وائل رفعت يكتب لـ(اليوم الثامن):

صفقة القرن وغفوة العرب

هناك سؤال يفرض نفسه الآن :- كيف وصلت الأمه العربيه لما هي فيه من وهن ؟ ! فتأتيك الإجابة مباشرة وبلا تفكير ( هوان مصر) نعم سيدي مصر هي كلمة السر عبر التاريخ فكلما كانت مصر قوية فتية كلما حفظت للأمة العربية والإسلامية كيانها وتكوينها الثقافي والحضاري والإجتماعي والحدودي وحفظت للقدس بريقها ووهجها ، وكلما غابت مصر وصارت تابعة للقوي الإستعمارية ذهبت الأمة العربية والإسلامية لغياهب الجُب وطفأت أنوارالقدس وأمالها . تلك الحقيقة تذكرتها في جماع عدد من المشاهد السياسية التي حدثت خلال شهر نوفمبر 2017 وما قبلها ، فالحديث الآن يأخذ شكلاً من المكاشفة والمصارحة حول ( صفقة القرن ) وهي بإختصار إخلاء وتهجيرلأهل سيناء تمهيداً لإجلاء وتهجيرالفلسطينيين في قطاع غزة لسيناء ، يتبعها إجلاء وتهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية إلي سيناء أيضاً ، ويكون جزء من أرض سيناء بديلاً وعوضاً عن أراضي دولة فلسطين المحتلة منذ 1948 ، وعليه يتم إعلان دولة فلسطين وتصفية القضية الفلسطينية نهائياً ، وهذا بمباركة ورضاء تام من الحكام العرب الذين يتدافعون الآن لإعلان الولاء والرضا بإسرائيل حفاظاً علي عروشهم . وللأسف فهم موهومين فاليوم ( فلسطين وسيناء ) وغداً تقسيم وتفتيت كامل الأراضي العربية وأدلل علي ذلك بما نشرته ( جريدة الوفد المصرية بتاريخ غرة ذي القعدة 1418ه - 28 فبراير 1998م ) بتحقيق مطول بعنوان ( المؤامرة العظمي !! ) تحدثت فيه عن الأتي :- ( طُرح عليَ موائد البحث في المؤسسات والمراكز المتخصصة بالدراسات الإستراتيجية خلال عهد الرئيس رونالد ريجان وهو العهد الذي تبنت خلاله الإدارة الأمريكية العمل علي تحقيق توافق إستراتيجي لإقامة تحالف أمر واقع إقليمي يضم أصدقاء الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط بصفة خاصة منطقة الخليج وإسرائيل تمهيداً لقيام نظام شرق أوسطي يحل محل النظام العربي الراهن الهش وينهي تأثيرات الرابطة العربية بعد تهشيم الفكرة العربية القومية منذ إجهاض إحتمال إستمرار الوحدة السورية المصرية خريف عام 1961 وتكريس هذا التهشيم بما إنتهت إليه حرب 1967 علي الصعيد العربي وقد إستند هذا المشروع الأمريكي الصهيوني إلي مجموعة من الدراسات والخرائط وضعها المستشرق الصهيوني الأمريكي البريطاني الأصل ( د/ برنارد لويس ) وهي القاضية بتقسيم منطقة الشرق الأوسط بأكملها بما فيها تركيا وإيران وأفغانستان ورسم خارطة جديدة للمنطقة ( تصحح فيها الأخطاء التي جاءت بإتفاقيه سايكس بيكو ) يكون فيها لكل قبيلة في الجزيرة العربية دويلة ولكل مذهب ديني وعرق عنصري كانتون خاص به ( قطاعات صغيرة من حيث المساحة والسكان )، وقد إعتمدها الكونجرس الأمريكي بالإجماع في جلسة سرية عقدت عام 1983 حين كانت الحرب الإيرانية العراقية مستعرة ) . والجميع يمضي الآن نحوهذا بخطي ثابتة وتعجيل مستمر لتنفيذ هذا وأن ما حدث من إجلاء المسيحيين في سيناء لحقه تفجير مسجد الروضه بسيناء وإستشهاد أكثر من ثلاثمائة مُصلي ما هو إلا خطوة سيتبعها عمليات أكبر وأخطر ومنها إعلان أمريكا بكون القدس عاصمة إسرائيل ، ويدفع