عبدالرحمن الراشد يكتب:

معركة عام ونصف العام مع إيران

خلال الأسابيع القليلة الماضية نشطت الدبلوماسية الدولية، تسعى لمنع قيام معركة على ضفتي الخليج، ورغم هذا الجهد يتزايد عدد القطع البحرية العسكرية من الجانبين المستعدة للقتال.

وفي الوقت نفسه، تُستكمل تفاصيل تحالف بحري عسكري دولي يجري لتكوين قوة ترافق الناقلات النفطية في مياه الخليج وتردع أي اعتداءات بحرية إيرانية.

ومشروع أسطول الحماية هذا يسعى لتحقيق غاية أساسية، منع قيام حرب إيرانية خليجية أمريكية، وفي نفس الوقت الاستمرار في حرمانها من بيع نفطها حتى يؤدي الاحتواء دوره، والذي يهدف إلى الضغط على نظام طهران للتفاوض وقبولها بالشروط المعلنة.

لا نريدها أن تصدر النفط وفي نفس الوقت لا نريد حرباً. معادلة صعبة، والأصعب ضمان استمرارها عاماً ونصف العام، حتى يحين موعد الانتخابات الأمريكية وحسم الرئاسة، باستمرار دونالد ترامب في البيت الأبيض، صاحب المشروع، أو حتى يتبين الخلف، وما هي سياسته.

ولا يخفي الجانبان، الإيراني والأمريكي، اعتبار هذا التاريخ موعداً حاسماً للأزمة. وحتى ذلك الحين لن تقوم الحرب، ولن يسقط النظام الإيراني، وربما لن يكون هناك حل يتم التفاوض عليه. الأمر الذي يتطلب ضبط الأعصاب، والامتناع عن ردود فعل قد تتسبب في حرب لا أحد يرغب فيها.

خلال هذه الفترة الفاصلة إلى موعد الانتخابات، هناك مخاطر محتملة. فإيران ستستمر في التصعيد والعدوان في المناطق المحيطة بالخليج، واستهداف مصالح أمريكية أو خليجية خارج حدودها، عبر وكلاء طهران من ميليشياتها في المنطقة. والتحدي القائم، والأخطر، هو رفعها نسبة التخصيب، وسيعطي الاعتراف الإيراني بذلك لإسرائيل حجة «مشروعة» لقصفها خلال الأشهر المقبلة.

وفي حال وقوع الهجوم الإسرائيلي ردود فعل إيران ستكون عسكرية لكن في أي اتجاه؟ إيران تخشى من التورط في حرب غير محسوبة مع إسرائيل التي قد ترد بعنف وبأسلحة غير تقليدية، في حال أمطرت إيران مدنها بهجمات صواريخ واسعة. ولهذا قد يكون الخليج الهدف الأقرب. والأرجح أنها ستدفع حزب الله في لبنان إلى مهاجمة إسرائيل وتوسيع دائرة الأزمة.

لهذا أمام السياسيين احتمالات سيئة عديدة وعليها يبنون اليوم تحالفات موجهة ضد إيران هدفها إرسال رسالة تقول بأن الحرب لن تكون مشروع ترامب وحده، ولا هي حرب أمريكية فقط. كما أنها تكتب مرافعة قوية موجهة للرأي العام الداخلي والدولي، توضح أنها لا تريد حرباً إلا إذا كانت في حال دفاع عن النفس، مفروضة عليها وهي الضحية.

ماذا عن الحصار الاقتصادي الذي تعتبره إيران بمثابة إعلان حرب عليها؟ الحكومة الأمريكية، من الناحية النظرية، لم تمنع إيران من بيع نفطها، أي أنها لا تمنع ناقلات النفط من أن تملأ صهاريجها وتغادر ميناء بندر عباس وتبيعه لمن تشاء.

ليس ممنوعاً أن تبيعه بل الممنوع هو أن تشتريه دول وشركات لها مصالح مع الولايات المتحدة، وإن فعلت ستمتنع أمريكا عن المتاجرة معها، عقاباً. هنا يفترض أن تدرك إيران قوة ونفوذ خصومها، وعليها أن تقبل وتتخلى عن سياستها العدوانية.

فلا أحد ينوي شن حرب على إيران، لكن هل بمقدور إيران الصبر وعدم شن حرب لوقف عملية الخنق التي تتعرض لها؟ لا يبدو أن قادة النظام في طهران حسموا أمرهم بعد بشكل نهائي، نراهم يختبرون جملة من الخطوات من تلغيم ناقلات النفط في ظلام الليل، وشن حملات إعلامية تخويفية، وفتح باب التفاوض مع فرنسا على الاتفاق النووي.

البيان