عادل المطيري يكتب:

العودة الأمريكية إلى الخليج...بايدن في السعودية

منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق أوباما عن استراتيجيته الجديدة بالاتجاه شرقاً لمحاصرة الصين وتخفيف الولايات المتحدة لتواجدها والتزامها العسكري والأمني في منطقة الخليج العربي، استمرت الإدارات الأمريكية المتعاقبة في تطبيق هذه الاستراتيجية حتى وقتنا الحالي.

ولكن يبدو أن البيئة الأمنية الدولية اختلفت كثيرا في السنوات الأخيرة، فلم يعد التحدي الأمني الصيني "الناعم" وحده في الساحة، بل ظهر وبطريقة مباشرة التحدي الأمني الروسي "الخشن"، والمتمثل في مقاومة تمدد تحالف ناتو شرقا، وكانت النتيجة الحرب الدائمة منذ بضعة أشهر بين روسيا وأوكرانيا.

ومن نتائج الحرب الروسية الأوكرانية ارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير جداً، بسبب المقاطعة الاقتصادية الأوروبية لموسكو والتي شملت إمدادات النفط.

ولذلك، استدارت الإدارة الأمريكية إلى المنطقة، وبالتحديد لدول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية، لأنها من الدول القلائل التي تمتلك فائضاً في إنتاج البترول وبالتالي تستطيع تخفيض أسعاره المرتفعة جداً.

لذلك، أعلن البيت الأبيض عن زيارة الرئيس الأمريكي بايدن إلى السعودية واجتماعه مع القادة الخليجيين، رغم ما أصاب العلاقات الأمريكية السعودية من فتور في الآونة الأخيرة، إلا أن الدور السعودي والخليجي القيادي في تحالف أوبك بلس فرض على الولايات المتحدة الأمريكية إعادة النظر في علاقاتها. وها هو البيت الأبيض يؤكد متانة العلاقات الاستراتيجية مع السعودية والتي امتدت لعقود.

وكما هو معلن سيناقش في قمم الرياض، استقرار أسواق الطاقة، ودعم إيران للميليشيات الإرهابية، وبرنامجها النووي، وتمديد الهدنة في اليمن، وقضايا أخرى.

ويبدو أن بعض هذا التفاهمات بدأت في التفعيل على أرض الواقع، فمن الجانب السعودي والخليجي "أعلنت أوبك بلس زيادة إنتاج البترول بمقدار 800 ألف برميل في اليوم بخلاف الزيادة التي كانت مقررة سابقا وهي 400 ألف برميل"، كما أعلنت استعدادها لتغطية النقص من البترول الروسي، بينما من الجانب الأمريكي كان رفض "التنازل في مفاوضات النووي الإيراني والتمسك بالضمانات لعدم امتلاك إيران للسلاح النووي وعدم تدخلها في شؤون دول المنطقة وتهديدها لها"، ما أدى إلى وقف المفاوضات وتشديد العقوبات الاقتصادية على إيران حتى تنصاع.

ختاماً، اتضح للولايات المتحدة الأمريكية أهمية المنطقة وخطورة التخلي عن الحلفاء الخليجيين الذين ربما يتجهون إلى تقوية علاقاتهم مع روسيا، والصين، بينما لو استمرت الولايات المتحدة في دورها ضامناً رئيسياً لأمن دول الخليج وحرية الملاحة فيه، ستتمكن من السيطرة على الوقود المتجه إلى الصين المستورد الرئيسي لبترول دول الخليج.

الخلاصة: لا حل أمام الولايات المتحدة إلا بتعزيز علاقتها مع دول مجلس التعاون الخليجي ودعمها عسكرياً وسياسياً لتحقيق الاستقرار الإقليمي، بالإضافة إلى الدور الاستراتيجي لدول المنطقة في مجال الطاقة.