا الصراع ، وسيفقد كثيراً من أحترام اللبنانيين له وهو ما سينعكس بالسلب علي قراراتة خلال الفتره المقبله ، وأنه قد أخطأ بحق والده المرحوم ( رفيق الحريري ) الذي عاش رجلاً ومات بطلاً ، ولينطبق عليه المثل العربي ( ما هكذا يا سعد تورد الأبل ) . 

بقلم      

وائل رفعت سليم

المحامي