مشاري الذايدي يكتب :

ليست فتوى جديدة بل مناخ جديد!

كثيراً ما يسمع المرء هذه الحجة: أين كانت هذه الآراء المتسامحة دينياً والاختيارات الفقهية اللينة مطوية؟ لماذا تخرج الآن كلها دفعة واحدة؟ والمضمر وأحياناً المظهر هو الجزم بأن ثمة مؤامرة كبرى على الإسلام.. كل الإسلام!

مثلاً، في السعودية ينشأ جدل ونقاش يصل إلى حد اللغط والخوض بلا علم حين الحديث عن تفاصيل تتعلق بالمرأة أو الفنون والترفيه أو العلاقة مع الآخر المختلف طائفياً أو دينياً أو حتى مذهبياً. ومن يرشق بسهام التهم المبرية هم أناس لم يرهقوا أعينهم يوماً بمطالعة عيون المدونات الفقهية القديمة، التي كانت حافلة بجذور الفتاوى والآراء التي يعتبرها الشتّامون الجهلة اليوم، بدعاً من القول.

تحدث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في حوارات صحافية عن أن الإسلام مختطف من ثلة تريد استغلاله لشهوات السلطة، مثل جماعة «الإخوان» أو جماعة الخمينية (ولاية الفقيه) أو جماعة السرورية. وهي فرع رث من «الإخوان»، وأن الإسلام ليس ملكية خاصة لهذه الجماعات. وتحدث في سياق البرهنة على القطيعة مع ثقافة تلك الجماعات عن المرأة، وأن المطلوب منها حسب ما يفهمه الوجدان العام للمسلمين، هو الحشمة والأدب من دون خوض في تفاصيل لون وطراز ونقوشات العباءة أو الثوب الذي ترتديه المرأة المسلمة.

هذا صحيح جداً. الملابس هي نتاج البيئة المحلية والتجربة الخاصة. انظر إلى ملابس نساء موريتانيا أو السودان وقارنها بلباس النساء الشيشانيات أو الإيرانيات أو الكرديات مثلاً؛ كلها ذات سمة خاصة مأخوذة من صميم السياق المحلي، لكنها تشترك في كونها محتشمة يمكن الاستقاء منها في تلوينات حديثة في الأزياء العصرية... وهكذا.

القصد هو أنه ليس ثمة بدعة أو قول جديد لا جذور له يقال اليوم. كل ما هنالك أن الشبابيك الموصدة فتحت فتدفق منها تيار الهواء النقي... الذي لم يخترع أو يوجد من العدم.

نقلاً عن "الشرق الأوسط"