مشاري الذايدي يكتب:
إصابة صلاح بلاء أم نعمة؟
تكشف الطريقة التي تلقى بها المصريون وكثير من العرب أيضاً، إصابة اللاعب المصري، نجم وهداف نادي ليفربول الإنجليزي في نهائي دوري أبطال أوروبا مع ريال مدريد، عن جانب من "عطب" التفكير وكيفية الفهم لدى ناسنا.
القصة معروفة، لمن تابعها، وهي أن هذه المباراة الحاسمة في قمة كرة القدم الأوروبية للأندية، كانت تمثل حلماً للمصري الموهوب محمد صلاح، أسوة بغيره من لاعبي ليفربول وريال مدريد أيضاً، خاصة من الآتين من دول العالم الثالث، ولكنه تعرض لإصابة موجعة على يد مدافع ريال مدريد الإسباني العنيف سيرجيو راموس، وخرج حزيناً من اللعبة، وغضب لأجله الملايين في مصر وخارجها.
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى في رده على "المثير" الكويتي مبارك البذالي، أن البلاء قد يكون من علامات حب الله للعبد وقرب العبد من ربه، وأن على البذالي أن يشتغل بنفسه ويدع عنه الناس، يعني بالعربي المصري: "حلّ عننا"!
إلى هنا والأمر معقول وضمن المتوقع، لكن بعدها تحولت القصة إلى تراشق سياسي وخبط عشواء، وعباس على دباس و"حيص بيص"، فاشتغلت أجندة الإخوان وقطر وتركيا و"شوية ثورجية"، لتحاول الركوب على موجة التعاطف الشعبي "التلقائي" المصري والعربي أيضاً مع الموهوب صلاح، أو أبو صلاح.
قيل هناك مؤامرة لتحييد صلاح، خلفها اللاعب الإسباني راموس وربما دول أخرى غربية وعربية و"ماعرف إيش"!
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تحولت قصة صلاح في موقعة ليفربول وريال مدريد إلى جدل ديني!
نعم، فقد غرّد - لا فُض فوه - ناشط كويتي متزمت ومثير للجدل دوماً، هو مبارك البذالي، فقال على حسابه بـ"تويتر" إن إصابة صلاح كانت بمثابة عقاب من الله "بسبب قراره اللعب مفطراً (في رمضان) في ناديه ليفربول". وقال في تغريدة أخرى: "هداك الله يا محمد صلاح ولعل الأمر فيه خير لك في كل نواحي الحياة".
من جانبه، أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى في رده على "المثير" الكويتي مبارك البذالي، أن البلاء قد يكون من علامات حب الله للعبد وقرب العبد من ربه، وأن على البذالي أن يشتغل بنفسه ويدع عنه الناس، يعني بالعربي المصري: "حلّ عننا"!
ويدلي الأزهري الدكتور محمد عبدالعاطي، رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية في جامعة الأزهر، بدلوه مع الدلاء، فيقول إن محمد صلاح أفطر في مباراة ليفربول مع ريال مدريد بموجب رخصة شرعية منحها له الله عز وجل.
ليس مهماً التعليل الفقهي لترخّص صلاح بالفطر في رمضان، أكان رخصة السفر أو رخصة العمل الشاق، المهم هو أن هذه الواقعة بكل تفاصيلها، كشفت لنا كيف أن "جهاز الاستقبال" عندنا - لا أخص المصريين فقط - معطوب ومبرمج على تسييس وتديين كل الأشياء من حولنا مهما بدت بعيدة عن ذلك.
نقلا عن "الشرق الأوسط"