مشاري الذايدي يكتب:
منتدى «الإقلاع» السعودي وتاريخ ما أهمله التاريخ
خبر «تقاعد» منتدى حواري سعودي على الإنترنت، من أشهر منصات الحوار والأخبار، قبل عالم «تويتر»، هو منتديات «شبكة الإقلاع»، بعد مرور 20 عاماً على انطلاقه، أعاد للتذكر مرحلة «المنتديات» بالسعودية.
في زعمي أنّ تجربة منتديات الإنترنت في السعودية، منذ آخر عقد التسعينات إلى نحو 5 سنوات سالفة، تجربة لم تُدرس بعد حق الدراسة.
أنا شخصياً تفاعلت وشاركت وتجادلت وتكونت وأخذت وأعطيت من هذه المنتديات الكثير، لن أنسى حيوية الجدال، وربما العراك الفكري والسياسي والثقافي، في منتديات مثل: «الساحات». «ندوة إيلاف». «طوى». «دار الندوة». «الشبكة الليبرالية». «الوسطية»... إلخ. لقد كان اشتباكاً كاملاً بين تيارات تعودت التحاور مع ذاتها، وعدم التفاعل، ولو بصورة حربية مع «الآخر».
فهد محمد السديري مسؤول شبكة «الإقلاع»، قال في بيان أصدره ونشرته «العربية نت» على موقعها: «عشرون عاماً مضت وكأنها عام واحد»، مضيفاً: «نوادع اليوم منتديات (الإقلاع) حاملين أجمل الذكريات عن عشرين عاماً جمعتنا بمليون وسبعة وأربعين ألفاً وثمانمائة وستة أعضاء، كتبوا خلالها مليوناً وثلاثمائة وثمانية وسبعين ألفاً ومائتين وخمسة وعشرين موضوعاً».
وقد صدق الأستاذ فهد حين تحدث وزراء وسفراء ومشاهير كانوا من رواد منتديات «الإقلاع» والكَتَبة بها، كما في غيرها من المنتديات.
لقد كانت المنتديات المنبر الجديد الذي تتفاعل به الأفكار وتُوصّل به الرسائل وتتلقى أيضاً... تخيل كاتباً مثل تركي الحمد يتفاعل في عالم المنتديات إلى كاتب مثل لويس عطية الله أحد أبرز منظّري «القاعدة»!
في يوم 3 مارس (آذار) 2003 تحدّث الخبير السعودي بعالم التفاعل على الإنترنت حينها، د. فايز الشهري، في جريدة «الرياض»، عن «600 منتدى عربي مفتوح للدردشة، والنقاشات الحرّة». كما وصفها، لكنه، وتخيّل هذا الأمر منذ ذلك الحين، طالب «المؤسسات (الأكاديميّة)، والباحثين بإعطاء هذه الظاهرة حقها من الدراسة، والتحليل».
بالعودة لفهد السديري ومنتديات «الإقلاع»، طمأن الرجل المهتمين بأن «جميع الأرشيف الذي كتبه أعضاء المنتدى الذين مروا عليه خلال السنوات، سيتم جمعه وحفظه للاستفادة منه لاحقاً».
بهذا الخصوص، سبق أن حدثني أحد المسؤولين في مكتبة الإسكندرية بمصر، عن تجربة مثيرة في أرشفة وحفظ «كل» ما كُتِب ونُشر في جميع المنتديات العربية، في برنامج خاص.
أظنُّ أن حفظ محتويات المنتديات السعودية في حقبة ما قبل «تويتر»، ضرورة علمية، وبحثية، وسياسية، وتاريخية، واجتماعية، ومهنية... وأخلاقية.
إنّها مرحلة كبيرة مثيرة من عمر الإنسان السعودي في العصر الحديث.