حمد الكعبي يكتب:

العقار المحلي إلى قوة واستقرار

تحليلات الخبراء تشير إلى أنّ القطاع العقاري في الدولة يتجه نحو الاستقرار مع مطلع العام المقبل، وأن التراجع في الأسعار، بعد أكثر من صعود، ليس إلا مؤشراً إيجابياً على حيوية السوق المحلية، وقدرتها على التوازن والتكيّف، وصولاً إلى تصحيحات سعرية، تتيح لذوي الدخول المتوسطة فرصاً أفضل للتملك والإيجار، دون استنزاف حاد للدخول.
هذا دليل عافية من ناحية أخرى، فالأسواق العقارية التي شهدت انهيارات كبيرة في العالم في السنوات الماضية، لا تشبه حركة السوق ونشاط قطاعاتها في الإمارات، من حيث متانة البنية التحتية، وقوة الاستثمار، وجاذبية السمعة، وما يتصل بذلك من استقرار أمني واجتماعي، وسواه.
الدولة تعي جيداً أن العقار ليس معزولاً عن مجمل النشاط الاقتصادي، واستعدت بمشروعات عملاقة اتحادياً ومحلياً، في الوقت الذي علّقت فيه دول كثيرة في المنطقة خططها، تأثراً بالتحوّط العالمي، لكنّ خبرتنا في إدارة أزمات من هذا النوع، أظهرت أداءً جيداً للعقار منذ العام 2007، وما تلاه من ارتدادات الأزمة المالية العالمية.

الآن هناك تسهيلات استثنائية في مبيعات العقار وإيجاراته، وأنْ يلجأ المطورون إلى عروض تنافسية، والمالكون إلى منح المستأجرين شهراً أو شهرين مجاناً، فهذا تجاوب طبيعي مع السوق، وحدث سابقاً، وأثبت أنّ العقار المحلي قادر على امتصاص تبعات التقلبات السعرية، فنحن بلد يتبنى سياسة اقتصادية منفتحة، تجذب رؤوس الأموال العالمية، والمناخ العام في التشجيع على الاستثمار أكثر من استثنائي.

لذلك، فإن العام المقبل مُبشِّر جداً في هذا الصدد، ونحن نتحدث عن ثلاث سنوات مقبلة، تواصل فيها الدولة إنفاق مئات المليارات في مشروعات استراتيجية، مثل معرض «إكسبو دبي 2020»، و«مشروع الرويس الصناعي»، و«مسرّعات أبوظبي التنموية»، وهذه وغيرها كفيلة بانتعاش عقاري كبير، لا يرفع الطلب على الوحدات السكنية والتجارية المنجزة فقط، وإنما يفتح المجال واسعاً أمام التوسع في بناء المجمعات الاستثمارية والسكنية، وبمزايا تنافسية عديدة.
كل ذلك، وكبرى الشركات العالمية والمحلية تواصل الاهتمام بالسوق الإماراتية، اعتماداً على الثقة بالاقتصاد الكلي، وأظهرت البيانات الرسمية أن متوسط العائد على الاستثمار العقاري في الدولة بلغ 9% العام الماضي، فيما بلغ المتوسط نفسه 12? في قطاع الفنادق، ولا تزال السياحة تدر مدخولاً جيداً، وتنشط تجارة التجزئة، وقد سجّلت نمواً يزيد على 6% في 2017، ومن المتوقع أن تصل عائداتها إلى 131 مليار درهم مع نهاية العام.
يهمنا الآن، ونحن في صدارة البلدان المفضلة للعيش والإقامة، أن ندرس احتياجات سوقنا المحلية، وتلازم مسارات الاستثمار عموماً، بحيث يكون العقار قطاعاً متعاضداً مع سائر التنويعات في اقتصادنا المحلي، كما أنّ مزاج السوق يجب أن يبقى معتدلاً في التسعير، وضمن سقوف تحددها المصلحة العامة، وتشرف عليها الدوائر والجهات العقارية في الدولة.