مشاري الذايدي يكتب:
هل مات أيمن الظواهري... فتى المعادي العبوس؟
انتشرت أخبار عن «وفاة» أيمن الظواهري، زعيم «القاعدة»، وخليفة أسامة بن لادن، ورمز تنظيم «الجهاد» الإرهابي المصري.
قيل إن أيمن، أو الشيخ أيمن، أو الدكتور أيمن، توفي بمنزله جراء الإصابة بسرطان الكبد، في العاصمة القطرية الدوحة، وقيل في إيران. ما يعزّز صحة خبر الظواهري أن حساباً تابعاً لتنظيم «القاعدة» في سوريا، المسمّى «حرّاس الدين»، هو من نشر الخبر، ونقلته عن الميديا الأميركية والعالمية.
الظواهري صار زعيماً لـ«القاعدة» خلفاً للقتيل عام 2011 أسامة بن لادن، لكنه لم يحظَ بالكاريزما نفسها التي حظي بها «الشيخ أبي عبد الله»، ولذلك حكاية أخرى.
أيمن الظواهري مثال حيّ، أو كان حيّاً، على أزمات المجتمع العربي – المصري خاصة، في القرن العشرين، وهو أيضاً دليل قاطع على أكذوبة مَن يحيل التطرف والتكفير إلى أسباب الحرمان الاقتصادي أو التهميش الاجتماعي.
كتب الصحافي الأميركي والمدرّس السابق في الجامعة الأميركية بالقاهرة لورانس رايت، كتاباً لافتاً بعنوان «البروج المشيّدة» تتبع فيه حيوات: سيد قطب وأسامة بن لادن وأيمن الظواهري، بشكل استقصائي روائي مثير.
نجد أيمن في هذه السيرة منتمياً لأسرة من الأسر الرفيعة الشأن في القاهرة المصرية، فهو كان طالباً صغيراً بالمدرسة، في ضاحية المعادي الراقية، يواظب على صلاة الفجر بمسجد الممثل، شبه الإخواني، المعتزل حسين صدقي بالمعادي الجديدة. عمّ والده هو شيخ الأزهر الراحل محمد الأحمدي الظواهري، جدّه لأمه د. عبد الوهاب عزام رئيس جامعة القاهرة، وعم عبد الوهاب، هو أول أمين عام لجامعة الدول العربية، عبد الرحمن عزام.
على ذكر آل عزّام، خال أيمن هو المحامي المتطرف «القطبي الهوى» محفوظ عزّام، تأثر به أيمن، ثم سانده خاله بعدما صار أيمن رمز «الجهاد».
جميع الأشخاص مترابطون... حسب تتبع لورانس رايت، حيث يرتبط قطب بخال أيمن، محفوظ عزام، فقد كان سيد قطب أستاذاً لمحفوظ عام 1936، وحسب المتداول فإن الخال محفوظ كان آخر من التقى سيّد، ومنحه الأخير نسخة خطها بيده للقرآن الكريم.
اشتهر أمر الفتى أيمن في مطلع الثمانينات بعد قضية اغتيال السادات وغيرها من القضايا، ثم اشتهر أكثر في ساحات الجدل الداخلي بين أجنحة الإخوان السياسية والعسكرية والمؤسسين الجدد للجماعات.
من أشهر أدبيات أيمن ما صدر أول مرة عام 1988 وهو كتاب «الحصاد المرّ» الذي قدّم فيه رؤيته لجماعة الإخوان، بعدما أثنى عليها، لأنها «الرائدة» في زراعة الوعي الصحيح لدى الشباب المسلم، ثم نقدها نقداً «مرّاً» بسبب عملها في السياسة. سيرة وتقلبات الطبيب أيمن، سليل الأسرة الظواهرية الراقية، من المعادي إلى جبال أفغانستان، جديرة بالدرس والتأمل، فهي، بمجرد مطالعتها بأناة، تدحض كثيراً من التفاسير المضلّلة عن سبب وجود الإنسان المتطرف الإرهابي عندنا.