تسحب تراخيص 685 صحافيا أجنبيا..

ابتزاز تركي جديد للصحافيين عنوانه سحب بطاقات اعتمادهم

بطاقة ملغاة حتى إشعار آخر

إسطنبول

بذريعة حماية الأمن القومي، تم سحب تراخيص نحو 685 صحافيا عاملا في تركيا التي باتت تعد أكبر سجن للصحافيين في العالم. ويوصف الأمر بـ”أسلوب ابتزاز جديد يعتمده النظام التركي”.

ألغت السلطات التركية تراخيص نحو 685 صحافيا عاملا في البلاد. ونقل موقع “تركيا الآن” التركي، السبت، عن نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي “أنه تم إلغاء ترخيص عمل الصحافيين بسبب تهديد الأمن القومي”.

ويهدف هذا القرار، وفق أوقطاي، إلى منع استخدام البطاقات المزيفة، والسهر على تسهيل عمل الصحافيين وزيادة هيبة البطاقة الصحافية. وأضاف، أنه تم إصدار 343 بطاقة صحافية “صفراء” في 2019.

يذكر أن منح تصاريح العمل أصبح أسلوب الابتزاز التركي الجديد الذي يدفع من لا يمتلك التصريح إلى مغادرة الأراضي التركية مجبرا وعلى الفور.وسبق أن غادر العديد من الصحافيين تركيا بعد رفض السلطات هناك إصدار تصاريح عمل لهم.

وكان تقرير صادر في 19 نوفمبر الماضي عن المعهد الدولي للصحافة، كشف أن تركيا لا تزال تحتلّ المركز الأول عالميا بسجن الصحافيين، حيث يقبع في سجونها ما يقارب 120 صحافيا. كما أشار التقرير إلى أن وضع الإعلام لا يزال سيئا، ولم يتحسّن منذ إنهاء حالة الطوارئ في عام 2018 بعد استمرارها عامين منذ الانقلاب الفاشل في صيف 2016.

وقال التقرير “وراء هذه الأرقام تكمن قصة الانتهاكات الجسيمة للحقوق الأساسية ويُحتجز العشرات من الصحافيين لشهور وأحيانا لسنوات قيد المحاكمة في أخطر التهم ذات الصلة بالإرهاب وفي الكثير من القضايا، دون اتهام رسمي”.

وأضاف أن الصحافيين يُسجنون “نتيجة لحملة مطوّلة وذات دوافع سياسية ضد الإعلام”، مشيرا إلى أن تركيا هي “أكثر دولة سجنا للصحافيين في العالم بلا منازع” على مدى نحو عشر سنوات.

ويؤكد المعهد في تقريره، أن عددا كبيرا من القضايا معروض على القضاء التركي منذ محاولة الانقلاب في يوليو 2016، ولكنه عاجز عن نظرها بشكل ملائم لأن ثلث القضاة كانوا من بين من تم إعفاؤهم من الخدمة بسبب الاشتباه بصلتهم بمحاولة الانقلاب.


وأعلنت تركيا حالة الطوارئ بعد محاولة انقلاب فاشلة عام 2016. وخلال عام فرض الطوارئ، أقالت أو أوقفت عن العمل 150 ألفا من القضاة وأساتذة الجامعات وضباط الجيش والموظفين الحكوميين وغيرهم، للاشتباه بدعمهم حركة الخدمة. وما زال أكثر من 77 ألف شخص محتجزين في انتظار محاكماتهم.

يذكر أنه بذريعة حماية الأمن القومي، أمرت محكمة تركية في السادس من أغسطس 2019 بحجب موقع “بيانيت” و135 موقعا آخر وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي وملفات فيديو متداولة على يوتيوب وديلي موشن.

واستهدف القرار كذلك حساب أويا إيرسوي على تويتر، وهي نائب عن حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للقضية الكردية.

وبموجب إجراءات دستورية جديدة العام الماضي، فقد تمّ ربط الإدارة العامة للصحافة والمعلومات بمؤسسة الرئاسة التركية، التي أصبحت المخوّلة بمنح التصاريح للصحافيين بممارسة المهنة، وذلك وفقا للنظام الرئاسي الذي أعقب انتخابات 2018.

