التغلغل التركي القطري..

تقرير: كيف ستتعامل السعودية بعد هيمنة "الإخوان" على الشرعية؟

أول تحرك سعودي ضد الجناح القطري التركي في الحكومة

محمد حنشي

لسنوات ظل المحور القطري التركي في الحكومة الشرعية اليمنية يسعى جاهداً إلى إفشال مهمة التحالف العربي في استعادة الدولة اليمنية من الولاية الإيرانية.

هذا المحور المتمكن في الحكومة الشرعية اليمنية المؤقتة والانتقالية والمسيطر على القرار كان أبرز عائق أمام التحالف العربي في تحقيق الانتصارات خاصة في الجبهات التي يسيطر عليها "إخوان اليمن" الذين يمثلون الطرف الأكبر من هذا المحور إلى جانب عدد من مسئولي الحكومة والتي شهدت توقفاً للمعارك منذ سنوات مقابل انتصارات كبيرة حققتها القوات الجنوبية والمشتركة في الساحل والغربي ومحافظة الضالع بإسناد من التحالف العربي وتحديداً دولة الإمارات العربية المتحدة.

كما سعى الجناح القطري التركي بكل قوة إلى إفشال اتفاق الرياض الذي وقع بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي في الرياض برعاية الملك سلمان بن عبدالعزيز، والذي اتفق الجميع خلاله حول توحيد الجهود نحو قتال جماعة الحوثي الموالية لإيران، وهو ما أزعج الجناح التركي القطري، سيما وأن هذا الجناح لا يريد إسقاط الجماعة الانقلابية واستعادة الجمهورية، وقد كشفت المليشيات مؤخراً عقد هدنة مسبقة مع الحزب في جبهات يسيطر عليها.

أول تحرك سعودي ضد الجناح القطري التركي في الحكومة

اكتشفت دولة الإمارات العربية المتحدة التغلغل التركي القطري في الحكومة الشرعية مبكراً وسعت للعمل بعيداً عنه، في حين تريثت المملكة العربية السعودية كثيراً وسعت جاهدة إلى العمل على توحيد الصف نحو استعادة باقي المحافظات اليمنية من سيطرة المليشيات، إلا أنها اصطدمت بالغدر الإخواني الذي استهدفها خدمة لأطراف خارجية على عداء مع الرياض، وحاول بكل الطرق افشالها واظهارها بالعاجزة في حسم المعركة ضد الانقلاب الحوثي بل وخانها حين عقد الهدنة وسحب مقاتلين من معارك الحدود.

ووجه القيادي الإخواني المقيم في اسطنبول "حمود المخلافي" دعوة للمقاتلين في الحدود السعودية اليمنية والذين حققوا انتصارات على المليشيات في معقلها بمحافظة صعدة، وقام بافتتاح معسكرات لها بمحافظة تعز، دون الرجوع إلى القيادة العسكرية للحكومة الشرعية، في تصرف مليشياوي بعد تلقيه دعماً تركياً قطرياً، بحسب وسائل إعلام في تعز.

وبدأت الصورة تتضح للسعودية حول خيانة "إخوان اليمن" وارتباطهم بالمشروع التركي القطري التخريبي في المنطقة، وتنسيقهم مع المليشيات الانقلابية في اليمن، ورفضهم للدعوات السعودية والتي بدأت حين دخلت القوات الإخوانية مدينة عتق بمحافظة شبوة في أغسطس الماضي، حيث أصدر التحالف العربي بياناً مشتركاً دعا من خلاله إلى وقف إطلاق النار في شبوة وأبين وعدن، وأيده بعد ساعات بيان لوزارة الدفاع اليمنية أكد التزامه بوقف إطلاق النار إلا أن القوات الإخوانية تقدمت نحو باقي مديريات محافظة شبوة ومن ثم اقتحمت محافظة أبين ووصل جزء منها إلى تخوم العاصمة عدن قبل أن تتمكن القوات الجنوبية من دحرها، في تحد صارخ لبيان التحالف وتوجيهات وزارة دفاع هادي.

وبرز مؤخراً للعيان الجناح التركي القطري في الحكومة الشرعية رسمياً، ممثلاً بوزير الداخلية أحمد الميسري ووزير النقل صالح الجبواني، وهاجم التحالف وخاصة قائدة التحالف المملكة العربية السعودية، بكل قسوة، وسعى إلى بناء علاقات وتحالفات مع الجانب التركي بعيداً عن الرئاسة اليمنية ورئيس الحكومة.

وزار الجبواني اسطنبول، وأجرى مباحثات مع الأتراك، كما قام بتوقيع عدد من الاتفاقيات مع الجانب التركي قبل أن تعلن الحكومة اليمنية وعبر وكالتها الرسمية"سبأ" أن الزيارة لا تثمل الحكومة، وكل الاتفاقيات الموقعة لا تعبر عنها.

