عندما دخلت إيران بكل نفوذها في العراق بعد الغزو الأمريكي لتتسلم العراق، وتنصب، بالتعاون مع أمريكا، حكومة طائفية بقيادة المالكي، أهلكت الشعب العراقي لأكثر من ثمان سنوات، خاصة طائفة السنّة التي جرى التنكيل بها وتهميشها في العراق إلى يومنا الحاضر.
وما الوضع السياسي المضطرب الآن في العراق، خاصة بعد دخول داعش، إلا نتيجة للتدخل الإيراني في العراق، تماماً كما يحدث في سوريا، وسيطرة الحوثيين على صنعاء، واتجاههم إلى السيطرة على ميناء الحديدة ومأرب، بغرض مد نفوذهم إلى باب المندب ومضيق هرمز، وهو أكبر ممر دولي في العالم، فإن اليمن أصبح بمثابة القنبلة الموقوتة في وجه الأمن الخليجي، وليس بخافٍ على أحد أن إيران تساند الحوثيين بالأموال والسلاح، وقامت بـ "استئجار" 3 جزر إريترية بقصد توصيل السلاح إلى المتمردين في اليمن منذ فترة طويلة، سعياً منها لإقامة ذراع عسكرية وسياسية لها تهدد دول الخليج العربي والجزيرة العربية، تماماً كالدور الذي تقوم به هي وحزب الله في لبنان، وسوريا، والدور الذي يقوم به أتباعها من حزب الدعوة في العراق.
وإذا نجحت إيران في تنفيذ هذا المخطط، فهذا يعني قرب اكتمال المشروع الهلالي الفارسي الذي تنشده إيران منذ سنوات، وبذلك يصبح أمن الخليج في خطر دائم، خاصة أن إيران تبحث لها عن أوراق ضغط في مفاوضاتها مع أمريكا ودول الناتو حول مشروعها النووي، ومن ناحية أخرى، محاولتها للخروج من المستنقع السوري بعد أن أصبحت في مواجهة تحالف دولي يشن الحرب على الإرهاب في العراق وسوريا، الذي تعترض عليه إيران.
إذا كان هناك مؤشر مهم على أزمة اليمن الحالية، فهو يؤشر لأهمية التعاون بين اليمن ودول الخليج العربي والدول العربية الأخرى المطلة على البحر الأحمر، خاصة مصر، وذلك لانتشال اليمن من أزمته، ودعم وحدته للوقوف في وجه الأطماع الإيرانية، خاصة أن البيئة الأمنية لدول الخليج تحتاج هي الأخرى لدعم، في ظل غياب التوازن الاستراتيجي بين إيران ودول الخليج العربي، بعد أن تلاشت القوة العراقية التي كان يُنظر إليها بوصفها ثقلاً موازياً للقوة الإيرانية، فهل يتحقق ذلك قبل أن نبكي على اللبن المسكوب أم يتكرر المشهدان العراقي والسوري؟