"اليوم الثامن" تبحث في قمم ماليزيا وانطلاقة هجمات 11 سبتمبر وخليج عدن..

تحليل: "قمة كوالالمبور".. على العالم أن ينتظر هجمات ارهابية جديدة

القمة لا تمتلك مشروعا للدفاع عن الدول الإسلامية - ارشيف

القسم السياسي

انتهت قمة اسلامية مصغرة استضافتها ماليزيا، وحضرتها "قطر وتركيا وإيران"؛ اعضاء التحالف الثلاثي المناهض للخليج العربي، والمتورط في هجمات ارهابية طالت منشئات نفطية وسفن بحرية نفطية في المياه الدولية بالخليج العربي، بمؤتمر صحفي نفى في رئيس الوزراء الماليزي (البلد المستضيف) مهاتير محمد أن يكون الهدف من قمة كوالالمبور الإسلامية إنشاء كيان إسلامي آخر، في تصريحات تؤكد تراجعه في تبني مواقف مناهضة لدول الخليج وخاصة السعودية، وهو ما يوحي بان مهاتير محمد لا يرغب في توتير العلاقة مع الخليج لصالح التحالف الثلاثي الذي حاول ان يجعل من كوالالمبور منصة لشن هجمات ضد السعودية والإمارات والسيطرة على الجنوب وباب المندب.

 

قمة" كولالمبور" والمطامع التركية والقطرية في باب المندب

وانشئت قطر وتركيا معسكرات في مدينة تعز ومأرب، وتحضر لشن هجوما متزامنا على عدن من الشرق والغرب، وقد نجحت في التمهيد لهذه المعركة باغتيال أحد ابرز قادة الجيش اليمني، وهو العميد عدنان الحمادي.

ولم يخف تحالف قطر وتركيها وإيران، من مطامعهم في باب المندب وخليج عدن، بل ان تنظيم الإخوان في اليمن أعلن بشكل واضح وعلني عن هذا المشروع، وبدأ تنفيذ مخططات الدوحة بالسيطرة على الجنوب، ومياه خليج عدن وباب المندب، وهي مطامع  يرى الإخوان الموالون لقطر ان باستطاعتهم تحقيقها دون الحاجة إلى دعم الحوثيين الموالين لإيران.

مولت قطر تحالفات سياسية وعسكرية في الجنوب من بينها تيارات سياسية يقودها موالون لإيران، كان الهدف للدوحة ان يسيطر الإخوان في مارب على عدن، غير ان ذلك لم يتحقق للعديد من العوامل من بينها الموقف الجنوبي والاقليمي الرافض لأي شكل من اشكال السيطرة لحلفاء الدوحة وانقرة على عدن المحررة من حلفاء طهران.

الدوحة التي قاطعتها حكومة الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، تحت رغبة سعودية، عادت الحكومة اليمنية للتحالف "سرا وعلنا" معها، ودخل مسؤولون يمنيون في مواجهة مباشرة مع السعودية التي تدعم حكومة هادي، لكن ذلك لم يمنع مسؤولين من نعت السعودية بالدولة المحتلة للمهرة واجزاء من حضرموت.

حاولت قطر ان تظل بعيدة نوعا ما، خشية من أي خلافات قد تنشب بين حكومة هادي والسعوديين، ودفعت بتركيا للعب الدور ذاته مع اسمرار الدعم القطري في الخفاء او باسم الدور التركي.

أنقرة ربما لم يعجبها ان تظل هي الواجهة السياسية للدوحة، فدفعت بالقيادي الإخواني حمود المخلافي المقيم في مدينة اسطنبول، للقيام بدور مناهض للرياض، دعا فيها أولا إلى عودة من اسماهم بمقاتلي حزب الاصلاح بالعودة إلى تعز، قبل ان ينتهي به المطاف باستعراض مليشياوي هو الأكبر في بلدة يفرس، أطلق عليه معسكر "حمد آل ثاني"، قبل ان تتوعد الرياض بقصفه، لتتراجع عقب ادانة حمائم الإخوان للمعسكر الذي يتبع الصقور في أنقرة.

 

قمة" كولالمبور".. تتجاهل الحديث عن معاناة المسلمين

 

لكن الحديث عن "القمة"، التي قاطعتها السعودية ودول اسلامية أخرى، فقد تعهدت في ختام أعمالها بالمضي قدما نحو تحقيق أهدافها من خلال التعاون في مجالات التعليم والتكنولوجيا والصناعة والدفاع"؛ لكن دون أي موقف ضد الابادة الجماعية للمسلمين في العديد من البلدان ومنها الصين التي يعيش فيها مسلمو الايجور معاناة كبيرة جراء استمرار التصفيات الطائفية والعريقية بحقهم.