واتهمت صحيفة الوطن السعودية، في عددها الصادر يوم الثلاثاء 28 يناير، رسمياً الوزيرين الميسري والجبواني باختراق الشرعية اليمنية والعمل على خدمة المحور التركي القطري الذي يسعى بكل الطرق إلى إسقاط التحالف في اليمن.

وقالت الصحيفة، في أول اتهام من نوعه للوزراء في الشرعية اليمنية، إن الوزيرين يخدمان مشروعا يهدف إلى إسقاط الشرعية وإضعافها وكذلك التحالف.

وبينت الصحيفة أن الميسري والجبواني يظهران بين الفينة والأخرى على قناة الجزيرة القطرية ويوجهان اتهامات للسعودية والإمارات، بل ذهب الميسري إلى حد اتهام التحالف جزافاً بمسؤولية حادث مأرب الإرهابي الذي ارتكبته الميليشيات الحوثية الأسبوع الماضي.

ويرى مراقبون أن هذه التصريحات السعودية قد تساهم في إصلاح الخلل داخل منظومة الشرعية التي ينخرها الجناح القطري التركي، معبرين عن أملهم في أن تشهد تعديلات تطيح بهذه الوجوه التي تدين بالولاء لأطراف تحارب المشروع العربي في اليمن خاصة إذا ما نفذ اتفاق الرياض الذي نص على استبعادهم.

بن فريد: المحور القطري التركي داخل الشرعية عميق ويجب اقتلاعه

وقال القيادي في المجلس الانتقالي أحمد عمر بن فريد، إن الأحداث الأخيرة وسقوط الجبهات، التسليم والاستلام بين جماعتي الإخوان والحوثي في مأرب والجوف، تؤكد أن الاختراق التركي القطري للحكومة الشرعية عميق جداً.

وقال ابن فريد إن تنظيم الإخوان يستغل وزير الداخلية أحمد الميسري ووزير النقل لأكل الثوم بفيهما فيما أن الاختراق الحقيقي لهذا المحور الخبيث للحكومة الشرعية أعمق من ذلك وأخطر بكثير وقد أثبتت ذلك الأحداث الأخيرة، كما قال.

ودعا رئيس دائرة العلاقات الخارجية لدى المجلس الانتقالي، إلى ضرورة اقتلاع جميع عناصر الإخوان من جذورها من داخل منظومة الشرعية.

هيمنة الإخوان على الشرعية

ومن جهته، قال الكاتب صلاح السقلدي: لا أعتقد أن التحالف، والسعودية بالذات، يجهل حقيقة أن السلطة اليمنية المسماة بالشرعية والتي يهيمن عليها حزب الإصلاح "إخوان اليمن" موالية لتركيا وقطر، ولكن الغريب بالأمر أن السعودية تغض الطرف عن هذه الحقيقة وتستمر بدعمها وإسنادها بالعتاد والإعلام لهذا الحزب.

ربما هذا الموقف السعودي الواقع تحت الحاجة الملحة لهزيمة الحوثيين سيكون له موقف مغاير تجاه الإصلاح بمجرد أن يقضي منه غرضه يهزم له الحوثيين –هكذا تعتقد السعودية وتتطلع-، ولكن هذا الأمر، أي هزيمة الحوثيين على يد الإصلاح، يبدو ضرباً من المستحيل، وذلك من خلال تجارب خمسة أعوام من التثاقل بالجبهات والتملص من التقدم صوب صنعاء والنوايا باجتياح عدن بدلاً عن صنعاء.. والهزائم الأخيرة بنهم والجوف ومأرب تؤيد هذا الاعتقاد أكثر وأكثر...

وأضاف السقلدي، إنه عطفاً على ما تقدّم نأمل أن يدرك السعوديون أنهم إزاء حزب ماكر ومخادع لا يؤمَــن جانبه أبداً.

وعبّر السقلدي عن أمله أن تعيد الرياض تقييم تعاطيها مع الواقع باليمن شمالاً وجنوباً، وأن تلتفت إلى التعامل بجدية مع القوى الحية والمؤثر على الأرض في الشمال والجنوب إن أرادت أن تؤمن مصالحها، وتضمن أمن حدها الجنوبي، وليس مع القوى الهلامية الافتراضية التي لا ترى في هذه الحرب سوى فرضة لتسمين جسدها العسكري والمالي لقادم السنين، لتنقض به على خصومها وبالجنوب تحديداً، هذا فضلاً عن انقضاضها على السعودية ذاتها، والأيام بيننا. فلنا بالجنوب تجارب مريرة مع سياسة الإصلاح الديماغوجية والانتهازية..!