عادل المدوري يكتب:
لكي لا ينهار إتفاق الرياض
تشهد هذه الأيام مديرية شقرة بمحافظة أبين مناورات عسكرية لقوات الحكومة اليمنية ويتحدث قادتها عن ساعة الصفر، كما عززت الحكومة قواتها بشقرة وخطوط التماس مع المجلس الإنتقالي الجنوبي بقوات إخوانية من محافظة شبوة وأخرى جماعات مسلحة من القاعدة وداعش من محافظة البيضاء، تسللت ليلاً وهي ترتدي الملابس الأفقانية وترفع الرايات السوداء، ووصلت جميعها إلى منطقة شقرة الساحلية والعرقوب الطريق الدولي بين شبوة وعدن، وترافقت هذه التحركات مع تحرك مجاميع مسلحة وخلايا نائمة داخل العاصمة عدن حيث هاجمت نقاط تفتيش تابعة للحزام الأمني التابع للمجلس الإنتقالي بكريتر وجماعات أخرى تنفذ إغتيالات ضد القيادات الجنوبية كان آخرها مسؤولان في الهلال الأحمر الإماراتي بعدن.
هذه المناورات والتحركات العسكرية والحديث عن ساعة الصفرتمثل إنعطافاً خطيراً أمام إتفاق الرياض الموقع بين المجلس الإنتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية الشرعية في الخامس من نوفمبر 2019 الماضي، لكن هذه المناورات والتحركات لم تكن هي الإنتهاكات الوحيدة التي ترتكبها الحكومة اليمنية الشرعية، فقد قدم المجلس الإنتقالي بلاغات عديدة وملفات كاملة عن الخروقات لرعاة الإتفاق المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وللدول الكبرى التي يهمها أمن وسلامة اليمن ومحاربة الإرهاب والحد من التمدد الإيراني في المنطقة.
وبيّن المجلس الإنتقالي إنه قد نفذ ما يخصه من بنود إتفاق الرياض المتعلقة بالجانب الامني والعسكري وبالإنسحاب من أبين والعودة بالقوات إلى ما قبل أحداث أغسطس، وإخراج السلاح من العاصمة عدن بينما تنصلت الحكومة عن تنفيذ إلتزاماتها بالإتفاق من خلال عدم الوفاء بالتسلسل الزمني للإتفاق والإنسحاب الكامل من أبين وشبوة الذي حدده إتفاق الرياض، كما لم تلتزم الحكومة بالتوافق والتشاور حول تعيين المحافظين حيث عينت الحكومة قبل أسابيع محافظ لمحافظة المهرة الجنوبية دون الرجوع لإتفاق الرياض وهو ما أعتبره المجلس الإنتقالي خرقاً آخر ونسفاً لبنود الإتفاق.
اليوم وبعد مرور أكثر من أربعة أشهر أصبح إتفاق الرياض مهدد بشكل جدي بالإنهيار، وتضعه الخروقات على حافة الهاوية نتيجة لتعنت الحكومة وعدم تنفيذها لإلتزاماتها التي أقرتها ووقعت عليها بالرياض أمام دول التحالف العربي ومبعوث الأمم المتحدة وأمام المجتمع الدولي.
بيد إنه هذا النكوص لم يكن مستغرباً من قبل الحكومة الشرعية التي يسيطر عليها حزب الإصلاح الإخواني، والذي يتحكم بالقرار الحكومي جناح قطر وتركيا الرافض للإتفاق من الأساس، وبحسب تصريحات وزير النقل الجبواني الذي قال " أن توقيع إتفاق الرياض خطا إستراتيجي وأنه صمم لضرب مراكز القوة في السلطة الشرعية وأفرغها من عناصر قوتها الذاتية، ومنح المجلس الإنتقالي الجنوبي الإعتراف والشرعية التي يحتاجها".
ويرى أبناء الجنوب أن المشكلة التي تواجه تنفيذ إتفاق الرياض هو التعاطي الناعم من قبل المملكة العربية السعودية مع سلوكيات الحكومة الشرعية المخالفة لبنود إتفاق الرياض، وطالما لم يجد طرفا الإتفاق إجراءات حازمة من قبل رعاة الإتفاق فما الذي يجبرهم على التنفيذ وسيسعى كل طرف لسحق الآخر والسيطرة على الأرض وهو مايعني تعريض عملية السلام باليمن برمتها للخطر.
المناورات والتحركات والإنتهاكات للحكومة اليمنية تشكل تهديداً حقيقياً لعملية السلام، في ظل أن رعاة الإتفاق يسيران بسياسة النفس الطويل والسكوت على المعرقلين وعدم تسمية المعرقلين، وإذا ما أنهار اتفاق الرياض سيؤدي إلى إضعاف دور التحالف باليمن، وقد يفتح صراعات جديدة وتتوسع رقعة المعارك وستسوء الأوضاع أكبر مما كانت عليه خلال السنوات الماضية، وستتحول الجنوب ومضيق باب المندب إلى بؤرة صراع تهدد الملاحة الدولية والأمن القومي العربي.
لكي يتم تنفيذ إتفاق الرياض ومنعه من الإنهيار ودعم عملية السلام في اليمن لابد من تدخل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بإعتبارهم الراعيتين للإتفاق والضامنين للأطراف الموقعة، ووضع النقاط على الحروف وتسمية الأسماء بمسيمياتها، ومن الضروري إشراك الولايات المتحدة الأمركية بإعتبارها قائدة مكافحة الإرهاب بالعالم، كي تسمح لقوات المجلس الإنتقالي بتطهير أراضيه؛ أبين وشبوة وحضرموت التي يتستر بها الإرهاب تحت مظلة الحكومة الشرعية.