"اليوم الثامن" تقدم قراءة مستفيضة..

تحليل: مأرب وأجندة إخوان اليمن.. أبعد من رفع المقاطعة عن قطر

الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية - ارشيف

القسم السياسي

قال الحوثيون الموالون لإيران والذين يتحصلون أيضا على دعم قطري، إنهم تمكنوا من التوغل في محافظتي الجوف ومأرب، اللتين تخضعان لسيطرة تنظيم الإخوان الممول من الدوحة وأنقرة، في مشهد دراماتيكي، يكشف عن أجندة موجهة ضد السعودية التي تقود تحالفًا عربيًا لدعم عودة سلطات الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي إلى صنعاء، التي سلبت منه في الـ21 من سبتمبر (أيلول) 2014م.

كان هادي الذي ظل نائبًا لصالح لأكثر من ثلاثة عقود قد دفعت به مبادرة خليجية قدمتها السعودية واشتركت أيضًا فيها "قطر"، التي رأت أن عليها حصد ثمار ما جنته من انتفاضة الإطاحة بالرئيس اليمني السابق.

كانت السعودية تقدم دعمًا لصالح لمحاربة الحوثيين، لكن القوات التي كانت تقاتل المليشيات في جبال صعدة تتبع علي محسن الأحمر الذي كان قائد الفرقة الأولى مدرع والمالك الحصري لها.

ربما أن من الأخطاء التي ارتكبها نظام صالح، أنه أشرك الإخوان في الحكم ومنحهم النفوذ والقوات العسكرية، ودافع عن قيادات إخوانية مرتبطة بتنظيم القاعدة.. برر صالح ذلك، بأنه استخدم الإخوان لمواجهة الحزب الاشتراكي الجنوبي، فقد قتل الإخوان في العاصمة اليمنية صنعاء جار الله عمر السياسي الإشتراكي، وهو ضمن المئات من المسؤولين الجنوبيين الذين قتلهم صالح بسلاح الإخوان، لكنه لم يدرك أن التنظيم قد يعود لاحقًا للإطاحة به من الحكم.


اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تحليل: عبدربه منصور هادي.. رئيس اليمن من السعودية بإدارة قطرية


أراد صالح التخلص من الأحمر منذ وقت مبكر في صعدة التي كان يقود المعارك فيها ضد الحوثيين، إلا أن الأحمر لم يقتل ، وكردة فعل على ذلك، انقلب من كان يصف بالذراع اليمني لصالح على رئيسه وأعلن انضمامه إلى انتفاضة فبراير التي منحت السلطة لهادي بإدارة إخوانية.

كانت انتفاضة 2011م، قد دفعت بالحوثيين من صعدة في أقصى اليمن الشمالية إلى وسط العاصمة صنعاء، قبل أن يجدوا أنفسهم كقوة سياسية مشاركة في مؤتمر الحوار اليمني، قبل أن يستعرضوا قواتهم في الحدود مع السعودية، في رسالة إيرانية واضحة.

حاولت السعودية الدفع بهادي لكي يكون قوة مستقلة بعيدًا عن نفوذ صالح والإخوان، إلا أن الرجل لم يكن في الموقع الذي يعول عليه، وأمام تزايد نفوذ الإخوان في اليمن من بوابة الرئاسة اليمنية، ذهبت الرياض إلى وضع التنظيم على قوائم الإرهاب، وكردة فعل على ذلك، سلم التنظيم عمران وبعدها صنعاء للحوثيين، على الرغم من أن التنظيم أعلن أنه يمتلك أربعة آلف مقاتل قادرين عل مواجهة مليشيات إيران في حرف سفيان وتخوم صنعاء، وهو ما لم يحصل بفعل ذهاب وفد رفيع يتزعمه زعيم الإخوان محمد اليدومي على متن طائرة عسكرية إلى صعدة ولقاء عبدالملك الحوثي، ليخرج بها الزعيم الإخواني ورجل الاعمال حميد الأحمر للحديث على أن صعدة أصبحت منطقة آمنة بفعل الحوثيين.


ظن "صالح" الرئيس اليمني المعزول، أن المشهد في اليمن يُرسم وفق ازاحته بشكل كامل، وهو ما دفعه للتحالف مع الحوثيين الذين أسقطوا العاصمة اليمنية صنعاء.
أعلن صالح التحالف مع اتباع إيران، بمبرر أن السعودية قد أدارت ظهرها له وتستعانت بالأحمر، الذي أمر قواته الضخمة بعدم مواجهة الحوثيين.

يعد علي محسن الأحمر -ذات العلاقة الوثيقة بأمير قطر-، الحليف الأبرز للسعودية في شمال اليمن، لتدفع به في العام 2016م، إلى منصب نائب الرئيس ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لتمنحه لاحقًا صلاحيات أوسع من صلاحيات الرئيس هادي.

اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تحليل: حكومة اليمن ترفضهم.. من هم اتباع قطر وتركيا ومن يحركهم؟


كان المبرر لتعيين "الأحمر"، المتهم أمريكيا بعلاقته بتنظيم القاعدة الإرهابي، أنه القادر على تفكيك حزام صنعاء القبلي وهو ما لم يحدث، فقد ازداد الحزام أكثر صلابة في القتال إلى جانب الحوثيين الذين حصلوا على أسلحة ومعدات خاصة بالصواريخ والطائرات المسيرة التي ضرب بها الحوثيون الجنوب.

