تفتح باب صدام محتمل مع الولايات المتحدة..

ضريبة أوروبية موحّدة لمواجهة تداعيات كورونا

الضريبة الموحدة أحد حلول أوروبا لمواجهة الجائحة

برلين

ما أن شرع الاتحاد الأوروبي خطته لإنعاش الاقتصاد الأوروبي عبر تأسيس صندوق النهوض الأوروبي بقيمة تتجاوز نصف مليار يورو، حتى برزت، مؤخراً، النية لدى الرؤساء الأوروبيين، لا سيما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في فرض ضريبة أوروبية موحدة قد تعيد دول منطقة اليورو إلى صدام تجاري من المعيار الثقيل مع الولايات المتحدة، في وقت تعيد المفوضية الأوروبية في بروكسل ترتيباتها لإعادة دفع الديون المتراكمة من جراء تغذية صندوق النهوض الأوروبي بالسيولة المالية اللازمة لتسيير أمور البورصات والشركات الأوروبية.

يأتي ذلك وسط توقعات تشير إلى أن الضريبية الأوروبية الموحدة ستكون على شكل ضريبة كربون، وهي ضريبة تُفرض على محتوى الكربون في الوقود، تطال الشركات المُصدرة إلى أوروبا، على رأسها الشركات الأميركية والصينية.

يقول الخبير الألماني ايبيرهارد شويبل إن موازنة الاتحاد الأوروبي تعول على الضرائب الجمركية، كما أن أكثر من 80 في المائة من هذه الموازنة مصدره الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حيث تُحدد كل دولة مساهمتها اعتماداً على ناتجها القومي وإيراداتها الضريبية.

ويستطرد شويبل أن المستثمرين الأوروبيين، ومعظمهم مؤسساتيون، لعبوا دوراً بارزاً في تأسيس صندوق النهوض الأوروبي لمواجهة تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية، مشيرا إلى أنه لغاية مطلع فصل الخريف القادم ستصل القوة المالية لهذا الصندوق إلى أكثر من تريليون يورو. ولإعادة هذه الأموال إلى أصحابها، بحسب شويبل، يوجد في جعبة المفوضية الأوروبية ثلاثة احتمالات هي قطع المساعدات المالية عن المزارعين الأوروبيين، مما سيشكل ضربة قاضية على آمال المزارعين الألمان، أو الضغط على الدول الأوروبية لزيادة مساهمتها المالية لصالح هذا الصندوق أو فرض ضريبة أوروبية على الشركات الكبرى العاملة على الأراضي الأوروبية.

ويزيد الخبير الألماني بالقول «مهما كانت خيارات المفوضية الأوروبية، في الأسابيع القليلة القادمة، إلا أن إجمالي ما ستتمكن من تسديده سنوياً، لتغطية ديونها المشتقة من تغذية صندوق النهوض المالي، سيتراوح بين 10 و15 مليار يورو كحد أقصى».

في سياق متصل، يقول المحلل المالي الألماني ماتياس آرندت إن فرض ضريبة الكربون البيئية على الشركات المتعددة الجنسيات، التي ترعى مصالح آلاف العملاء الأوروبيين وأكثر من 15 في المائة منهم موجود في ألمانيا، من شأنها أن تدر ما لا يقل عن 10 مليار يورو على الاتحاد الأوروبي.

وبين آرندت أنه في موازاة ذلك يمكن فرض ضريبة أوروبية موحدة على النفايات البلاستيكية غير القابلة للتدوير في أوروبا. ما سيضمن إيرادات ضريبية إجماليها 7 مليار يورو سنويا، مضيفا أن زيادة الرسوم على شراء حقوق انبعاثات الكربون في الجو أمام الشركات المتورطة في التلويث البيئي الأوروبي، من شأنه أيضاً تغذية صندوق النهوض الأوروبي بنحو 10 مليار يورو.

ووفق آرندت، تدرس المفوضية الأوروبية إمكانية فرض ضريبة على الشركات العملاقة كما (غوغل) و(فيسبوك) وتحديداً على حركة مبيعاتها الأوروبية ما سينقل الصراع بين بروكسل وواشنطن مباشرة.

لكن الصراع برمته، كما يرى آرندت، لن يكون مغرياً أوروبياً لأن ما ستجنيه المفوضية الأوروبية من حربها مع الشركات الأميركية لن يتخطى 1.5 مليار يورو سنوياً وهذا مبلغ متواضع نسبياً.

واستطرد آرندت «كخطوة أولى، يتجه الاتحاد الأوروبي إلى إعطاء أولوية لتطبيق ضريبة الكربون، أي فرض ضريبة على جميع السلع الطاقوية المُصدرة إلى أوروبا التي تحتوي على الكربون»، مفيدا أنه ستكون الدول الخالية من قوانين شراء حقوق انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الأكثر تضرراً من هذه الضريبة على رأسها الولايات المتحدة.

ولفت آرندت أنه بهكذا توجه ستشتعل حرب الرسوم الجمركية مجدداً بين أوروبا وأميركا بعدما أطفأت نيرانها بصعوبة خارقة، لافتا إلى أنه، في المقابل، ستنجح المفوضية الأوروبية من جني إيرادات ضريبية تتراوح بين 5 و14 مليار يورو سنويا.