مشاري الذايدي يكتب:
هل حان الوقت لترويض الوحش الأزرق؟
السؤال الكبير بل أم الأسئلة، حول من هو المؤثر الأول على الناس حالياً، هل هي تطبيقات السوشيال ميديا، أم المنصات الإعلامية التقليدية (تلفزيون. صحف. إذاعات. وكالات)؟
ثمة سؤال آخر، وهو من أين تتغذى أصلاً هذه المنصات (فيسبوك. تويتر. إنستغرام. واتساب... إلخ) مادتها وأخبارها وقصصها؟
أليس من خلال إعادة إرسال ما صنعته التلفزيونات والصحف والإذاعات والوكالات، بمعنى لو تم، مثلاً، تجريد هذه المنصات من أي مادة مجلوبة من مصادر الإعلام «التقليدي» ماذا سيبقى لها؟!
على كل حال، تظل خطورة هذه المنصات الرقمية العملاقة، خاصةً فيسبوك وتويتر، هي في انخراط مليارات البشر فيها، وتفاعلهم من خلالها، وضع ذلك مع تحكم ثلة من «الشبان» السطحيين، أمثال زوركربيرغ فيسبوك، ودورسي تويتر، وبيزوس أمازون... هذا مع هذا، يعطيك صورة مرعبة عن العبثية التي تسير الرأي العام العالمي اليوم.
من هو زوركربيرغ، صاحب فيسبوك، حتى يملك كل هذا «الباور» والقوة للتحكم فيما يقال وما لا يقال، والصح والخطأ، وتحريك عمليات البحث بشكل ذكي، بحيث يصلك ما تريده فيسبوك أن يصل إليك، من خلال آليات «الخوارزميات» البحثية؟ لذلك أي سعي لتفكيك هذه القوة الهائلة غير المنطقية، وغير العادلة، هو مسعى حميد ومفيد.
مؤخراً، رفع المدعون العامون من 46 ولاية أميركية ومقاطعة، بالإضافة إلى لجنة التجارة الفيدرالية دعاوى قضائية ضد فيسبوك. تتهم الدعاوى، فيسبوك بإساءة استخدام الإنترنت وهيمنتها من خلال التهام الشركات التي تشكل تهديداً تنافسياً مثل إنستغرام وواتساب، وذلك وفقاً لتقرير نشرته وكالة NPR الأميركية.
المدعي العام في نيويورك ليتيتيا جيمس، اعتبرت أنه وعلى مدى عقد تقريباً، استخدمت شركة فيسبوك هيمنتها وقوتها الاحتكارية لسحق المنافسين الصغار على حساب المستخدمين العاديين. ومثلت لذلك بعمليات الاستحواذ الضخمة التي نفذتها فيسبوك وسيطرتها على إنستغرام وتطبيق واتساب.
المدعون العامون يقولون إن عمليات استحواذ فيسبوك على واتساب وإنستغرام تمت بشكل غير قانوني، مطالبين المحكمة الفيدرالية بالتدخل.
هذه الدعاوى، حسب مطالعة «العربية نت»، أتت تتويجاً لتحقيقات استمرت عاماً كاملاً، وهي الأحدث ضد شركات التكنولوجيا الكبرى، وتأتي بعد أقل من شهرين من قيام وزارة العدل الأميركية و11 ولاية بمقاضاة غوغل، بدعوى أن الشركة انتهكت قانون المنافسة.
نعم، القوة الخرافية التي تديرها هذه الشركات المخيفة، ونمط الأفكار التي يؤمن بها الشبان السطحيون، أثرياء العالم الجدد -أتكلم عن الأفكار السياسية والاجتماعية، وليس شؤون «البيزنس والاقتصاد الرقمي» فهم مبدعون لا شك في هذا المجال- لكنهم في غاية الخطورة، والسطحية، في فهم العالم والفكر والسياسة والتاريخ، ومن هنا كان لزاماً عدم تركهم «يعبثون».
الرأي العام أكبر من أن يترك لشركات «السوشيال ميديا» وحدها، مثل الحرب التي هي أكبر من تركها للجنرالات فقط.