اسعد عبدالله علي يكتب لـ(اليوم الثامن):
العراق: الكهرباء والشعب ونسخ صدام
قرر ان يجلس يشاهد التلفزيون بعد يوم متعب, ايام الحصار لا تنتهي والرزق متعسر, وجواسيس البعث لا يشغلهم الا كتابة التقارير لقطع رقاب الجيران, لا خيرات كثيرة امامه في التلفزيون, فهما قناتين فقط, وكلتاهما بيد النظام واحدة بيد صدام والاخرى بيد عدي صدام!
قناة عدي "الشباب" رقص وغناء وترويج لابن الطاغية, اما قناة العراق فالأخبار لا تنتهي عن معجزات الصنم صدام, وعن اجتماعاته التي لا تنتهي مع زبانيته. الخبر على قناة العراق ملخصه : "اجتماع القيادة القطرية لحزب البعث بتاريخ 13/ شباط من عام 1999 وقررت ما يلي, اولا: الاستمرار بسحق الشعب, عبر استمرار الضغط على محاور السكن والخدمات والعمل والامان, فيمنع ايصال الخدمات للمواطن, والاهم بينها الكهرباء فيتم قطعها بحيث يذوق الشعب لهيب حزيران".
هكذا كنا بالأمس, قرارات النظام المستبد تتلخص في عملية سحق الشعب وبشكل ممنهج, والاستمرار بمنعه من ابسط حقوقه (الخدمات), وهكذا يصبح كرسي الحكم في مأمن حيث يدور الشعب في دوامة الضغط وضياع الحقوق. كل التوقعات تشير الى ان الظلم سيزول مع زوال حكم صدام, وان الحكام الجدد سينصفون اهل العراق.
لكن ها هو حاضرنا نستشعر فيه تواجد النفس البعثي, ونجد ان الارادة الصدامية هي من تتحكم بالواقع, حيث المنهج نفس المنهج في سحق الشعب عبر منعه من ابسط حقوقه, فيستمر منع ايصال الخدمات للمواطن, واهمها الكهرباء, والتي ارتبط بها اغلب مكاسب الحياة الحالية, ومن دونها تتوقف الحياة, فقرارات صدام ضد الشعب العراقي مازالت مطبقة من قبل حلف الاحزاب!
والذي يحكم البلاد بعد الطاغية, وهذا يدفعنا لثلاث فروض لتفسير اتباع سلوك صدام في الحكم: الفرض الاول: انهم وجدوا في اسلوب صدام بالحكم المنهج الاصلح لحكم الشعب العراقي؟! الفرض الثاني: ان ما يحصل هو فرض من قوى خارجية على الدمى العراقية (الاحزاب) وما عليها الا الطاعة. الفرض الثالث: انهم يحلمون جبلا من الكراهية ضد الشعب العراقي, لذلك يمارسون بحزم وقوة منع وصول الشعب لأبسط حقوقه, مثل خدمة الكهرباء.
اخيرا: ثلاث فروض كلها بشعة, وكلها تفسر لنا سلوك الطبقة الحاكمة والاحزاب بحق الشعب العراقي, فاليوم الحاكمون يسيرون بنهج صدامي فاضح, عبر تجاهل حقوق الشعب, كالسكن والخدمات والعمل والامن,
لكي يتم سحق ارادة الشعب ويصبح الحكام بمأمن ومن دون معارضة جماهيرية حقيقية. عسى ان يفهم الشعب الفرق بين الشياطين والملائكة, ويميز الخبيث من الطيب, ويفهم واقع الحكام بتعقل ووعي بعيد عن التقديس وعبادة الاشخاص.