"اليوم الثامن" تبحث في ملف صراع يمني جديد..

تقرير: هل دفع "الحمادي" ثمن الصراع على تجارة المشتقات النفطية؟

تقول تقارير اخبارية يمنية ان العيسي يعد الذراع المالية والوكيل الحصري لعلي محسن الأحمر - ارشيف

فريق الابحاث والدراسات
فريق البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات

تزايدت الاتهامات لتنظيم الإخوان بالوقوف وراء اغتيال قائد اللواء 35 مدرع العميد عدنان الحمادي، والذي كان قد اغتيل مع شقيقه في بلدة ريفية بمدينة تعز كبرى مدن اليمن يوم الاثنين، في واقعة اغتيال يكتنفها الغموض.

واغتال مسلحون رجحت وسائل إعلام يمنية وعربية وقوف ما يعرف بالحشد الشعبي وراء عملية تلك، الا ان الصراع الذي سبق عملية الاغتيال بين رئيس الحكومة اليمنية الذي ينتمي لتعز معين عبدالملك ونائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر، ربما يعزز من تلك الاتهامات التي طالت واحد من ابرز قادة الجيش الوطني، الذي دخل في خلافات عاصفة الحشد الشعبي ووجه الحمادي اتهامات للمليشيات المدعومة قطريا بالطائفية.

مصادر عديدة في تعز تحدثت لـ(اليوم الثامن) "ان عملية اغتيال قائد اللواء 35 مدرع، تعد مؤشرا خطيرا على المخطط الذي يحاك ليس ضد المدينة ولكن ضد المحافظات المجاورة ومنها عدن، العاصمة الجنوبية التي يحشد الإخوان في تعز لاجتياحها بالتزامن مع حشد أخر في مأرب".

وقال صحفي يمني مقرب من قيادة اللواء 35 مدرع لـ(اليوم الثامن) "ان اغتيال الحمادي وشقيقه خطط لها بعناية كبيرة".. ساخرا من تشكيل لجنة للتحقيق في واقعة القتل تلك، قائلا "إن الإخوان شكلوا لجنة تحقيق في واقعة اغتيال هم من خطط لها ونفذها".. مؤكدا ان تلك ليست اتهامات توجه ضد أحد، فالتحريض الإعلامي والسياسي ضد قيادة اللواء وضد العميد عدنان الحمادي شخصيا تؤكد ذلك، والاعلان المسبق على التخطيط لقتله يدين التنظيم بالوقوف وراء العملية".

ورأي الصحافي الجنوبي حسين حنشي ان "عملية اغتيال العميد عدنان الحمادي، ليست ضمن الصراع السياسي بين الإخوان والقوى السياسية الأخرى، بل جاءت كما يقول وفق الصراع بين الهضبة الزيدية ومحافظتي تعز وإب".

وليس بعيدا على ما ذهب إليه الصحافي حنشي، الا ان الصراع الذي طرأ مؤخرا بعد ان اعلن رئيس الحكومة اليمنية المؤقتة المدعوم سعودياً، معين عبدالملك، بتحرير سوق المشتقات النفطية والذي اعتبرته تقارير محلية بانه يأتي نتيجة ثمار اتفاق الرياض.

 لكن هذا القرار الحكومي دفع التنظيم الإخواني الممول من الدوحة إلى التكشير عن انيابه، فرئيس الحكومة اليمنية الذي عاد إلى عدن بعد توقيع اتفاق الرياض مع المجلس الانتقالي الجنوبي، أتخذ في الفاتح من ديسمبر الجاري قرارا نسف فيه تحكم الإخوان بسوق المشتقات النفطية والذي يشرف عليه التاجر أحمد صالح العيسي، والذي تقول تقارير اخبارية يمنية انه الوكيل النافذ لنائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر منذ عقود.

وترأس عبدالملك، في الأول من ديسمبر  بعدن، اجتماعا لمناقشة كسر احتكار المشتقات النفطية وتوفير الاحتياجات الكافية منها للمواطنين ومحطات الكهرباء.

