د.أحمد عبيد بن دغر يكتب:
الدفاع عن الضالع .. يبدأ بمران
تشتغل المعارك في مريس، والعود، في الضالع وإب، ربما كان الأمر مفاجئاً للبعض. لكنه ليس كذلك فللأحداث اليوم سابق صلة بنظرتنا للانقلاب، وللوحدة الوطنية، ومع ذلك فإن فرصة أخرى تتاح اليوم في ظروف مختلفة ليست بالضرورة إيجابية بالنسبة للشرعية وللتحالف الحليف القوي في معركة اليمن مع التخلف لصدد العدو، وتحقيق تقدم في مسار المعركة.
لقد قلنا وكررنا القول أن الدفاع عن الضالع وعدن وكل المناطق المحررة يبدأ بتحرير صنعاء وهزيمة الحوثيين حتى مران، ولهذا فكل المعارك والمطالب الثانوية التي يثيرها البعض في سياق معركتنا لاستعادة الدولة ليست سوى تنكراً لقيم سبتمبر وأكتوبر ومايو العظيم، وخدمة مجانية للعدو، أذكر حينها قال أحدهم: اليمن هذا الذي تتحدثون عنه ليس لنا به دخل. وهمَّ بمغادرة أول اجتماع لمجلس الوزراء ينعقد في عدن.
ولأن اليمن واحد أرضاً وشعباً وهوية، فإن كل الأراضي المحررة ستبقى مهددة بأحلام الحوثيين في السيطرة، وستكون الضالع ومناطق التماس كلها في مرمى مدافعهم وعلى قادة الجيش الوطني أن يوائموا بين خطط دحر العدو في الضالع وإب وبين خطط الوصول إلى صنعاء، وكذلك الأمر في بقية الجبهات وذلك إن أرادوا النصر وحماية المناطق المحررة، فنتجاوز بذلك خطأ ندفع ثمنه حتى اليوم وقد تدفع المنطقة كلها ثمنه غداً. فظروف تحقيق النصر على العدو لا تتكرر دائماً.
لن يتحقق الأمن في المناطق المحررة بمعزل عن النصر على الحوثيين ولن تستقر اليمن وتأمن إلا في ضل الدولة ووحدة القوى الوطنية اليمنية كافة، هذه بديهية يجب استيعابها. ولكنها لا تؤتي ثمارها بمعزل عن الإيمان بالهوية اليمنية الجامعة، باليمن الاتحادي الواحد الموحد. والعودة للجذور، للأصل، والعمل في المرحلة الراهنة تحت سقف الشرعية، وبوحدة في الموقف والأهداف مع التحالف العربي بقيادة المملكة.
وللتذكير فقط فأن ثورة أكتوبر قد إنتصرت لتوافق الإدارة الوطنية في الجنوب في التحرر من الاستعمار مع دعم ثورة سبتمبر في الشمال التي شكلت خلفية وطنية استمد منها ثوار الجنوب الدعم والإسناد والعطاء، وما كان لجمهورية
سبتمبر أن تبقى حتى اليوم لولا مشاركة أبناء الجنوب في دعم بقائها، والأنتصار لها ولقيمها الوطنية في الحرية والاستقلال.
كانت ولازالت همومنا وتطلعاتنا مشتركة، وما مناطقية بعضنا اليوم، إلا من مناطقية بعضنا بالأمس، ولأنه لم يكن هناك أفق للمشروع المناطقي في الجنوب قبل الاستقلال، فلن يكون للمشاريع المشابهة أفق اليوم. ومن المؤكد أننا لن ننتصر بخطاب مناطقي يرفع أعلام وأناشيد ولافتات مناطقية، ولن نحمي اليمن بمشاريع انهزامية. فالهويات الوطنية لا تصنع ولايمكن الحصول عليها معلبة.
لقد مرت معظم تجارب التوحيد في العالم بصعوبات جمة، وكادت بعضها أن تسقط لولا جذور عميقة،غالبت عوامل الانفصال وتجاوزتها. وفي بلادنا ينبغي الاَّ نحمَّل الوحدة وزر السياسات الخاطئة، والتصرفات غير القانونية التي رافقت العقود الأولى من قيامها، فليس هناك مخطئ واحد يمكننا تحميله المسئولية كاملة عما جرى، فالكل قد أخطأ ولا وجود بيننا ولا مجال للادعاء بمعصومية ليست من طباع البشر، إلا أن بعضنا سوف يتحمل النصيب الأكبر من هذه الأخطاء بحكم المسئولية.
أعيدوا للوحدة في المحافظات الجنوبية والشرقية قدسيتها التي كانت عليها، في البيت والمدرسة والمصنع والمزرعة وفي الشارع، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، فالوحدة فوق أنها قضيتنا المصيرية فهي تخلق التوازن في حياتنا المادية والروحية، وهي أداتنا للعبور نحو المستقبل وحصننا إذا داهمتنا النوائب، وهي المنقذ من كل الكوارث، من العصبية المذهبية والمناطقية والكراهية التي زرعها البعض في نفوس بعضنا، الوحدة طوق النجاة، وهي زاد المقاتلين المعنوي وقوة الدفع المجتمعي نحو مخرج مشرف للجميع، والقتال من أجلها في الساحل الغربي أو في إب والضالع وفي كل الجبهات شرف لا يضاهيه شرف.