عادل المدوري يكتب لـ(اليوم الثامن):

خامنئي يظهر في صنعاء !

على خطى الثورة الإيرانية الخمينية تسير الثورة الحوثية في شمال اليمن، حيث بدأت ملامح النظام الخميني تتشكل في صنعاء من خلال تمكين أمور البلاد والعباد وتكديس كل الصلاحيات بشخص عبدالملك الحوثي أو ما بات يعرف بقائد الثورة، حتى أن منصب رئيس الجمهورية الذي يعتبر في دستور الجمهورية اليمنية أعلى منصب قيادي في إدارة الدولة وقيادة القوات المسلحة والأمن والمسؤول الأول والأخير عن كل صغيرة وكبيرة بالبلاد، بات بعد الثورة الحوثية مهمش ويحمل صفة رئيس المجلس السياسي الأعلى تابع لقائد الثورة الحوثية السيد عبدالملك.

 

وقد برهنت الأيام أن الثورة الحوثية مجرد مولود مشوه للثورة الخمينية جلبت لليمنيين الأمراض والفقر والجوع والمهانة وستؤدي باليمن إلى العزلة والحصار والعقوبات مثلها مثل الثورة الخمينية، فتبعية صنعاء لطهران باتت خطيرة جداً وضارة بتاريخ وحاضر ومستقبل اليمن، ومصدر تهديد حقيقي للأمن القومي العربي، فالنظام الملالي يدفع بوكلائه الطائفيين ليكونوا أوراق مساومة مع العرب في القضايا العربية، وهو ما أكدته كلمة عبدالملك الحوثي قبل أيام عندما تدخل في قضية مساجين فلسطينيين متهمين بدعم منظمات إرهابية في المملكة والمساومة للإفراج عنهم حسب أوامر أسياده من طهران.

 

وأصبحت شوارع العاصمة اليمنية صنعاء تغزوها شعارات الولايه وتطلق على أسماء الشوارع أسماء قادة الثورة الخمينية، فالمتجول في شوارع صنعاء يشعر وكأنه يتجول في شوارع طهران، حيث تحيي المناسبات الطائفية والحسينيات والعليات والفاطميات في محاولة لنقل إيدلوجيا نظام الثورة الدينية في إيران وتطبيقها على اليمن، حتى أن كلمات المرشد الأعلى في إيران تنقل عبر الشاشات العملاقة مباشرة وتعقد لها المؤتمرات ويحشد لها الشباب وطلبة الجامعات والأكاديميين لدراستها وتحليل معانيها والمضي قدماً في تثبيت الأفكار المتطرفة والتدميرية الخمينية في عقول الشباب اليمني.

 

على مدى الخمس السنوات الماضية من عاصفة الحزم خسرت الحكومة اليمنية (الواجهة السياسية للإخوان المسلمين) محافظات وجبهات كانت تحت سيطرتها، بينما عززت الثورة الخمينية من قوتها وإنتشارها في معظم الأراضي الشمالية، بالوسائل المباشرة وغير المباشرة، كل ذلك على حساب عروبة اليمن ومصالح الشعب الذي أنهتكه المليشيات الطائفية التابعة لإيران من جهة وحكومة إخوانية طائفية فاسدة ومخترقة من قبل تركيا وقطر.

 

الثورة الخمينية اليوم نجحت مع الأسف في شمال اليمن، بفضل الخبرات العسكرية والدعم المالي والسياسي والعسكري والإعلامي المقدم من إيران، وبعد خمس سنوات من عاصفة الحزم العربية أزدات عمليات إستهداف المملكة بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، بينما فشلت حكومة هادي في الدفاع عن نفسها والبقاء في مواقعها رغم الدعم الكبير واللامحدود من التحالف والقرارات الأممية، وبات السفير السعودي لدى اليمن يرسل إشارات برغبة بلاده بالحوار والإنفتاح على الثورة الحوثية، ولا ترغب بلاده بالتصعيد على أن تبقى قضية الحوثي في الأول والأخير شأن يمني داخلي.

 

اليوم بعد سيطرة الثورة الخمينية على الشمال وفقدان الأمل في إستعادة الشمال للدولة اليمنية، هل التحالف العربي سيغير من تحالفاته ويدعم إرادة الشعب في الجنوب لإقامة دولته العربية والحفاظ على الحليف الجنوبي المخلص وعلى عروبة الجنوب على الأقل؟ أم إننا سننتظر حتى يظهر خامنئي آخر في عدن ويتسيد على باب المندب، وهو مالا يقبله أبناء الجنوب وسيواصلون ولو منفردين بمحاربة الأطماع التوسعية للثورة الخمينية الحوثية وتحرير أرضهم ولو كلف الأمر سنوات جديدة من الصراع.