اهدار أكثر من 325 دولار أمريكي..

تقرير: رؤية بن سلمان 2030.. هل تكافح تمدد الفساد في السعودية؟

اتهام عشرات المسؤولين، بينهم ضباط ورجال أعمال، في قضايا فساد

الرياض

لم يمنع تحمّس ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للشفافية والنزاهة، ورفعه سلاح العقوبات القاسية، منظومة الفساد من مواصلة نشاطها في مواقع حساسة مثل وزارة الدفاع التي طالتها إجراءات مكافحة الفساد للمرة الثانية خلال الأسابيع الأخيرة.

وأعلنت السلطات السعودية أنها بدأت تحقيقًا جنائيّا في فساد في وزارة الدفاع تصل قيمته إلى 325 مليون دولار.

ووجهت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية الاتهام إلى 44 فردًا، منهم 18 رجل أعمال و19 من منسوبي وزارة الدفاع، في قضايا استغلال نفوذ وغسل أموال، وذلك من جملة 158 قضية فساد.

وقالت وكالة الأنباء السعودية إنّه ثبت “تورط عدد من الضباط والموظفين المدنيين العاملين بوزارة الدفاع بالاشتراك مع آخرين في تعاملات مالية مشبوهة، وارتكابهم جرائم الرشوة، واستغلال النفوذ الوظيفي والتزوير، والتفريط في المال العام، وغسل الأموال، لتحقيق مكتسبات مالية غير مشروعة”.

وشددت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد على أنه “لا استثناءات في محاسبة الفاسدين مهما كان المنصب أو النفوذ”، وتعهدت بالاستمرار في “ضبط كل من يتعدى على المال العام”، ما يكشف أن الهيئة تنطلق في معركة تفكيك شبكات الفساد من موقع قوة وأن القيادة السعودية تقف خلفها وتدعمها.

325 مليون دولار تهدر بعمليات فساد في وزارة الدفاع السعودية

وقال متابعون للشأن الخليجي إن الإعلان، للمرة الثانية، عن فساد من الحجم الثقيل في وزارة الدفاع يكشف أن خيارات ولي العهد السعودي في مكافحة الفساد تتسم بالجرأة، فالوزارة تحت إشرافه المباشر وإشراف نائبه وشقيقه الأمير خالد بن سلمان، والتركيز عليها يحمل رسالة مباشرة يفيد مضمونها بأن مقاومة الفساد لن تستثني أي دائرة، بما في ذلك الدوائر التي يشرف عليها وزراء أو مسؤولون من الأسرة الحاكمة.

وتحتاج إصلاحات الأمير محمد بن سلمان الاقتصادية إلى ضمانات، من بينها التزام الشفافية والنزاهة وتفكيك منظومة الفساد، ما يرسل إشارات إيجابية إلى الشركات الدولية والمستثمرين الأجانب مفادها وجود مناخ حقيقي ملائم للاستثمار في البلاد.

ورغم حرص ولي العهد السعودي على الإشارة إلى وجود شفافية ورغبة حكومية في فتح الملفات، إلا أنه يدرك أن منظومة الفساد تستمر في أنشطتها رغم إشرافه المباشر على وزارة الدفاع ومتابعته الشخصية لمختلف الملفات، ورغم العقوبات القاسية.

وتحتاج الحرب على الفساد إلى وقت وآليات رقابية فعالة ومتماشية مع تغير الخطط لدى الجهات النافذة التي تستفيد من الفساد وتغطي عليه وتحميه، كما تحتاج إلى طول نفس أكثر من التحمّس للشفافية والنزاهة. ولأجل ذلك، لا يبدو أن الحملة على الفساد والفاسدين في السعودية ستتوقف في القريب العاجل، وقد تطال وزارات أخرى.

والمعركة ضد الفساد لديها خصوصية تزيد من صعوبة خوضها، على عكس المعركة ضد الجماعات المتشددة التي يسهل على الحكومة أن تجمع الناس وراءها. والعنصر الطاغي على هذه الخصوصية هو التداخل بين المستفيدين، إذ تجد بينهم عناصر في مواقع حساسة ومتقدمة في الدولة وتتقاطع مصالحها مع البيروقراطية التي تحمي نفسها بشبكات متداخلة بعضها على صلة بعناصر في الأسرة الحاكمة.

ويشير المتابعون إلى أن التركيز على وزارة الدفاع هدفه تنقية هذه الوزارة لتكون قادرة على أداء مهامها، وأن الأمر على صلة بتقييم رسمي لأداء الوزارة في الحرب على اليمن والذي لم يرق إلى المستوى الذي كانت القيادة تراهن عليه.

وكانت إجراءات حكومية سابقة لمواجهة الفساد قد أفضت إلى إعفاء قادة الجبهة اليمنية الفريق فهد بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود، المسؤول العسكري الأول عن ملف الحرب في اليمن، من منصبه وإحالته على التحقيق، وإعفاء الأمير عبدالعزيز بن فهد بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود نائب أمير منطقة الجوف (ابن قائد القوات المشتركة السعودية) من منصبه وإحالته على التحقيق، إلى جانب عدد من المسؤولين العسكريين والمدنيين في وزارة الدفاع.