رئيس الجنوب الأسبق يقدم معلومات صادمة..

تقرير: صحيفة سعودية تفتح ملف 86.. لماذا أطاح عبدالفتاح بعلي ناصر

الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد - ارشيف

فريق الابحاث والدراسات
فريق البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات

فتحت صحيفة سعودية احداث دموية شهدها الجنوب قبيل توقيع اتفاقية الوحدة اليمنية الهشة في منتصف ثمانيات القرن الماضي، من خلال استضافتها لرئيس الجنوب الأسبق علي ناصر محمد، الذي تحدث على انه احد صناع الوحدة اليمنية، لكن لم يدل بأي معلومات حول الحرب التي أطاحت به من الحكم في الـ13 من يناير العام 1986م، غير أنه أكد على انها كانت حربا تمهيدية للوحدة اليمنية الهشة، وهي الحرب التي أطاحت به من الحكم.

لكن يبدو انه أمر مثير للاستغراب ان تفتح صحيفة "اندبندنت عربية" السعودية، الملف الذي يصور على أنك أكثر الملفات دموية، وهو ما ينفيه ناصر ويؤكد على ان هناك احداث كانت أشد دموية من احداث منتصف الثمانيات في الجنوب.

لكن السعودية التي يقود تيار الإخوان فيها، حربا سياسيا وإعلامية ضد الجنوب، في محاولة لعرقلة جهود الجنوبيين في الحصول على حكم ذاتي.

وقال الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد "إن الوحدة اليمنية اُستخدمت كحصان طروادة لإسقاط النظام في عدن"؛ في إشارة الى الإطاحة به من الحكم من قبل الرئيس الذي سبقه عبدالفتاح إسماعيل، المتهم الرئيس في التخطيط للانقلاب على حكم الرئيس ناصر، تمهيدا لتحقيق الوحدة اليمنية.

وأتهم ناصر ضمنياً عبدالفتاح إسماعيل وعلي عبدالله صالح، بالتخطيط ودعم الانقلاب عليه، وهو المخطط الذي انتج احداث يناير 86م، لكنه أكد ان جميع الحروب التي وقعت بين الجنوب اليمن، كانت جميعها تمهد للوحدة قائلا "اُستخدمت الوحدة كحصان طروادة لإسقاط النظام في عدن، وجيلنا يذكر بيانات وزير خارجيتهم آنذاك يحيى جغمان، ما كان يهيئ أرضية للتوتر وقرع طبول الحرب أكثر مما يخلق فرصاً وأرضية صالحة للحوار والبحث في أسس سليمة لتحقيق الوحدة، واستمرّ التوتر بين الشمال والجنوب، ما أدّى إلى حرب عام 1972 عندما طالب النظام في صنعاء بتحقيق الوحدة سلماً أو حرباً، وكان هذا أيضاً عبر الإعلام".

 وأضاف ناصر "أن الصراع بين الشمال والجنوب لم يقف عند ذلك الحد، بل نشبت حربٌ جديدة بين (البلدين) عام 1979، تمخّض عنها توقيع اتفاق آخر للوحدة في الكويت بين الرئيسين عبد الفتاح إسماعيل وعلي عبد الله صالح، لكنه لم ينفذ"؛ وفتاح وصالح رئيسان من الشمال اليمني، وهي ليست المرة الأولى التي يمثل فيها فتاح الشمالي الجنوب للتوقيع على اتفاقية الوحدة.

واتهم ناصر ضمنيا عبدالفتاح إسماعيل بالوقوف وراء التوترات الجنوبية مع الجيران في الخليج العربي، وهو ما يعزز مصداقية وثائق أمريكية، أكدت على ان فتاح أطاح بالرئيس سالم ربيع علي، على خلفية تقارب الأخير مع السعودية.