وأقر الاجتماع، بحضور وزيري المالية سالم بن بريك والكهرباء والطاقة محمد العناني، ومديرة شركة النفط في عدن انتصار العراشة، تشكيل لجان من الجهات ذات العلاقة للرقابة على المناقصات وإتاحة الفرصة لجميع التجار، بما يؤدي إلى إنهاء الاحتكار القائم والتلاعب بأسعار الوقود وافتعال الأزمات التي يعاني منها المواطنين.

واستعرض الاجتماع عدد من العروض المتاحة لشراء النفط، والبدائل العاجلة المتاحة لتوفير الوقود لمحطات الكهرباء، بما من شانه تخفيف حدة الانقطاعات في خدمة الكهرباء، وضخ المشتقات النفطية إلى المحطات للبيع للمواطنين بأسعار معقولة.

هذا الاقرار الحكومي دفع وسائل اعلام محلية وشخصيات إخوانية الى شن حرب اعلامية واسعة ضد رئيس الحكومة، وهي حرب قال صحافيون وكتاب يمنيون وجنوبيون على انها حرب متوقعة، لكن ذلك لا يستبعد ان يكون العنف والارهاب احد ابرز عناوينها البارزة.

ولا تستبعد مصادر سياسية يمنية تزايد حوادث الاغتيالات في عدن واغتيال قائد اللواء 35 مدرع في تعز، والتحشيد العسكري لمأرب وتعز صوب الجنوب، هي احد وسائل الرفض لاتفاق الرياض، والذي يرى الاخوان انه يقلص نفوذهم وتحكمهم في سلطة الرئيس المؤقت عبدربه منصور هادي.

يقول الكاتب خالد شائع "إن الاحتكار للمشتقات النفطية هي أوراق ضغط "سياسية" يستخدم فيها "النفط" سلاح ناعم لتحقيق مكاسب ومآرب وغايات واستراتيجيات لجهات واطراف معينة وهي معركة يكون فيها التلاعب بأسعار الوقود وافتعال أزمات الانقطاعات في خدمة الكهرباء وعدم ضخ مايكفي من الوقود في الاسواق المحلية كل تلك ادوات واسلحة معركة السلاح الناعم".

وأضاف شائع لـ(اليوم الثامن) "أن حكومة معين لم تجد خيارا وبدائل من شأنها وضع الحلول العاجلة المتاحة لتوفير الوقود لمحطات الكهرباء بما من شانه تخفيف حدة الانقطاعات في خدمة الكهرباء وضخ المشتقات النفطية إلى المحطات للبيع للمواطنين بأسعار تناسب وتلائم دخل المواطن البسيط العادي ومعقوله .

وقال "إن احتكار المشتقات النفطية كفيل بأن يهدم ويدمر اقوى اقتصاد في العالم فما بالك في دولة اهلكت ودمرت وخربت جراء حرب اهلية عبثية همجية، لأن المشتقات النفطية هي معركة السلاح الناعم وحان قطع دابر حضورها وتواجدها بحكومة ذات قبضة حديدية فولاذية الادارة والقيادية".

واعتبر شائع قرار رئيس الحكومة اليمنية المؤقتة "بانه قرار يمثل اقتحاما لمملكة النفط، وردة الفعل من خلال الهجوم الاعلامي على معين عبدالملك، كان متوقعاً".

مجموعة العيسي التجارية كانت لها ردة فعل معلنة، حيث اعتبرت المجموعة التجارية حديث رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك  كسر احتكار استيراد المشتقات النفطية؛ إشارة مبطنة الي ان شركة ايه اس ايه التابعة للمجموعة هي الشركة المحتكرة لسوق المشتقات النفطية، وهذا جهل مطبق بما هو عليه وضع سوق المشتقات النفطية، وتهربًا وتملصاً عن تسديد التزامات الحكومة لمستحقات شركة ايه اس ايه، خاصة وان سوق استيراد المشتقات النفطية لا يسوده أي احتكار بعد توجيهات الرئيس هادي بفتح المجال امام كل الشركات للدخول في سوق استيراد المشتقات النفطية منذ عام 2018م".

