محمد علي محمد يكتب لـ(اليوم الثامن):

الجنوب على أعتاب دولته… ورسائل صريحة إلى الإقليم

​في المنعطفات التاريخية الكبرى، تسقط الأقنعة وتتضح الحقائق التي لا تُحجَب بالمناورات السياسية، واليوم، والجنوب يقف على أعتاب استعادة دولته كاملة السيادة، نجد لزاماً علينا كـ شعب حر أن نتحدث بوضوح يلامس الجرح وبشفافية لا تعرف المواربة، تجاه العالم أجمع وتحديداً تجاه مواقف "جيراننا".

​لقد أثبت الجنوبيون، قولاً وفعلاً، أنهم حماة العقيدة والعروبة، فكانوا "حامي الظهر" الصادق للشقيقة الكبرى حين تزلزلت الأرض تحت أقدام الآخرين، وبينما كان البعض في الشمال يمارس لعبة "الأبواب الدوَّارة" مع المليشيات الحوثية، ويُسَلِّمها المعسكرات والسلاح ، كان أبطال الجنوب يُسَطِّرون ملاحم البطولة، مُقَدِّمين قوافل من الشهداء حمايةً للأرض وللأمن القومي العربي، ولكن، يؤسفنا القول أن مواقفها لا تزال تشوبها ضبابية غير مبررة، وكأنها لا ترى في تضحيات الجنوبيين إلا ورقة للمقايضة.

إن الرهان على قوى "الشتات" المنهزمة، ومَنْح "الشرعية" لنخب غادرت الميدان لتسكن الفنادق، هو في الحقيقة طعنة في ظهر الحليف الوفي، ومحاولة لإعادة تدوير الفشل على حساب دماء وتضحيات الجنوبيين الغالية.

ومهما حاول​ ويحاول الواهمون اليوم، بدعم وتماهٍ من بعض القوى الإقليمية، العبث بالنسيج الجنوبي عبر افتعال انقسامات في حضرموت أو المهرة أو غيرها، نقولها لهم بملء الفم بأن :
"الجنوب في كل شبر من أرضه على قلب رجل واحد."

ولقد تجاوز الوعي الجنوبي اليوم مرحلة "التشويش الإعلامي"؛ فالمصير واحد والعدو واحد، وأي محاولة لوأد طريق الاستقلال عبر استغلال التباينات السياسية هي محاولات بائسة ستتحطم على صخرة الإرادة الشعبية التي لا تُقهر ولا ترتهن إلَّا لقرارها السيادي.

​إننا ندرك تمام الإدراك بأن السياسة مصالح، لكن المصالح المستدامة لا تُبنى على حساب جراح الجار وظلم الشعوب الحرة، ولا بطمس تاريخ نضالها الشاق والمؤلم، طوال عقود من الزمن في سبيل استعادة حقها المغتصب وتقرير المصير الذي اختارته، وكل هذا حدث و يحدث أمام ناظر ومسمع جارتنا التي يجب عليها أن تعي جيداً بأن لَااْسْتِقرَار للمنطقة، ولا أمن لها نفسها، إلا بوجود جنوب مستقر، مستقل، وقوي؛ جنوبٌ يحفظ العهد ويحترم وعوده، لا جنوبٌ ممزق تتقاسمه نخب الفشل والارتهان.

​لقد آن الأوان للشقيقة الكبرى أن تدرك أن شعب الجنوب لم يعد يقبل بأنصاف الحلول، وأن "المبادرات" التي تحاول من خلالها مساواة الضحية بالجلاد، أو المقاوم بالخائن، هي وصمة عار لن يقبل بها الأحرار، و​إن القطار الجنوبي قد انطلق نحو محطته الأخيرة عنوانها "دولة مستقلة على كامل التراب الوطني".

ولن نستجدي حقنا، بل سننتزعه بإرادتنا وثباتنا فوق أرضنا المحررة، وعلى العالم والإقليم، وتحديداً شقيقتنا وجارتنا ، أن تختار بين الانحياز لإرادة الشعوب الحَيَّة والوفيَّة، أو الاستمرار في دعم "فزَّاعات"سياسية لم يعد لها وجود إلَّا في بهو فنادقها وفنادق عواصم عربية وأجنبية ، أما نحن فـ قرارنا واحد، ومصيرنا واحد، وثباتنا فوق أرضنا هو بُرهَانُنَا الأكبر.