سلمان الدوسري يكتب :

حتى لا ينهار اتفاق استوكهولم

قبل أيام، استهدف الحوثيون بعملية إرهابية غادرة احتفالاً للجيش اليمني، بواسطة طائرة «درون» إيرانية الصنع، حملت 30 كيلوغراماً من المتفجرات، انفجرت في الهواء فوق المنصة الرئيسية لكبار الضيوف، وأسفرت عن سقوط 6 قتلى و18 جريحاً من أفراد الجيش اليمني، الذين كانوا يحيون الاحتفال بحضور عدد من كبار قادة الجيش. 

هذا الهجوم مثَّل انعطافة خطيرة أمام اتفاق السلام المبرم في استوكهولم منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ لكن هذا الهجوم لم يكن هو الانتهاك الوحيد الذي ارتكبه الحوثيون منذ بدء وقف إطلاق النار في الحديدة. فقد بلغت الانتهاكات نحو 500 انتهاك مسجل، ناهيك عن خرقهم لالتزامهم في السويد من خلال عدم الوفاء بمواعيد الانسحاب النهائية من ميناء الحديدة، التي حددتها الأمم المتحدة، كما لم يتم التوافق على إجراءات بناء الثقة، وهو ما يضع اتفاق استوكهولم بعد مرور أكثر من شهر على إبرامه، على حافة الانهيار، بتعنت الحوثيين وعدم تنفيذهم لالتزاماتهم التي أقروها ووافقوا عليها مسبقاً أمام المجتمع الدولي.

ربما ليس جديداً هذا النكوص الحوثي عن مخرجات استوكهولم، فالميليشيا الحوثية أثبتت منذ اليوم الأول لانقلابها على الشرعية اليمنية في سبتمبر (أيلول) 2014، أنهم ليسوا أداة للسلام، ولن يجنحوا يوماً للسلم؛ بل إن هناك أكثر من 75 اتفاقاً منذ الحروب الست التي جرت بينهم وبين الجيش اليمني، لم يلتزموا باتفاق وحيد بينهم، وهو ما أكدته الميليشيا على لسان «وزيرها» في حكومة الانقلاب غير المعترف بها حسن زيد، أن موافقة جماعته على اتفاق السويد «خطأ استراتيجي»، باعتبار أن جماعته خسرت كثيراً من الأوراق الإنسانية التي كانت تزايد بها في أروقة المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وأن الأنظار أصبحت مسلطة فقط على تعنت الجماعة ورفضها تنفيذ الاتفاق. 

المشكلة الأساسية التي تواجه أي حل منتظر للأزمة اليمنية، هو التعاطي الناعم من قبل الأمم المتحدة مع سلوكيات الحوثيين المخالفة لأي اتفاق للسلام، وتكرار تقويضهم لكل الاتفاقيات السابقة. وما دامت ليست هناك أي عواقب لهذه الانتهاكات، فما الذي يجبر الحوثي، ومن خلفه إيران، على القبول بأي اتفاقية سلام؟!

انتهاكات الحوثيين لاتفاق استوكهولم تشكل تهديداً خطيراً آخر لمصداقية عملية السلام المتعثرة دائماً بفعل سلوكياتهم، في ظل أن الأمم المتحدة تسير في خطوات واضحة في عملية السلام، حتى إذا تعثرت تخلت عن دورها في تسمية الجهة التي تتسبب في ذلك. ففي حال انهيار الاتفاق الحالي فإن مصداقية المنظمة الأممية ستكون ضعيفة جداً، ومن دون تأكيد المجتمع الدولي والأمم المتحدة أن الحوثيين هم الطرف المتعنت والمتلاعب بما تم الاتفاق عليه في السويد، فإن الأزمة اليمنية ستتعثر بشكل أكبر مما كانت خلال الأربع سنوات الماضية، وستفشل كل الجهود الرامية لإحلال السلام، وستستمر حالة الفوضى وجعل اليمن بؤرة لضرب وتهديد الأمن القومي العربي بشكل عام، تحت مرأى ومسمع وموافقة المجتمع الدولي والأمم المتحدة.

حتى يتم إنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار الهش أصلاً، وحتى لا تعود أزمة اليمن لنقطة الصفر من جديد، لا بد من تدخل المجتمع الدولي لإيقاف الانتهاكات التي يقوم بها الحوثيون، وتسمية الأشياء بأسمائها، بأن الحوثيين هم المتخلفون عن اتفاقية السلام، وحينها من الضروري تدخل الولايات المتحدة باعتبارها الدولة التي دفعت ودعت لمباحثات استوكهولم، وتسمح للجيش اليمني باستكمال خططه لتحرير الحديدة وكامل المدن الأخرى بقوة السلاح، فما لم يحقق بالسلام لا توجد إلا الحرب وسيلة لتحقيقه.