وقالت مجموعة العيسي "إن معين عبدالملك يجهل الإجراءات التي تتم لاستيراد النفط وهروبه من تحمل مسؤولية اخفاقه في التعامل مع هذا الملف قد جعله يعمد لتزييف الحقائق، حيث ان جميع عمليات استيراد المشتقات النفطية تتم وفق إجراءات شفافة يشارك في رقابتها وتنفيذها العديد من الجهات الحكومية (وزارة النفط والمعادن / وزارة المالية / وزارة الكهرباء / شركة النفط / مصافي عدن / الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة)".

وتساءلت المجموعة "أي سوق احتكار يدعي معين عبدالملك انه قام بكسره وهو في الأصل سوق محرر ومفتوح للجميع؟ وهل يعقل أن يكون رئيس الوزراء بهذه السطحية في تناوله لأمر استيراد المشتقات النفطية؟، أم أنها محاولة اظهار البطولة الزائفة من خلال رفع راية محاربة الاحتكار الوهمي؟".

وقال مصدر مقرب من الشركة ان القرار الذي اتخذه رئيس الحكومة اليمنية يعد كارثيا، فهو لا يتهرب من دفع مديونية معترف بها من قبل الحكومة وتقدر بـ٨٠ مليون دولار، معتبرا ان قرار رئيس الحكومة اليمنية كان خاطئا، مطالبا بسرعة التراجع عن ما اتخذه".

واتهم المصدر رئيس الحكومة بمحاربة مجموعة العيسي التجارية لصالح مجموعات تجارية أخرى، وفي طليعتها مجموعة هائل سعيد انعم.

وأظهر خطاب مجموعة العيسي التجارية خطابا حادا، طالب فيه هادي بتشكيل لجنة محايدة للتحقيق حول استغلال رئيس الحكومة للسلطة لصالح علاقات تجارية مشبوهة على حساب المصلحة العامة والتفتيش عن مكامن الفساد في كافة الجهات الحكومية، معلنا استعداد مجموعة العيسي التي تستخدم من قبل البعض كشماعة لوضع كافة ملفاتها امام هذه اللجنة".

 وأعلنت مجموعة العيسي وجود ملفات فساد يديرها معين عبدالملك، من بينها توجيهه باستمرار صرف مبلغ ٥٠ مليون ريال و٧٠ الف دولار شهريا للجنة المشكلة من قبله لمراقبة الوقود الممنوح كمكرمة من المملكة العربية السعودية لكهرباء عدن على الرغم من توقف هذه المكرمة منذ نحو عام، علاوة على صرفه ملايين الدولارات لفريق التلميع الخاص به بشكل غير قانوني وتمويل تقارير ودراسات تخدمه بشكل شخصي".

واتهمت المجموعة عبدالملك بالتستر  على شركائه في صفقة الفساد التي أحاطت بعمليات المصارفة التي تمت في البنك المركزي بأكثر من ١٤ مليار ريال، حيث أوقف معين عبدالملك عمليات التحقيق فيها متجاوزاً تقارير الفساد الذي أكده الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة مما استدعى تدخل لجنة العقوبات الدولية لفتح هذا الملف الذي يكتنفه الغموض والذي قد يكون لمعين عبدالملك ضلع فيه".

وسربت وسائل إعلام يمولها العيسي وثيقة تثبت تورط معين عبدالملك بتعيين مقربين منه في مناصب حكومية، بينما هو في الاساس يرأس حكومة تصريف اعمال، ولا يحق له وفق اتفاق الرياض اتخاذ أي اجراءات او قرارات دون التوافق.

بالعودة إلى واقعة اغتيال العميد عدنان الحمادي، فالتقارير اليمنية العديدة تؤكد ان عملية الاغتيال مدبرة، الامر الذي يفتح باب التساؤل حول ما اذا كانت قرارات معين عبدالملك قد عجلت باغتيال القائد العسكري البارز، خاصة وان القتيل سبق له ووجه اتهامات خطيرة للإخوان بسرقة ارقام عسكرية من منتسبي اللواء وصرفها لعناصرهم المتطرفة في مأرب.

فالاغتيال السياسي ربما ليس له علاقة بمشروع التوسع الإخواني في تعز، ولكن ربما هي مساعي لتجريد رئيس الحكومة اليمنية من أي قوة عسكرية وطنية محسوبة على رئيس الحكومة اليمنية معين عبدالملك.