يقول ناصر "كانت اليمن الديمقراطية الجمهورية الاشتراكية الوحيدة في شبه الجزيرة العربية ومنطقة الخليج، وشهدت علاقاتها بجيرانها توترات وأزمات، لا سيما أنها دعمت بعض الحركات الشيوعية المعادية دول المنطقة، وحول علاقة اليمن مع الجيران الخليجيين، يعبر الرئيس ناصر عن أسفه أيضاً من بعض قادة الحزب والدولة، الذين لم يستطيعوا أن يفرّقوا بين حدود الثورة وحدود الدولة، يقول: "عندما تكون في موقع الدولة فأنت أمام التزامات، يجب أن تراعيها وتلتزمها بموجب القانون الدولي، وقواعد العلاقات بين الدول والقائمة على احترام السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والمصالح المتبادلة، وهذا يتطلب منك إقامة علاقات حسن جوار مع الجيران، ليس من مهمتي كدولة إسقاط الأنظمة، وعندما أقمنا علاقات مع عمان والسعودية وبقية دول الخليج، لم يستوعب البعض ذلك، واتهموني ببيع ثورة عُمان والجبهة الشعبية بعد تطبيع علاقتنا مع سلطنة عُمان عام "1982.

وجدد الرئيس ناصر اتهامه لفتاح إسماعيل قائلا "كان البعض يرى أنه كان لا بدّ من استمرار الدعم للثورة في عُمان والخليج، وكانوا ضد تطبيع العلاقات مع دول الخليج، مع أنّ هذه العلاقات التي أقمناها مع دول المنطقة والعالم لم تكن على حساب السيادة والقرار الوطني، ولا على حساب العلاقة مع أصدقائنا في المعسكر الاشتراكي، وطبعاً هذه السياسة تستجيب إلى المصالح الوطنية العليا لشعبنا اليمني وشعوب المنطقة، وفي مصلحة الأمن والاستقرار بالمنطقة، وفتحت الأبواب لعلاقات الاتحاد السوفياتي مع دول الخليج، خصوصاً السعودية والإمارات وعُمان، وكل هذه الأمور أدت إلى أحداث 13 يناير 1986".

وأوضح ناصر "البعض في تلك الأجهزة للأسف لم يكونوا يريدون إدراك أن مصالحنا وخصائصنا الوطنية تأتي في المقدمة، وأن علاقتنا ببلادهم ليست علاقة تبعية، بل علاقة صداقة ومصالح متبادلة، على سبيل المثال فقد رفضنا طلب السوفيات إقامة قاعدة عسكرية لهم، رغم ما كان يثار حينها أن هناك قواعد سوفياتية في عدن، وكان كل ما حصلوا عليه بعض التسهيلات في التموين والوقود والمياه لأسطولهم البحري لمراقبة تحركات الأسطول البحري الأميركي في المحيط الهندي، وكان هذا في زمن الحرب الباردة".

وعلى الرغم من تأكيده على أنه كان مشاركا في مباحثات توقيع الوحدة اليمنية، إلا انه يقول "إن الاتفاق الذي تم بين العَليين (علي صالح وعلي البيض) عند تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990، لم يكن مبنياً على دستور الوحدة الذي أكد الاستفتاء على الوحدة قبل إعلانها، ومع الأسف أن ذلك لم يحدث، وكانت هذه أول مخالفة للدستور، كما كان من المفروض التوقيع على الوحدة بين الرئيسين وليس بين الرئيس صالح والأمين العام البيض"؛ في إشارة الى ان حرب 86 لم تطح به من الحكم، وانه لا يزال رئيسا شرعيا للجنوب على الرغم من انه فر صوب الشمال على اثر تلك الاحداث الانقلابية.

