عادل المدوري يكتب لـ(اليوم الثامن):

رؤية استراتيجية لتطوير عدن

عدن هي الواجهة الأولى للجنوب، كونها العاصمة السياسية والإدارية، وهي عروس البحر الأحمر ومقر الوزارات الحكومية ومجلس الوزراء والقصر الرئاسي والسفارات، ومقر القيادة العسكرية المركزية للقوات المسلحة الجنوبية، ومقر الشركات الحكومية والخاصة والبنوك والمؤسسات، وهي قلب الجنوب النابض وهمزة الوصل بين الشرق والغرب.

 

بعد عقود من التدمير الممنهج للبنية التحتية والحرمان، تستاهل عدن أن نطلق من أجلها مشروع رؤية إستراتيجية وطنية لتطوير العاصمة عدن، وبالشراكة الفاعلة مع القطاع الخاص والأهالي ورجال الأعمال الجنوبيين في الداخل والخارج أفراد وجماعات، مشروع بمثابة رد الإعتبار لهذه المدينة العريقة والعتيقة التي يعز علينا أن نراها بحالة لا تليق بجمالها ولا بطيبة أهلها.

 

هذه الدعوة ليست للمجلس الإنتقالي وللإدارة الذاتية فحسب، بل هي دعوة لكل أبناء الجنوب والتجار في الداخل والخارج وللمنظمات وللدول الحليفة والشقيقة والصديقة، والرؤية ليست لأشهر أو سنة وإنما رؤية خمسية وعشرية وتمتد إلى خمسين سنة، تقدم خطط ودراسات وسياسات طويلة المدى لتطوير عدن في شتى المجالات؛ العمراني، والخدماتي، والبيئي، والإقتصادي، والثقافي، والإجتماعي.

 

الرؤية تتضمن وضع خطط كبيرة تضع في عين الاعتبار الزيادة السكانية المتوقعة، ولا مانع من التوسع إلى أجزاء من محافظة لحج خصوصاً فيما يتعلق بإنشاء المطارات الجديدة ذات مواصفات دولية حديثة، ومرافق الدولة والمجمعات الحكومية والمدن العسكرية والطبية والرياضية والترفيهية والجامعات والمدن الصناعية والسكنية.

 

تنطلق هذه الرؤية من قناة واحدة تتولى الدور التنموي والتخطيطي وتنسق العمل بين جميع القطاعات وتقف أمام الإجراءات الرامية لإنتشال وضع عدن المزري ورفع مستوى الخدمات وتحسين الأداء وكل ماله صلة بتوفير حياة كريمة للناس والعيش الرغيد.

 

قد يقول قائل هذا الكلام ليس وقته الآن نحن في حالة حرب ومازالت موارد الجنوب خارج سيطرتنا، لكنني أقول عدن في قبضة القوات المسلحة الجنوبية وفي أمان، وسنصرف على تطوير عدن من إيراداتها ومن الداعمين والمانحين ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، النجاح والتطور سببه بدايات ناجحة ومدروسة، وحاجات عدن كثيرة لا ينفع معها الترقيع والمبادرات الفردية هنا وهناك، لذلك لابد من سلطة عليا جامعة لعدن تحمل رؤية تطوير شاملة بأبعاد حديثة.

 

عدن جوهرة ثمينة ونالها الكثير والكثير من الأذى والإهمال المتعمد، واليوم عندما عادت إلى أحضان أبنائها تستحق أن تعامل مثل بقية العواصم العربية التي كانت عدن متقدمة عنها بكثير في ستينيات القرن الماضي، كالرياض وأبوظبي والمنامة وجميع عواصم دول الخليج بلا إستثناء، كل ما علينا هو أن نخطوا الخطوة الأولى ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.