أهل غزة لأعتداء وحشي من إسرائيل مدعوماً من الحكومات العربية حتي يتم تهجيرهم إلي سيناء ، وتأتيك التصريحات التمهيدية لهذا من المسؤولين المصريين والإسرائيليين ترحب بالتعاون بينهم وأنه الآن في أفضل حالاته لتعلن وزيرة المساواة الإجتماعية الإسرائيلية (جيلا جملئيل ) أن سيناء أنسب مكان لدولة فلسطين ! ، ثم تصريحات وكيل وزارة الدفاع الإماراتية ( عبد الله الهاشمي ) الذي إمتدح علاقات بلاده مع إسرائيل وأعتبر حركات المقاومة العربية حركات إرهابيه ، ثم تطبيع سعودي مباشر من خلال حوار لوزير العدل السعودي السابق وأمين عام رابطة العالم الإسلامي الحالي ( محمد بن عبدالكريم ) بجريدة معاريف الإسرائيلية يُدين فيه المقاومة ويرحب بالتطبيع ، وزيارة مسؤوليين سعوديين لأكبر كنيس يهودي في فرنسا ، ثم صراع سياسي في المملكة السعودية قد أستعرت ناره بدءه ( محمد بن سلمان ) سيدفع كل الأمراء والقيادات العربية للأستقواء بإسرائيل وأمريكا علي حساب الشعوب والأراضي العربيه . وهذا النهج السياسي والدبلوماسي ليس بجديدعلي حكام العرب في حالات الضعف والإضمحلال وأتذكر هنا قصة أبناء ( السلطان العادل الأيوبي الثلاث وهم :- ( الكامل محمد ملك مصر ، والمعظم عيسي ملك الشام ، والأشرف موسي ملك العراق ، حين بدء الصراع بينهم ( صراع علي العرش ) دفع الملك المعظم عيسي للإستعانة بالخوارزميين لتعضيد ملكه ، فمضي علي أثر ذلك الملك الكامل محمد إلي الإستعانة بقوة أخري الصليبيين متمثليين في ( الإمبراطور فردريك الثاني ) وأتفق معه علي تسليمه بيت المقدس مقابل مساعدته في القضاء علي أخوته والحفاظ له علي عرش مصر ، وبالفعل دخل فردريك القدس في قوة ضئيلة تقدر بثلاثمائة فارس فقط وأستلمها دون نقطة دماء واحدة ) . أما الحاضر فيقول :- أن الأمبريالية العالمية الجديدة بزعامة إسرائيل وأمريكا تقود العالم للهلاك وبالطبع أولي خطوات هذا الهلاك في الشرق الأوسط حيث الأرض الخصبة من حكام طيعيين وشعوب ضائعة تبحث عن الفتات من العيش لسد الرمق وشباب حائر يفتقد للقيادة والنموذج وخيرات هي الهدف لأعدائها ، وأن صراع أمريكا وأوروبا حول الطاقة وتحديداً البترول هو أحد أهم عناصرها التي يجب الحفاظ عليها وتأمينها ، وبالعودة إلي تصريحاتهم خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة نجد في مجملها هدفاً أساسياً وهو الأستحواذ والأستئثار بالخيرات العربية ، ولا يمنع الأمر إطلاقاً أن تحصل إسرائيل علي هدفها في الأراضي العربية فهي الأداة لتأديب الحكام العرب في حالة الخروج علي النص . ومن هنا كانت الثورات العربية عدواً للحكام العرب وحواشيهم ومعهم الصهيونية والأمبريالية فهذه الثورات قد جاءت بغير توجه أيديولجي محدد وجاءت في غياب قيادة محددة لها ، وإن كنت أري إقتراب آوان إفرازها لتقف في وجه هذه المخططات التي بدء تنفيذها منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 في أمريكا وإعلان جورج دبليو بوش بأنها حرب صليبية بهدف خلق عدو للشعوب الغربيه بديلاً عن الشيوعية وتهيئه هذه الشعوب لأية قرصنة أمريكية إسرائيلية ستحدث علي العالم العربي وإيجاد دعم شعبي إعلامي لهذه القرصنة مع السعي في سبيل ذلك إلي تدمير هياكل الدول