وعلى الرغم من ان القمة ادعت انها تمتلك مشروعا للدفاع عن الدول الإسلامية، الا ان مهاتير محمد أكد انه قد تم تغيير اسمها إلى " قمة منتدى "بِردانا" للحوار والحضارة.

ورفض مهاتير التعليق على سؤال لقناة الجزيرة القطرية حول عدم مشاركة السعودية في القمة، قبل ان يبرر بالقول "البعض فهموا بالخطأ نياتنا والقليل كانوا قلقين من القمة ولم يكن هناك تبريرات للأفكار السلبية".

وتجاهلت القمة أي حديث عن الانتهاكات ضد المسلمين، وهو الأمر الذي يفسر ان هذه الدول لم ترض ان تغضب العديد من البلدان المتورطة في جرائم ضد الاقليات المسلمة، ومنها مسلمو الإيغور، والذين أعربت الأمم المتحدة أكثر من مرة عن قلقها بعد ورود تقارير عن اعتقالات جماعية طالتهم، ودعت لإطلاق سراح أولئك المحتجزين في معسكرات "مكافحة الإرهاب".

لجنة معنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة قد أكدت تلقيها كثيرا من التقارير الموثوقة التي تتحدث عن احتجاز نحو مليون فرد من أقلية الإيغور المسلمة في الصين في "مراكز لمكافحة التطرف".

 والإيغور هم مسلمون وتعود أصولهم إلى الشعوب التركية (التركستان)، ويعدون أنفسهم أقرب عرقيا وثقافيا لأمم آسيا الوسطى، ويشكلون نحو 45 في المئة من سكان شينغيانغ، في حين تبلغ نسبة الصينيين من عرقية الهان نحو 40 في المئة.

وتفصل الصين بشكل متعمد الأطفال المسلمين عن عائلاتهم والبيئة الدينية واللغوية الخاصة بهم وتضعهم في مناطق بعيدة في إقليم شينغيانغ.

ويعيش في بلدة واحدة 400 طفل بلا والدين، جراء ما يقوم به المحتل.

ماليزيا وهجمات الـ11 من سبتمبر

لكن هذه القمة التي استضافته العاصمة الماليزية كوالالمبور، اعادت إلى الاذهاب اجتماع عقدته جماعة الإخوان والقاعدة في الـ8 من يناير العام 2000م، أي قبيل هجمات الـ11 من سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية، والمتورطة فيها قطر، وكذا الهجوم على المدمرة الأمريكية يو اس اس كول في ميناء عدن.

وسائل إعلام سعوديةـ تساءلت حول "ما وجه الشبه بين هذا التجمع في كوالالمبور وتجمع آخر حدث في سنة 2000 جمع قيادات لتنظيم القاعدة في العاصمة الماليزية؟، تساؤل فرضه حضور شخصيات معروفة بانتمائها لجماعة الإخوان المسلمين، أو تأييدها للجماعات الإرهابية في القمة الإسلامية المصغرة، التي دعا إليها الرئيس الماليزي مهاتير محمد وحضرها كل من الرئيس الإيراني حسن روحاني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبالإضافة إلى الرئيس القطري الأمير تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني.

لكن على ما يبدو ان مهاتير محمد، قد حاول خلال المؤتمر الصحفي نفي أي تهمة قد توجه لبلاده فيما اذا قامت ثلاثة من ابرز اعمدة القمة المصغرة، بأي اعمال عدائية ضد الدول العربية والخليجية على وجه التحديد.

قال مهاتير للصحافيين " تجمعنا هذا، تجمع مصغر يتكون من عدة دول إسلامية، بحيث يحرص قادتها على الجلوس والعمل معا لنناقش بعمق قضايا معينة يمكن تطويرها لصالح مشترك" يفيد الأمة الإسلامية كلها".. مبينا "أن القمة شهدت التوقيع على 18 مذكرة تفاهم في مختلف المجالات بما في ذلك التكنولوجيا المتقدمة، والتعاون الإعلامي، ومراكز التميز، وكذلك الأمن الغذائي، والقيادات الشابة، فضلا عن تبادل البرامج بين الدول المشتركة".

لكن عاد ودافع عن ما اسماه بالحصار المفروض على إيران وقطر، قائلا "إن سياسة العقوبات جريمة أيا كان نوعها وإن عدة دول تأثرت سلبا من العقوبات المفروضة على إيران، مؤكدا أن إيران ورغم سنوات من العقوبات استطاعت أن تنمو وتزدهر".

