وهيب الحاجب يكتب:

كلوا إنترنت !!

المواطن في عدن ومحافظات الجنوب وكذلك الشمال لا يحتاجُ اليوم إلى 20 جيجا بايت إنترنت بثلاثة ألف ريال بقدر ما يحتاج إلى كيس دقيق بأقل من عشرين ألفاً.. الناسُ لم تعدْ تطمع بتكنولوجيا ولا بخدماتٍ ترفيهية ولا بإنترنت واتصالات، فالفقرُ والجوع والمرض والحاجة أنستْ الشعبَ مثل هذه الكماليات إلا أن حكومة أحمد عبيد بن دغر التي تُوصف زوراً وبهتابا بـ"الشرعية" تصرُّ على تخدير الناس بمثلِ هذه الخدمات والمشاريع وحالها كـ"الحمار" الذي يحمل أسفارا !!.

الحكومة بما يحمله وزراؤها من (أسفار) لم تكتفِ بما وصلت إليه وانتجته من فشلٍ سياسي سهّل للانقلابيين الحوثيين السيطرة على البلد ومقدراتها ومكّن جماعات متسيسة ومتأسلمة من مفاصل الدولة والتحكم بمصير المواطنين ومعيشة الناس.. بل راحت إلى ما هو أبعد من ذلك وأمعنت وأوغلت في تعذيب الناس وعملت وتعملُ حثيثا على رفع حدة المعاناة، ويبدو أنها -بما يملكه بعض الوزاراء من (براذع)- حريصةٌ تماتا على إنهاك المواطن وشل قدرته واستنفاذ طاقته كي تتمكنَ في الأخير من (سرقة) إرادته وسلب مواقفه السياسية وتغيير ثوابته الوطنية لا سيما في عدن ومحافظات الجنوب التي تتأهب إرادةُ مواطنيها لاستحقاقات سياسية مع تحركات المبعوث الأممي مارتن جريفثس والمفاوضات المقرر بدؤها بجنيف في السادس من سبتمبر المقبل.

 

الانهيار الأخير لسعر الريال اليمني والارتفاع الجنوني في المواد الغذائية والاستهلاكية وانعدام المشتقات النفطية والتلاعب بتسويقها بالتزامن مع التحضيرات الأممية لبدء مشاورات جنيف.. لا ينفصل عن توجهات الشرعية اليمنية الساعية دوما إلى التشويش عن أي فعل شعبي أو توجه سياسي جنوبي أو تحركات للتعبير والمطالبة بالاستحقاقات السياسية المتمثلة صراحة بـ"الانفصال" واستعادة دولة الجنوب، ولا يبعد كثيرا عن سياسة "العهر" التي تمتهنها حكومة الشرعية اليمنية تجاه الجنوب وتجاه كل من وما هو جنوبي يحمل مشروع الاستقلال ويرفع شعارات اللاعوة إلى باب اليمن.

 

الاحتجاجات الشعبية في عدن ومحافظات الجنوب كافة يجب ألّا تنساقَ وراء ما تريده الشرعية اليمنية وهو (رفع شعارات خفض الأسعار وتحسين المعيشة وصرف المرتبات).. ويجب ألّا تتناسى القضية الأهم والمطلب الجوهري وهو استقلال الجنوب واستعادة الدولة كإجماع شعبي واستحقاق سياسي مشروع، فالأسعار وتحسين المعيشة هو الصوت الجنوبي الذي تريد الشرعية إيصالة إلى جنيف للتغطية والتمويه والتدليس على صوت الاستقلال ومطالب استعادة الجنوب دولة ذات سيادة.

 

نعم.. خفض الأسعار وتحسين المعيشة مطلب شعبي في الجنوب وربما ضرورة قصوى نظرا لحال الناس ووضعهم لكن الحكومة التي افتعلت هذا الوضع لن تعالجه وستكتفي بالترويج لمشاريع اتصالات وإطلاق أقمار صناعية وسكك حديدية وطاقة نووية ولسان حالها يقول للشعب "كلوا إنترنت" !

 

في الجنوب لن تتحسن المعيشة ولن تصلح الأوضاع إلا بانتزاع الاستحقاق الجماهيري المتمثل في دولة جنوبية خالصة ومنزههة من شوائب الأقلمة ومتاهات اليمننة.. ومن احتجاجات عدن يجب أن يدرك الانتقالي الجنوبي ما تريده الشرعية ويستخلص العبر والدروس إن كان مازال انتقاليا ولايزال جنوبيا !!

وهيب الحاجب