نشوان الخراساني يكتب لـ(اليوم الثامن):

اليمن.. سرطان الحوثي وصالح والاخوان المسلمين

على امتداد تاريخ اليمن الحديث كانت تحالفات جماعة الإخوان، ممثلين بحزب الإصلاح، تتأرجح بين الأعداء والحلفاء كلما تغيرت بوصلة مصالحهم. بدأ أتباع عفاش أكثر الذين يتحدثون عن علاقات حوثية بالإصلاح، وذلك يعود الى وقوعهم في فضيحة القرن المتمثلة في إحيائهم الإمامة، وأن يكونوا الجسر الذي عبرت عليه لإسقاط الدولة اليمنية، ولا يزالون أسرى للحوثي، ولما وجدوا أن الإصلاح يتمتع بالالتزام بالدولة اليمنية، والسلطة الشرعية، وأنه لم يتلوث بعلاقة ما مع التمرد الحوثي، فإنهم يشعرون بالبؤس الشديد ويتذوقون خروجهم على القانون، والتمرد على الدولة، وأنهم موصومون بالتحالف مع الإمامة الكهنوتية ضد إرادة الشعب وتطلعاته. انها وصمة لن تمحى بسهولة من الذاكرة الجمعية للشعب.

وتذبذب الإخوان وغدرهم بحلفائهم ليس وليد الواقع الحالي في اليمن بل يرجع إلى تاريخ ظهور الجماعة وتأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي بنى علاقة منفعة مشتركة مع صالح في بداية التسعينيات. وتقلد الإخوان في تلك الفترة وزارات سيادية في حكومة ائتلافية عقب انتخابات عامي 1993 و1994. ومع انقلاب الحوثيين مع حليفهم علي عبدالله صالح على الشرعية في اليمن عام 2014، كانت المواقع العسكرية التي يسيطر عليها قياديون من الإخوان تسقط بيد الانقلابيين دون قتال وخاصة تلك المواقع في محافظة عمران شمالي البلاد.

أن جماعة الإخوان تحولت في الوضع الحالي لليمن إلى سرطان مع عفاش (صالح) والحوثي لاستنزاف التحالف العربي. قيادات في حزب الإصلاح قامت بالتآمر مع المتمردين الحوثيين وقوات علي عبدالله صالح لتقويض الانتصارات التي حققها التحالف العربي في السعودية، وفي زعزعة الأوضاع الأمنية في المناطق المحررة. وفي مطلع يوليو عام 2014، حين توعدت جماعة الاخوان ( الاصلاح ) بأن لديهم 40 ألفاً من المقاتلين الذين قالوا إنهم سينطلقون لقتال الحوثيين، لكن سرعان ما اختفوا ليفاجأ اليمنيون بأن مدنهم تسقط بيد المليشيات الحوثية القادمة من مران، دون أي قتال.

وحينها أكد قادة حزب الإصلاح أن قيادة جماعة الإخوان أصدرت أمراً بوقف قتال الحوثيين، والذهاب نحو مفاوضات سلمية معهم، ولم يتحرك الحزب ضد الانقلاب حتى بالتصريحات إلا بعد أن أدرك بوجود تدخل عسكري عربي يدعم الشرعية اليمنية. ويدرك الجميع أنه لا يمكن التقاء الحوثي مع الإصلاح؛ فالحوثية ابتداءً غير قابلة للتعايش مع اي طرف، ومنطلقاتها إقصائية وكذلك سلوكها ، وإذا كانت على هذا النحو فأنى يمكن أن تلتقي مع الإصلاح؟! قد يلتقي الحوثيون مع مجلس الزبيدي ولو ضمنا أو مرحليا، وقد التقى الحوثي مع صالح والمؤتمر الشعبي تحالفا، وصار بقايا حزب البعث جزءا من الحوثيين، وقد لا تجد قوى أي قاسم مشترك مع الحوثيين، لكنها تلتقي معه في الخصومة مع الإصلاح.

وعلى عكس ما يروج له البعض فإن الإصلاح أكثر المستهدفين من قبل الحوثيين، وقد نجح الحوثي في تحييد قوى واستقطاب قوى، بذريعة أنه لا يستهدف الا الإصلاح، وكان ذلك تكتيكا تبين لاحقا أن الشعب وقواه جميعا مستهدفون من قبل الحوثيين. من الطبيعي أن الإصلاح يتفاعل مع أية معركة لتحرير أية منطقة في اليمن، من طغيان الحوثي، وان ذلك يأتي في سبيل استعادة الدولة اليمنية، وأكثر الجهات التي عبرت عن الغيظ من ذلك هم أتباع عفاش، والحوثيون بالطبع الذين يحاولون عبثا كسر الوحدة الوطنية وزعزعة الثقة بين أطراف الشرعية عبر استهداف الإصلاح وتشويه نضاله الوطني بالدعاية المضللة التي من الواضح ان الشعب اليمني بأن أكثر خبرة ودراية بها أكثر من اي وقت مضى.