أوقف الإخوان الذين يتحكمون في القرار السيادي لليمن، جبهات القتال وخاصة تلك التي تقع شرق صنعاء العاصمة اليمنية، وبرروا ذلك بأن التحالف العربي لا يرغب في أن تسقط صنعاء في قبضة الإخوان، إلا أن الحوثيين ومع اشتداد المعارك اتهموا الإخوان بنقضهم هدنة رعتها قطر في العام 2017م، في أعقاب المقاطعة الخليجية والعربية للدوحة.


لكن التطورات الأخيرة التي جاءت بعد استهداف معسكًرا يضم قوة جنوبية في مأرب، توحي بأن الأمر والمناوشات تلك ما هي إلا جزءا من المخطط الرامي لتسليم مأرب للحوثيين ودعمهم للتوغل صوب الجنوب وصولًا إلى باب المندب.


كان حلفاء الدوحة يبررون بأنهم يسعون لرفع المقاطعة، التي كان لها أن تتم قبل ثلاثة أشهر لولا أن تميم بن حمد نسفها بالذهاب صوب قمة إسلامية ضمت إلى جانب الدوحة انقرة وطهران.

ولكن قبل الحرب الأخيرة، خرج وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري الذي يعد من أبرز أدوات قطر للحديث عن سيادة اليمن التي تحاول النيل من السعودية ، وهي التصريحات التي رفضتها حكومة معين عبدالملك، لكن ما يبدو ملفتا في تصريحاته هو حديث على أن دولا – لم يسمها – تدعم بقاء الحوثيين كسلطة أمر واقع متوعدًا بأن جيش مأرب الذي يتمركز في شقرة بأبين قادرٌ على احتلال عدن العاصمة، وطرد القوات الجنوبية.


أكد الميسري أن اليمن الشمالية ذهبت لصالح اتباع إيران وان الجنوب لم يتبق منه إلا القليل للسقوط في نوافذ "قطر وتركيا".
قال الميسري أن على السعودية إذا تريد تحقيق مصالحها في الجنوب فأن عليها ان "تأتي عن طريقهم" وليس عن طريق قوى سياسية أخرى، قبل أن ينفي أن يكون يبحث وراء المال.

وحيال ذلك، دفعت السعودية بقوة للدفاع عن مأرب، غير أن الحوثيين وتنفيذًا للأجندة القطرية انسحبوا وسلموا العديد من المواقع الاستراتيجية، قبل أن يبرر وزير الدفاع الأمر بأنه انسحاب تكتيكي.

اقرأ المزيد من اليوم الثامن > تقرير: "التحالف العربي" .. من أين تبدأ معالجة الأخطاء الاستراتيجية


لكن الحوثيين سرعان ما صعدوا في الجوف المجاورة بالسيطرة على بلدات ريفية هناك، الأمر الذي فسرته تقارير محلية من وصفته بالتواطؤ الإخواني في سياق الضغط على السعودية لرفع المقاطعة عن قطر.
تبحث قطر التي تمتلك نفوذًا غير عادي في الرئاسة اليمنية بالرياض الى تحقيق مصالحة مع السعودية منفردة، معتقدة أنها بذلك تستطيع تحقيق الانتصار لإيران بتفكيك التحالف العربي الذي جاء لمحاربتها.


وعلى إثر هذه المساعي، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير على "أن قطر مستمرة في تمويل الإرهاب"، ليضع حدًا لكل هذه المساعي الرامية الى ضرب التحالف العربي في مقتل.

لكن التوغل الحوثي صوب مأرب وانسحابات الإخوان المبررة بالتكتيك، تبدو أبعد من رفع المقاطعة لقطر، فالإخوان كتنظيم عسكري سبق لهم وانشقوا عن حكومة هادي، وتسليم قادة وقوات عسكرية إلى المليشيات الحوثية دون قتال.

ترى إيران ان الانتقام من قتل الولايات المتحدة لزعيمها العسكري في المنطقة قاسم سليماني، يجب ان يكون من خلال السيطرة عسكريا على الأرض واسقاط المدن غير الخاضعة للنفوذ الإيراني في العراق وسوريا واليمن.

اقرأ المزيد من اليوم الثامن > تحليل: قمة كوالالمبور.. إستراتيجية سحب الشرعية الدينية عن السعودية

ويبدو أن الانتقام الإيراني في اليمن يتم بتوافق مع قطر التي من مصلحتها ان يسقط حلفاء إيران كل اليمن لمصلحة نفوذ التحالف الجديد الذي يضم أيضاً تركيا.

اسقاط الحوثيين للعديد من المواقع والمدن وتهديد الجنوب مرة أخرى، يرى الإخوان انه أسهل الطرق لإفشال اتفاق الرياض الذي جاء لتوحيد الجهود ضد الحوثيين.

الإخوان الذين اندفعوا بقوة صوب الجنوب لاحتلاله، سلموا العديد من المواقع العسكرية والاستراتيجية للحوثيين دون قتال، واسقاط الجنوب لمصلحة النفوذ القطري والتركي، يعني خروج السعودية دون أي انتصار، فالحلفاء الذين يسلمون المواقع تباعًا في الجوف ونهم، ينفذون اجندة مشاريع معادية للسعودية، والرياض تدرك ذلك جيداً.