ونصّ مرسوم منشور بالصحيفة الرسمية في تركيا على نقل تبعية الإدارة العامة للصحافة والمعلومات، والمخولة بمنح بطاقات اعتماد الصحافيين العاملين في تركيا من رئاسة الوزراء، إلى رئاسة الاتصالات التابعة لرئاسة الجمهورية مباشرة.

وبهذا لا يحصل الصحافيون على البطاقة الصفراء أو تجديدها إذا لم توافق رئاسة الجمهورية.

وفي مارس الماضي تداركت السلطات التركية موقفها المتشدد في حجب البطاقة الصحافية عن الصحافيين الأجانب، وذلك عبر إعادة منحها لأحد الصحافيين الألمان.

وتتوجّس حكومة العدالة والتنمية خوفا من الصحافيين الألمان بشكل خاص ولها معهم سجالات عديدة، آخرها قصة الصحافي دنيز يوجيل التي استمرت عاما كاملا وانتهت بالمزيد من الاتهامات للسلطات التركية على الصعيد العالمي ومن ثم الإفراج عن يوجيل.

وقال يوجيل، الذي عمل كاتبا صحافيا ومراسلا لصحيفة “دي فيلت” الألمانية من تركيا قبل أن يغادر البلاد، إن أكثر ما يقلق الرئيس التركي رجب أردوغان هو خسارة نظامه، لأن مصيره سيكون السجن، مؤكدا أن “الديمقراطية” هي السبيل الوحيد للخلاص من حكم أردوغان باعتباره “مجرما” وليس “فاشيا”.


وأوضح في ندوة حوارية عقدها مع قرّائه في ألمانيا، بمشاركة نحو ألف من متابعيه، أنه اختار لكتابه الجديد عنوان “عميل إرهابي“؛ المصطلح الذي يستخدمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لوصفه به. وفي ما يتعلق باعتقال الصحافيين الأوروبيين في تركيا، أشار يوجيل إلى أن الرئيس التركي يتعامل مع الصحافيين الغربيين كأنهم “جواسيس”.

وأشار يوجيل إلى تصريحات أردوغان السابقة التي قال فيها، “إذا كان الأوروبيون يرسلون عملاءهم إلى تركيا في صورة صحافيين، فإن كل الأوروبيين لن يتمكنوا من الذهاب بحرية في أي مكان في العالم”. وحول كيفية نظرته لأردوغان، قال “علينا أن نكون حذرين عند استخدام كلمة “فاشي” و”دكتاتور”… لا توجد ديمقراطية سواء في تركيا أو البرازيل أو روسيا. ولكن لا توجد فاشية مثل التي كان يطبقها الانقلابيون والديكتاتوريون في تركيا في الثمانينات. هذا الوضع مختلف تماما. المهنة الأساسية لأردوغان هي ارتكاب الجرائم، وأصبح الأمر هواية له. نحن يمكننا أن نرى هذا واضحا في سياساته”.

وأضاف، “أردوغان خائف. ما يفكر فيه هو ألا يخسر نظامه. ويعرف جيدا أنه إذا خسر سيتم اعتقاله، وسيتم سجنه في سجن أدرنه أو سيليفري. هذا هو الفرق بينه وبين الديكتاتورية الكلاسيكية في تركيا. الديمقراطية هي طريق الخلاص من هذا النظام. أردوغان وإن ظهر إسلاميا، فهو من ورائه قومي”.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة العفو الدولية حملة توقيعات للإفراج عن الكاتب الصحافي التركي البارز، أحمد ألتان، الذي عاودت السلطات التركية حبسه، بعد أسبوع من الإفراج عنه، على خلفية طعن تقدّمت به النيابة العامة. وأوضح إعلان الحملة أن ألتان حُكم عليه بالسجن بسبب آرائه وأفكاره مطالبا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن ألتان.

وأعيد اعتقال ألتان في الثاني عشر من نوفمبر الماضي بعد إخلاء سبيله في الرابع من نوفمبر.