العربية وإخراس كل من يعارض الشيطان الأكبر في تل أبيب والشيطان الأصغر في أمريكا وأغراق الشعوب العربية في الفوضي والتوسع في تشويه العقيدة الإسلامية والأساءة للثقافة العربية وإستمرار سيناريو الدمار الإقتصادي والإجتماعي وشراء الحكام المكروهه من شعوبها ، فذلك هو السبيل الوحيد لإعادة تشكيل المنطقة العربية ودرء أية أحلام وأمال للشعوب العربية في الحريه والعدل والتقدم وأمتلاك زمام أمورها بنفسها . وأن هذه الخطوات أخذت تتسارع بعد هزيمة إسرائيل في حربها مع حزب الله 2006 وهزيمتها في قطاع غزه 2009 وخروج إسرائيل من حربيها بغير تحقيق أياً من أهدافها المعلنة وغير المعلنة بالإضافة لحالة عدم الإستقرار السياسي في البلدان العربية الثائرة ودخولها في صراعات داخلية لم تحسم مصيرها بعد . ويمكن القول بأن تدمير إسرائيل في تدبيرها فلم يُعد في صالحها الديموجرافية السكانية لإزديادها لصالح الفلسطينيين ، والتطور التكنولوجي التقني الذي إستفادت منه حركتي حماس وحزب الله في حربهما مع إسرائيل بتطوير كثير من الأسلحة المهربة إليهم لتتمكن من توصيل نيرانها إلي كل شبر في تل أبيب ، وتراجع فكرة الوجود اليهودي في فلسطين المحتلة لدي الشباب اليهودي في العالم وبصفة خاصة داخل إسرائيل ، وتحلل المجتمع الإسرائيلي من الداخل أخلاقياً وفكرياً ، وتنامي فكرة المقاومة وأنها خياراً إستراتيجياً للأمة العربية زادت قيمته بعد حالة الوعي السياسي المتزايد لدي الشباب العربي منذ 2011 حتي الآن وما لهذه التجربة من أثر بالغ في النضوج السياسي للشباب العربي ، بالإضافة لإزدياد الوعي الغربي بكون إسرائيل دولة أثنية قوامها الفصل العنصري والتمييزالعرقي بات مرفوضاً داخل الأروقة الإعلامية الغربية لمناقضتة مفهوم الثقافة الغربية ويمضي متزايداً بعد الأحاديث المعلنة عن كون أحداث 11 سبتمبر مخطط إسرائيلي . وماتحتاجه الأمة الآن هو قيادة جديدة للعالم العربي مؤمنة بصدق وعدالة القضية الفلسطينية مدافعة عن كامل التراب العربي ، مرتكنة علي كون المقاومة السياسية والدبلوماسية وأحياناً العسكرية هي أمر جوهري إستراتيجي للحفاظ علي وحدة الأراضي العربية ، معتمدة علي أسلوب خطاب سياسي وطني يفيق الأمة من غفوتها يستند إلي خطة إقتصادية تنموية طموحة ، محترماً القيم الأخلاقية وحقوق الأنسان معلياً من شأنهما مع أرساء مفهوم جاد وحقيقي للعدالة ، لافظا لأية تبعية أو عمالة ، حينها ستجمع هذة القيادة ملايين العرب وملايين المظلوميين والمقهوريين في العالم وبهم يمكن الضغط علي الحكومات الغربية للحد من حدة وسطوة القرصنة الإسرائيلية الأمريكية بفضح الممارسات الصهيونية في العالم وكسب مزيد من الداعمين للقضية العربية . وأن هذه الأمال والطموحات بيد الله أولاً ثم الشعوب العربية الثائرة والتي لازالت ثوراتها حُبلي بمزيد من الأحداث والمفاجأت وإن كانت المؤشرات السياسية تؤكد علي قرب إحداث تغيير جوهري في البلدان العربية يُعيد تصحيح أخطاء الماضي للحفاظ علي الأراضي العربية وعلينا أن نثق أن إرادة الله هي النافذة وإن كان علينا الأخذ بالأسباب لوقف العدوان علي هذه الأمة والأستفاقة قبل أن تتداعي علينا الأمم كما تتداعي الأكلة إلي قصعتها .