وقالت الجزيرة القطرية "إن مهاتير محمد أدك تعرض قطر لحصار، لكنها وأفلحت في النهوض محققة نجاحات مبهرة، لكن مثل ذلك الحصار قد لا يقتصر على إيران وقطر".

وتجاهلت القمة وتصريحات مهاتير محمد في اعقاب انتهاء اعمالها، الحديث عن الانتهاكات التي ترتكب بحق المسلمين في العديد من البلدان وأبرزها الصين، التي تتعرض الاقلية المسلمة فيها لما وصفتها منظمات دولية "بالجرائم البشعة.

وقبل الحديث عن "قمة القاعدة" في "كوالالمبور"، والتي بحسب ما كشفته أجهزة المخابرات الأميركية، كانت قد جمعت مخططي ومنفذي تفجيرات برجي التجارة العالمي

 

في العام 2014 وبعد سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، أسس "مهاتير محمد"، وقبل أن يتولى منصبه الحالي، ما عرف بـ"منتدى كوالالمبور للفكر والحضارة"، يتولى هو شخصياً رئاسته، على أن تكون استضافة المنتدى في دول مختلفة تتحالف حكوماتها مع جماعة الإخوان المسلمين، فعقدت نسخة من المنتدى في تركيا وأخرى في السودان، وتونس، بحضور لمختلف التنظيمات والحركات الإسلامية وقياداتها، وبالطبع إلى جانب كافة فروع جماعة الإخوان.

 

وتم تعيين 3 نواب للرئيس من بينهم الموريتاني "محمد ولد الددو الشنقيطي"، عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في قطر، ومفتي الجماعات "الجهادية" المسلحة، و"أمر الله إشلر" نائب رئيس الوزراء التركي في حكومة رجب طيب أردوغان، و"علي عثمان طه"، نائب الرئيس السوداني السابق "عمر البشير"، وتولى "عبد الرزاق مقري"، مرشد جماعة الإخوان في الجزائر، منصب الأمين العام للمنتدى.

دعوة للخلافة التركية الراشدة

المنتدى الماليزي المشغول بما وصفه تحقيق "الحكم الرشيد" في العالم الإسلامي، والوصول إلى "الخلافة الراشدة " عبر "الربيع العربي"، كما جاء في أحد بحوثه والذي حمل عنوان "ثورات الربيع العربي إلى أين؟ وهل تصل إلى الخلافة الراشدة"، يأتي منسجماً مع المنهج الحركي الإسلامي المتطرف، والذي يتبناه الموريتاني "ولد الددو الشنقيطي" نائب رئيس قمة كوالالمبور، ومفتي ومنظر الجماعات "الجهادية"، وفي مقدمتها تنظيم "القاعدة" في سوريا وليبيا واليمن وغيرها، والذي خصص مشاركته عبر قناة "فور شباب" الإخوانية منذ العام 2013، وتحديداً في برنامج "مفاهيم"، للإفتاء فيما يطرأ على الجماعات المسلحة الراديكالية من وقائع وأحداث.

 

قمة "القاعدة" في كوالالمبور يناير 2000

 

عقدت "قمة القاعدة" في كوالالمبور، وتحديداً في ضاحية "سوبانج سيلانغور"، ما بين 5 إلى 8 يناير 2000 ، لمجموعة من أعضاء تنظيم القاعدة رفيعي المستوى من تنظيم القاعدة، في شقة بأحد العمائر السكنية، والتي كانت محل إقامة "يزيد شفاعة"، وهو نقيب سابق في الجيش الماليزي ورجل أعمال انضم إلى الجماعة الإسلامية بماليزيا فيما بعد، وكان الغرض من القمة هو التخطيط لتنفيذ عدة هجمات إرهابية، شملت عملية تفجير المدمرة الأميركية "يو إس إس كول" في أكتوبر 2000 وإعداد اللمسات الأخيرة لتنفيذ تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر.

وكانت السلطات الماليزية قد سجلت الاجتماع على شريط فيديو بطلب من وكالة المخابرات المركزية، ولكن دون تسجيل الصوت، ووثقت كاميرات المخابرات الماليزية لحظة خروج قيادات تنظيم القاعدة من الفندق عقب انتهاء الاجتماع.

