صالح أبوعوذل يكتب:
سباق العودة إلى صنعاء.. الراقصون على وجع الجنوب؟ (3)
يحكي لي الدكتور مداح عوض قائد اللجان الشعبية في لودر، التي أخمدت تمرد عبدالحافظ السقاف في عدن وقدمت الشهيد البطل علي الصمدي، قصة أول لقاء جمعه بالرئيس هادي في 23 (فبراير – شباط) 2015م، قائلاً: دخلت على الرئيس هادي في قصر معاشيق وكنت فرحا، وقلت له "الناس في الجنوب سعيدة بك جدا وتشكر الله على سلامة العودة، وتريد هذه الناس منك موقف يسرها، فرد علي "وحدة الجنوب عندي أهم من حياتي".
يكمل الدكتور مداح حديثه "خرجت من القصر فرحا، وقمت بجولة تفقدية على النقاط الأمنية ، واخبرت الافراد بحديث الرئيس، وبشرتهم بأن الجنوب عاد لنا بعودة الرئيس هادي، كانت المعنويات في السماء، وكان ابطال اللجان الشعبية، على أهبة الاستعداد لتقديم ارواحهم فداء للوطن الذي يحلم به الجميع في الجنوب، وطن تسوده المودة".
مداح عوض طبيب جراح من ابناء مدينة لودر الفتية التي كان لها شرف تشكيل أول مقاومة جنوبية لمقارعة مشاريع صنعاء، شارك في مؤتمر الحوار اليمني على قائمة الرئيس على أمل تحقيق مشروع الاقليم الجنوبي الموحد، وانسحب مع الجنوبيين الذين انسحبوا بعد انقلاب فريق هادي على كل ما تم التوافق عليه قبل واثناء مؤتمر الحوار اليمني.
كان لمداح موقف في مؤتمر الحوار، حين طالب المؤتمر بتحديد موقف من الإرهاب الذي كان يضرب الجنوب ولودر تحديداً.
اعترض على خطاب محمد اليدومي زعيم إخوان اليمن الذي كان يمجد قتلى حزبه في صنعاء، وتساءل "لماذا مؤتمر الحوار لم يتطرق الى بطولات وتضحيات ابناء لودر".
وشدد مداح حينها على مؤتمر الحوار ان يخرج بموقف من "الإرهاب"، وهو ما لم يتم، كما يقول مداح وغيره ممن شاركوا في مؤتمر حوار صنعاء.
لم التق بـ"مداح"، منذ شهور الا فيما ندر، ولكن اعلم انه أصبح ضمن قائمة "خليك في البيت"، بعد ان دمر الحوثيون منزله في لودر وفقد سيارته الخاصة والكثير من الممتلكات، وهو حاليا يقيم في عدن في منزل ايجار، كما اعرف.
مداح واحد من القيادات المغضوب عليهم من قبل ادارة وعائلة الرئيس هادي، ربما لأنه من "أبناء لودر"، الذين عليهم دائرة (حمراء)، بفضل الحسابات المناطقية.
خلال السنوات الثلاث الماضية، وجه الكثير من الجنوبيين نصائح كثيرة للرئيس هادي، وطالبه كثيرون بضرورة خلق تحالف مع الجنوبيين، وتمكين القيادات الجنوبية، خرج البعض، للقول "قد عين عيدروس وشلال".
اقال هادي كل القيادات الجنوبية التي أتت من الحراك الجنوبي، وسعى عن طريق (إدارته) إلى ازاحة كل المحافظين، واعتبر الجنوبيون ذلك انقلابا على الشراكة الجنوبية مع حكومة هادي.
ولأن الهدف ضرب (وحدة الجنوب)، استغل الرئيس المناصب الحكومية للمساومة "أن تؤمن بمشروع الاقاليم الستة، تعال نعينك في منصب حكومي ونفتح لك حساباً في الفندق المجاور لنا".
منصب حكومي وغرفة في ارقى فنادق السعودية او القاهرة او اسطنبول التركية، ولكن ما يقوم به هؤلاء المعينون "الهجوم الإعلامي على المجلس الانتقالي الجنوبي وجزء أصيل وفاعل في التحالف العربي المتمثل في دولة (الإمارات)، التي لم ترضخ لسياسة الابتزاز التي تمارس من قبل بعض القوى اليمنية، التي تدعي انها متحالفة مع الشرعية أو انها الشرعية.".
خذ منصباً ومصروفاً شهرياً، وكل ما تقوم به هو "مجموعة حسابات على تويتر، (بأسماء بنات، لزوم التفاعل) وجروبات على الواتس آب، وكتابة مقالات باسم كتاب جنوبيين، وفنانيين كما حصل مع الفنانة القديرة أمل كعدل، ونشرها بشكل واسع، وارسال تقرير نهاية كل يوم عما قمت به.
