عادل المدوري يكتب:
13 يناير المنحة
شاءت حكمة الله أن يكون بعد كل محنة منحة في الجنوب، ومن رحم الألم والمعانات تولد المنجزات، وشاءت إرادة الله أن يكون لنا بعد كل ذكرى مأساة وكارثة ذكرى نصر وانبلاج فجر جديد، يسطر من خلالها شعبنا في الجنوب أروع البطولات، ويثبت أنه شعب جبار وعظيم يدوس بكبرياء على جراحه ليصنع الحياة من أدوات الموت، ويثبت أنه يستطيع بناء صروح المجد فوق المحن ومؤامرات الأعداء.
يوم 13 يناير عام 1986م، كان يوماً أسود ومأساة لكل أبناء الجنوب، دفعنا ثمنه باهظاً جداً، وخسرنا دولة ونظاما واقتصادا ووظائف، وقدمنا الآلام والجراح والدماء والمعاناة والليالي السود الكئيبة لتكفير هذا الخطأ التاريخي، ويعتبر 13 يناير "الأول" 1986م سببا رئيسا لنكبة 22 مايو عام 1990م، وكارثة 7 يوليو عام 1994م.
أضف إلى ذلك "عمل نظام صنعاء طوال العقود الماضية على استغلال هذه الأحداث المؤلمة استغلالاً سيئاً، ووظفها لبث الفرقة بين أبناء الجنوب وللتشفي وللتشهير بتاريخ الجنوب، واستغلها لتقسيم أبناء الجنوب والسيطرة ونهب ثروات الجنوب النفطية والمعدنية والبحرية".
لكن هذه المحنة تحولت إلى منحة بإرادة الله وبحكمة شعبنا، كان ذلك في يوم الجمعة بتاريخ 13 يناير "الثاني" من عام 2006م، عندما استطاع شعب الجنوب بنخبه السياسية والثقافية والاجتماعية أن ينهض من بين الركام والأزمات ومن تحت الأنقاض ويعقد لقاء التصالح والتسامح في جمعية ردفان بعدن، كان 13 يناير "الثاني" 2006م غير 13 يناير 1986م "الأول"، كان تاريخا فاصلا بين مرحلتين في تاريخ الجنوب، تاريخ انطلاق مرحلة جديدة وتحويل المأساة إلى مناسبة عظيمة تؤسس بداية لصياغة تاريخ جنوبي جديد واستعادة اللحمة الجنوبية ووحدة الصف الجنوبي لمواجهة المخاطر والتحديات التي توجه أبناء الجنوب.
انطلق قطار التصالح والتسامح من عدن إلى أبين مباشرة، ثم إلى الضالع وشبوة وحضرموت والمهرة ولحج ويافع، وصولاً إلى كل المدن والقرى الجنوبية، ضمدنا الجراح وتصالحنا وتسامحنا وطوينا صفحة الماضي بكل ما فيه من أخطاء وانطلقنا جميعاً نحو استعادة دولتنا وكرامتنا دولة النظام والقانون ولكل أبناء الجنوب.
أصبح يوم 13 يناير "الثاني" ذكرى للتصالح والتسامح والتلاحم والتآزر بين أبناء الجنوب، فوحدة أبناء الجنوب ورص الصفوف مهمة جداً لتحرير ما تبقى من أراضي الجنوب المحتلة من قبل مليشيا الحوثي في أبين ومليشيا حزب الإصلاح في شقرة وشبوة وحضرموت.
ومثلما كان التصالح والتسامح هو نواة ثورتنا والأيقونة التي حركة المظاهرات في كافة المدن الجنوبية، سيظل كذلك نهجنا التسامح والحوار والقبول بالآخرين حتى استعادة الدولة التي سيتم بنائها على التسامح والانفتاح، متعايشين سلمياً ومتقبلين كافة الناس على اختلاف أفكارهم وقناعاتهم، سيأتي الأمل من ثنايا الألم، وستظهر المنح من طيات المحن، ومن رحم الكرب يولد الفرج، وبعد العسر يأتي اليسر، فلنكن على ثقة بالله، وكل عام وأنتم بخير.