نهى البدوي تكتب لـ(اليوم الثامن):
الطريق إلى النفق المظلم
ليس هناك أي تفسير آخر لاستمرار العمليات الإرهابية لأفاعي الإرهاب «القاعدة» و«داعش» في اليمن، التي تطل من نفقها المظلم على المجتمع لإقلاق سكينته بتنفيذها ثم الاختفاء عن الأنظار، بالرغم من تراجعها هذا العام، مقارنة بالأعوام السابقة، والتي كان آخرها الهجوم الإرهابي الذي شنه عناصر يعتقد انها تتبع تنظيم «القاعدة» مساء الثلاثاء الماضي على نقطة أمنية تتبع الحزام الأمني بمديرية أحور محافظة أبين جنوب اليمن، وقتل وجرح ثمانية جنود، بحسب ما نشر في صحيفة الأيام الأربعاء العدد ٦٣٠٨، غير أن التنظيمات الإرهابية تريد توجيه رسائل لأطراف متعددة داخلية وخارجية، وكإشارة لإثبات وجودها، وقدرتها على زعزعة الأمن، وحرصها على إبقاء وجود خطرها من خلال استمرار عملياتها الإرهابية للأضرار بمستقبل اليمنيين، وحتى وإن اختفاء وتوارى عناصرها عن الأنظار فلا يعني هذا زوال خطرها.
ستنتهي مخاطر الحرب مع الوقت بفضل الله ثم بإرادة اليمنيين، وسيتغير واقع الدمار والخراب والأحزان الذي تخلفه، وستخف تداعياته على مستقبل اليمن، كما حدث في الحرب الأهلية في لبنان، ويوغسلافيا واثيوبيا، واريتريا وغيرها. وفيما يبدو أن المخاطر والواقع الذي يخلفه استمرار العمليات «القاعدة» و«داعش» هو الأكثر خطورة وتأثيراً على مستقبل الانسان اليمني، ويشق طريق لنفق مظلم أمام مستقبل اليمنيين، لا يمكنهم الخروج منه بسهولة، والعبرة بما حدث في أفغانستان والصومال وغيرها من البلدان التي اكتوت بنار الإرهاب. لقد رسم الإرهاب بعد إن صار اليمن بلداً مباحاً لتحركات العناصر الإرهابية لتنظيم «القاعدة» منذُ تسعينات القرن الماضي، واتخذ منه أرضاً لتصدير عملياته الإرهابية إلى الخارج، صورة مشوهة عن اليمن واليمنيين في عيون العالم، واجه ويواجه اليمنيون صعوبة محوها وتغييرها؛ ليأتي بعده تنظيم «داعش» الإرهابي في السنوات الأخيرة؛ ليستغلا معاً ظروف الحرب المشتعلة فيه منذُ أربعة أعوام، والاستفادة منها بشكل علني وكبير الذي عزز وجودهما وتلك الصورة المسيئة لليمن.
إن استمرار تنفيذ العمليات الإرهابية، يلحق باليمن وباستقرار المجتمع والمواطن الضرر الأكبر، حيث يعد أحد أهم الأسباب للتدهور الاقتصادي، والفوضى الأمنية، وانتشار السلاح، والأفكار المتطرفة، ومغادرة المستثمرين ورؤوس الأموال المحلية والخارجية البلد، ولكي يستعيد اليمنيون ثقة الخارج ببلادهم، فإنه يحتاج إلى جهود كبيرة لعودة الشركات للاستثمار في الثروات النفطية والمعدنية وغيرها من الثروات التي تختزنها بلادنا. أما الآثار المدمرة لاستمرارها على المواطن اليمني في الخارج؛ فلا تزال تهمة الإرهاب تلاحقه، لينال نصيبه من المضايقة والشكوك، وصعوبة قبول اندماجه في مجتمعات الخارج، والنفور منه وإغلاق أبواب العيش والعمل أمام؛ ليدفع بذلك ضريبة استمرار العمليات الإرهابية لتنظيمي «القاعدة» و«داعش» في بلده، ولأنه يمني فأن هذا المصير ينتظره أينما ما حل ورحل، وهذا ناتج عن المخاوف الأمنية لدى دول الخارج.
للأسف لا يزال بعض ذوي التأثير الديني، والاجتماعي، والسياسي، من ينظر بسطحية لخطورة الضرر والتأثير الذي يخلفه استمرار العمليات الإرهابية في اليمن، وتنطلق نظرتهم له من منطلق التعامل معه كضرر، ناتج عن جرم جنائي اعتيادي، واختزال وقوعه، وزمن تداعياته على الضحية وفترة ارتكابه فقط! دون النظر لامتداد تأثيره مستقبلا على البلد والمجتمع، وعدم قيامهم بتوعية المواطن بهذا الخطر والدفع بالأجهزة الحكومية، والمؤسسات المجتمعية؛ لاستنهاض قدراتها، لمنع استمرار الجرائم والعمليات الإرهابية.
إن التعريف بضرر استمرار العمليات التنظيمات الإرهابية «القاعدة» و«داعش» على مستقبل اليمن، وحث المواطن على عدم السماح للأفاعي الإرهابية التخفي في مناطقهم أو التعايش معها، والعمل على اخراجها من جحورها للقضاء عليها، ونزع سمومها، مهمة وطنية تقع على عاتق الجميع ستعزز جهود الممانعة لاستمرار محاولة الإرهاب جر اليمنيين إلى طريق النفق المظلم المراد عزلهم فيه عن العالم، وستعزز حمايتهم من الخطر الدائم الذي يهدد مستقبلهم.