وعندما تقول له "عيب الذي تسويه، نحن كنا مع بعض في الساحات نهتف بالجنوب وبوحدة الجنوب، بعد ان كرهنا الوحدة مع اليمن الشمالية"، يرد عليك "يا اخي نحن مع الرئيس هادي ولسنا مع الشرعية، هادي اعاد لنا الجنوب".
تسأله: فين الجنوب هذا؟، يرد عليك "هادي سلمكم الجنوب وانتم فشلتوا، وعيدروس الزبيدي انقلب على الرئيس الشرعي".
يحسب لعيدروس الزبيدي انه لم يدخل في خصومة مع اي جنوبي، هو رجل وطني يحب الجميع، رغم تصرفات بعض اتباعه، ومنهم (أبو عبدربه)، الذي يعمل على حشر الرجل في صراع جنوبي - جنوبي.
يعرف الجميع ان القرار الرئاسي مصادر منذ ثلاثة اعوام وأكثر، لكن الاطراف الشمالية استطاعت بخبث ان تحشر هادي في زاوية ضيقة وضربت عصفورين بحجر.
نجحت في شراء ذمم بعض القيادات الجنوبية التي أعلنت موافقتها على مشروع تقسيم الجنوب والاستعداد لمناهضة المجلس الانتقالي الجنوبي، والآخر اظهار ان هادي انفصالي وانه يسعى لتمكين الجنوبيين من السلطة والحكم، وهذا غير صحيح، فمعضم القيادات الجنوبية التي التحقت بهادي كان التحاقها فقط نكاية بالمجلس الانتقالي الجنوبي، بدعوى انه لم يستوعبهم.
حاول هادي ان يقلد سلفه صالح في الرقص على رؤوس الثعابين، لكن هادي يمارس الرقص ولكن على وجع الجنوبيين.
تحدثت خلال السنوات الماضية ان خلافنا مع الرجل هو حول فشله في إدارة الجنوب الذي سلمه له المقاومون على طبق من ذهب وقالوا له أنت زعيمنا "امضِ بنا نحو الانعتاق من حكم صنعاء"، لكنه أصر على تطبيق مشروع تجاوزته الحرب العدوانية التي شنها الانقلابيون على الجنوب في العام 2015م، فكما قضت حرب العدوان الأولى 94م، على مشروع الوحدة السلمي فإن حرب 2015م، قد قضت على مشروع الاقاليم الستة.
لم نختلف مع هادي منذ ما بعد عاصفة الحزم وتدخل التحالف العربي، بل كان خلافنا مع الرجل منذ ما قبل ان يكون مرشحا لرئاسة اليمن، وقال الكثير وأنا منهم "إن ترؤس هادي لليمن هدفه شرعنة الاحتلال اليمني".
خرج الجنوبيون كلهم ضد انتخابه، ودعوا الى الدخول في تسوية سياسية شاملة بدلا من الحل المؤقت الذي كان متوقعا أن يولد صراعاً دموياً وهو ما نشهده.
في 26 فبراير (شباط) 2015م، كتبت مقالة مطولة نشرت في جريدة رأي اليوم العربية، أوردت فيها بالحرف " بات هادي سلاح المرحلة في ظل محاولات إخوانية لاستخدامه ضد خصومهم الذين أخرجوهم من صنعاء إلى دولة تركيا.
وفي حالة رضخ هادي لسياسة الإخوان ورفض المطالب الجنوبية فهذا قد يشعل حرباً أهلية في البلد المضطرب منذ سنوات, على اعتبار أن لهم تجربة مريرة مع الحزب الإسلامي في العام 2011م , حين تنصلوا عن وعودهم بحل قضية الجنوب.
فهل يكون هادي سلاح الإخوان المسلمين؟ بما يعني مواجهة الجنوب أو ان يجلس مع الجنوبيين (أهله) ليؤكد لهم جديته في معالجة قضيتهم التي كان هو احد أدوات صنعاء لاحتلال بلادهم؟.
فهادي اليوم ليس بحاجة لمعاداة أهله في الجنوب, خصوصا أنهم يرونه أحد الأدوات التي ساهمت في تدمير بلادهم , وتمكين قوى الشمال من نهب ثرواتها"؛ انتهى الاقتباس.
قرارات هادي لا تمكن الجنوبيين بل تضرب الجنوب وقضيته من خلال هذه الادوات التي لم تقدم للجنوب شيئاً سوى ترديد ما تقوله مطابخ قطر، هادي ماض نحو تفتيت اللحمة الجنوبية، وضرب النسيج الجنوبي من أجل مشروع لن يجني منه هادي شيئاً، فهو ذاهب في اقرب تسوية سياسية، فما الذي سيستفيده من مشروع تقسيم الجنوب، خاصة أنه في المرحلة القادمة سيتم استبعاد هادي وكل من عمل معه، وقد يصبح من المغضوب عليهم شمالا، رغم كل ما قدمه لهم.