الاجتماع ترأسه الكويتي من أصل باكستاني "خالد شيخ محمد"، مدبر تفجيرات 11 سبتمبر (عضو سابق في جماعة الإخوان المسلمين في الكويت)، وكان من بين الحضور "رمزي بن الشيبة"، و"نواف الحازمي" و"خالد المحضار"، و"توفيق عطاش" و"محمد عطا" و"صلاح سعيد محمد يوسف" الذي صمم الهجمات التي استهدفت المدمرة الحربية بميناء عدن والفرنسي من أصول مغربية "زكريا الموسوي" الذي أشرف على تدريب الطيارين في الولايات المتحدة، وهو من اقترح كوالالمبور كنقطة عبور ومجال تغطية للعملية.

كانت التعليمات بأن يشارك "الموسوي" مع "رضوان عصام الدين"، والمعروف بـ"الحنبلي"، القائد العسكري للجماعة الإسلامية في جنوب شرق آسيا، وإمام سامودرا و"يزيد شفاعة"، التنسيق مع باقي المجموعات الموزعة بين باكستان وأفغانستان للإعداد لهجمات 11 سبتمبر.

"موسوي" الذي كان حلقة الوصل بين "خالد شيخ محمد" ومجموعة جنوب شرق آسيا، طلب من "حنبلي" و"يزيد شفاعة"، شراء وإعداد المتفجرات التي ستستخدم في العملية، فتم شراء أربعة أطنان من نترات الأمونيوم بسعر ثمانية آلاف رينجت ماليزي في يوليو عام 2000.

أعطى يزيد شفاعة الذي كان يمتلك شركة "إنفوكس" المتخصصة في مجال الكمبيوتر خطاب تزكية لـ"زكريا الموسوي" قبل مغادرته كوالالمبور يفيد بأن الأخير كان يعمل موظفا بشركته، بغرض تسهيل التحاقه بأكاديمية للطيران وللتغطية على النشاطات الحقيقية لـ"موسوي".

استغرقت زيارة "زكريا موسوي"، إلى ماليزيا ثلاثة أسابيع، وأقام 5 أيام في "جاكرتا"، والذي كان بهدف البحث عن أكاديمية مناسبة للطيران، وكان من ضمن مهامه تدريب الطيار المكلف بمهاجمة مبنى مركز التجارة العالمي، وفي كوالالمبور أشرف "موسوي" على تدريب مجموعة القاعدة المقيمة هناك.

حصلت المجموعة التي ضمت "زياد الجراح" و"رمزي بن الشيبة" و"مروان الشحي" و"محمد عطا"، على تدريبات في "كوالالمبور"، قبل أن يخضعوا لتدريبات نهائية في أفغانستان على يد "أبي تراب" صهر "أيمن الظواهري"، حول طريقة قيادة طائرة مختطفة وكيفية استخدام المتفجرات على متن الطائرة والسيطرة على طاقمها وركابها.

 

هجمات ارهابية محتملة

ليس من المستبعد ان تتوقف أي من الدول الثلاث عن تحالفاتها السرية، خاصة في تحالفاتها مع القوى اليمنية المتطرفة وفي طليعتها مليشيات الحوثي وإلإخوان، غير ان ايران ذهبت الى ابعد من ذلك بشن هجمات ضد السعودية انطلاقا من العراق، ولا يستبعد هذا ايضا.

سبق لتركيا ان استضافت في العام 2014م، قبل التدخل السعودي في اليمن لمنع التمدد الإيراني من السيطرة على باب المندب وخليج عدن، واتفق الطرفان على تنسيق الهجمات ضد السعودية، قبل ان ترد الرياض بإعلان الإخوان جماعة ارهابية مثلها مثل تنظيمات القاعدة وداعش.

تعرضت السعودية لهجمات ارهابية بعضها طالت شركة ارامكو، ناهيك عن الهجمات التي تعرضت لها سف في المياه الدولية بالخليج العربي.

وعلى الرغم من الادانة الدولية لهذه الهجمات، الا ان قمة كوالالمبور ربما يعزز من فرضية تنسيق هجمات على مستوى أعلى، وهو قد يرجح عودة الهجمات التي تعرضت لها مبنى التجارة العالمية وما سبقها من هجمات طالت احداها البارجة الأمريكية يو اس اس كول التي تعرض لهجوم ارهابي في خليج عدن.

لكن الخطر الأكبر لما تم في كوالالمبور، هو التحشيد الذي يقوم به الحوثيون والإخوان للسيطرة على الجنوب، بل ان المليشيات الأخيرة انتهت كليا من التجهيز لحرب عدوانية على عدن، وهو ما قد يفجر حرب طائفية قد توقع ضحايا كثر، وهو ما لم يدرك عواقبه الاتباع المحليين لحلفاء مأرب.