د. صلاح الصافي يكتب لـ(اليوم الثامن):
الأحزاب السياسية العراقية والانتخابات القادمة
بدأ تاريخ الأحزاب السياسية العراقية قبل تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام (1921)، حيث أنها ظهرت في الفترة المحصورة بين تأسيس الدولة العراقية الحديثة وخروج العراق من الانتداب البريطاني، وهذه الأحزاب كانت تعتمد كاريزما زعماء لهم تأثيرهم ونفوذهم المجتمعي والديني.
كانت هذه أحزاب السياسية رهينة لمؤثرات خارجية وداخلية معقدة، أحدثت خللاً بنيوياً داخلها خلال الحقب المتعاقبة التي مرت بها الدولة العراقية الحديثة، جعلتها رهينة الخلاف السياسي والقوى القابضة على السلطة، أدت إلى أن تكون برامج الأحزاب ردة فعل اتجاه السياسات الحكومية والأيدولوجيات الدولية المتصارعة.
كل هذا ألقى بظلاله على بنية الحياة الحزبية في العراق، أسهمت في أخذ تفكير المجتمع العراقي بالسياسة إلى مركزية حدية، مما أدى إلى تضعيف دعم المجتمع للدولة بينما قوة دعم المجتمع للأحزاب السياسية، ونتيجة لتراكم الأخطاء التاريخية تركزت معظم الأحزاب إلى مرتكز اثني أكثر من كونها مؤسسات ذات طابع سياسي تمثيلي تسهم في تعزيز المشاركة السياسية ضمن إطار المشروع السياسي المؤسس للدولة.
بعد تغيير النظام عام (2003) أصبحنا في وضعاً فوضوياً معقداً، حيث تسيدت القوى المناوئة المعارضة للمشهد السياسي في العراق، وقد رافق تأسيس عدداً كبيراً من الكيانات السياسية في العراق، نتيجة بديهية لحرمان طويل من الحياة الحزبية في العراق.
وشهدت هذه الفترة ظهور كيانات ذات طبيعة خاصة، لا أحزاب بالرغم من فاعليتها السياسية، وما تملكه من قواعد شعبية واسعة، ورغم ذلك لم تتطور وتكون تنظيم حزبي محدد، وهذا ما ينطبق على التيار الصدري، فبالرغم من وجود هيئة سياسية، لكن هذه الأخيرة اقتصر عملها على تنظيم الشأن الانتخابي لضمان وصول ممثلي هذا الكيان إلى البرلمان، وهذا ما ينطبق على تيار الحكمة بالرغم من امتلاكه تنظيماً حقيقياً، إضافة إلى هذين الكيانين، كانت هناك أحزاب كبيرة ولها ماضي عريق منها الخزب الشيوعي والدعوة الاسلامية والحزب الاسلامي لكنها عانت من ضموراً كبيراً في قواعدهم الشعبية، مع ظهور أحزاب أو أطلقت على نفسها أحزاب تأسست رسمياً على الرغم من عدم امتلاكها لأي قاعدة شعبية.
وبما أن الانتخابات على الأبواب، فما هي حظوظ هذه الأحزاب؟، نرى أن الانتخابات القادمة سوف تكون مرتبطة إلى حد كبير بانتفاضة تشرين وفقدان ثقة الشارع بالأحزاب السياسية بل بالعملية السياسية برمتها، حيث مشاعر السخط الكبير اتجاه اخفاق السلطة المكونة من الأحزاب السياسية على جميع المستويات وتصدر الفساد لعمل ممثلي هذه الأحزاب الذي فاق حتى الخيال، ولم تفارق مخيلة المواطن العراقي تداعيات العنف الذي رافق تعامل أجهزة الدولة المكونة من الأحزاب القابضة على السلطة مع المنتفضين قد تشكل تحدياً لهذه الأحزاب وصعوبة حصولها على أصوات تناسب ما حصلت عليها في الانتخابات السابقة.