يفصّل ما حدث من اتفاق قائلا، "تم الاتفاق على الوحدة في جلسة قات بحقّان (عدن) في صفحة ونصف الصفحة، مع أن اتفاقية الوحدة الألمانية صيغت في أكثر من 1000 صفحة، وكان الاتفاق بمثابة صفقة تم فيها اقتسام السلطة والثروة، وإقصاء كافة القوى السياسية شمالاً وجنوباً، ولهذا بدأت أزمة الثقة بين الشريكين التي أدت إلى ظهور الخلافات والصراعات واندلاع حرب 1994، وللأسف لم يفرّق البعض بين الوحدة كهدف نبيل وعظيم تحقق للشعب اليمني، وبين الممارسات الخاطئة بحق الوحدة من قبل الموقعين عليها، التي أدت إلى الحرب والانفصال عام 1994، هذه الحرب التي لا يزال الجميع يدفع ثمنها واستفاد منها تجار الحروب من الطرفين، فلم يكن الدخول إلى الوحدة أو الخروج منها قد تم بطريقة مدروسة".

وحاول ناصر تبرأت نفسه من تلك الاحداث، يكشف عن رفضه عروضاً للعودة إلى السلطة من طرفي الحرب، قائلاً، "تم الاتصال بي من قبل الطرفين، وكان كل طرف يحاول استقطابي إلى جانبه في الصراع وهم الذين اتفقوا على إخراجي من اليمن عام 1990. بالطبع رفضت العرضين، إذ عرض علي سالم البيض أن أكون نائباً للرئيس في الدولة، التي أعلنها من عدن، وأيضاً رفضت عرض علي عبد الله صالح أن أكون نائباً للرئيس ورئيساً للوزراء في صنعاء، كما رفضت عروضاً أخرى من قبل بعض دول المنطقة، لأن هذا يتعارض مع مبادئي وتاريخي، ورفضت الحرب وطالبت بحل الخلافات عبر الحوار، وقلت إن المنتصر في مثل هذه الحروب مهزوم، وهذا ما أثبتته التجربة، وكنت قد التقيت الطرفين في الأردن والإمارات وقطر في محاولة لوقف الاقتتال والانفصال ولكن دون جدوى".

ووصف ناصر الجنوبيين الذين فصلهم نظام الاحتلال اليمني، بـ" اتباع علي سالم البيض"، وكأن الحرب لم تنل من جميع الجنوبيين، لا من قلة قليلة.

ويشير إلى "أن الرئيس علي عبد الله صالح أصيب بنشوة النصر بعد دخول قواته عدن في 7 يوليو (تموز) 1994، وأعتقد أن الأمر حسم عند هذا، ولكن النصر العسكري لا يعني نصراً سياسياً وإنما هو نصر مؤقت، ونصحته حينها بمعالجة آثار الحرب وتضميد الجراح وبإجراء الحوار مع الطرف الخاسر في الحرب ومعالجة آثارها، ووضع حد لإقصاء وتسريح العسكريين والمدنيين المحسوبين على علي سالم البيض، الذين ليس لهم ذنب في هذه الحرب. لكن عدم الإنصات للدعوات العاقلة أدى في الأخير إلى حركة الاحتجاجات السلمية التي بدأت حقوقية، ثم تطورت إلى حركات سياسية لو استجاب النظام لها لما ارتفع سقف المطالب إلى فك الارتباط والانفصال وغير ذلك".

وقالت مصادر سياسية عاصرت تلك المرحلة من تاريخ الجنوب "إن الرئيس ناصر تحفظ كثيرا عن بعض الوقائع التي تسببت باندلاع احداث يناير 86م"؛ على الرغم من تأكيده على انها احداث جاءت للتعجيل بتوقيع الوحدة اليمنية".

وقال مصدر دبلوماسي مقرب من الرئيس ناصر لـ(اليوم الثامن) "إن رئيس الجنوب الأسبق، وجه اتهامات لأطراف لم يسمها بالتخطيط للانقلاب عليه على ضوء احداث يناير 86م"؛ الأمر الذي يؤكد عليه ناصر بأن الوحدة اليمنية لم تكن وحدة عادلة بل كانت بين شريكين انقلب أحدهم على الأخر".

وحذر المصدر من مغبة السير وراء بعض الصحف التي تحاول تأجيج الأوضاع في الجنوب مجددا بالحديث عن احداث الماضي، لكن تيار في السعودية يخطط لتنفيذ اجندة تتعارض وتطلعات الجنوبيين حلفاء التحالف العربي.