"صورة تفضح مناورة الانتقال من مأرب لشبوة"..

تحليل: إيران ترفع سقف المطامع بالجنوب ولكن من بوابة سلطنة عمان

المهم الدعوة لاجتماع لدول التحالف العربي لتدارس الاحداث الأخيرة في شبوة - أرشيف

سلمان صالح
مراسل ومحرر متعاون مع صحيفة اليوم الثامن

جدد الحوثيون الموالون لإيران هجومهم العسكري على محافظة مأرب، المعقل الأخير لتنظيم إخوان اليمن الموالي لقطر والممول سعودياً، وسط غارات جوية مكثفة لطيران التحالف العربي، لمنع أذرع طهران من السيطرة على مركز محافظة مأرب، وهذا هو الهجوم الثاني للحوثيين، بعد ان هاجموا خلال اليومين الماضيين بلدات حدودية في محافظة شبوة الجنوبية، قبل ان تفضح "صورة"، ما يمكن وصفها بالمناورة السياسية قبيل تقاسم كعكة النفوذ "بين الأطراف الإقليمية "قطر وتركيا وإيران وسلطنة عمان، بالإضافة الى السعودية".

 

لماذا مناورة؟

يتضح جلياً ان الهجوم الحوثي على شبوة، ليس هدفه التقدم صوب مركز المحافظة النفطية الخاضعة لسيطرة تنظيم الإخوان المصنف على قوائم الإرهاب، بل هي مناورة سياسية هدفها نقل قوات الإخوان من مأرب إلى شبوة ووادي حضرموت، فالقوات التي واجهت الحوثيين في حدود بيحان شبوة، ليس لها أي علاقة بإخوان اليمن، وحتى الكتيبة التي أرسلت من مدينة عتق، تضم مقاتلين تم تجنيدهم مؤخرا، وقد لقي الكثير منهم حتفه في المواجهة غير المتكافئة والتي استخدم فيها الحوثيون الطيران المسير.

بمعنى أدق مناورة بيحان "كانت فاتورتها من قبائل شبوة أو من عناصر حاولت مشاركة التنظيم في الحكم والثروة بالمحافظة النفطية"؛ قبل ان تجد نفسه على الأرجح وقوداً لحروب ومناورات سياسية".

 

وصباح السبت، هاجم الحوثيون بشكل واسع مركز محافظة مأرب، قبل ان يتدخل طيران التحالف العربي ويعرقل تقدمهم، ويقتل العشرات منهم بينهم قيادات رفيعة، بحسب ما تناقلته وسائل إعلام محلية.

يمتلك الحوثيون قدرة السيطرة على مأرب خلال ساعات، فقد تمكنوا من اسقاط سبعة الوية في فرضة نهم ومثلها في مأرب، ولم يتبق لديهم الا القليل للسيطرة على مأرب، لكن هناك عاملين رئيسين ربما عرقلا سيطرة الحوثيين على المحافظة الغنية بالثروات النفطية.

العامل الأول، الغارات الجوية لطيران التحالف العربي، والعامل الأخر "زمني"، ينتظر ترتيب الأوراق في شبوة ووادي حضرموت والمهرة، وهذا الأمر يرتبط بشكل وثيق بدخول سلطنة عمان، كلاعب رسمي، بعد ان ظلت تعمل لسنوات بعيدا عن هذه التحالفات.

مشروع التقاسم والسعودية

خلال الأشهر والسنوات الماضية، قدمت صحيفة اليوم الثامن سلسلة تقارير وتحليلات سياسية حول مشروع تقاسم النفوذ في اليمن "ان يذهب اليمن الشمالية لإيران، والجنوب لقطر وحليفتها تركيا"؛ غير أن سلطنة أرادت ان تكون لاعبا رئيسيا في ظل وجود مقاربة للحل بين السعودية وإيران.

مسقط رفعت سقف طموح مطامعها بشكل يضمن لها "المهرة" منفردة، في حين ان طهران فعلت الأمر ذاته (رفع سقف المطامع)، تحاول الوصول إلى حقول النفط في بيحان، والتي سبق وأعلن نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر تبعيتها لمحافظة مأرب.

في أغسطس (آب) 2018م وقبل عام من سيطرة ميليشيات الإخوان على مدينة عتق مركز محافظة شبوة، كان الأحمر قد أصدر قرارا بضم "محور بيحان على المنطقة العسكرية في مأرب، وعزز قواته هناك بالأسلحة والافراد بهدف الاستحواذ على مديريات شبوة الثلاث وهي المديريات الغنية بالنفط والغاز المسال، والمعروف بحقل جنة والمعروف بثاني أكبر مخزون نفطي احتياطي".

كان طموح القائد العسكري الإخواني الزيدي يقتصر على بيحان، قبل ان تدفع أطراف إقليمية بقواته للسيطرة على مركز محافظة شبوة عتق، لكن تلك المعركة ظلت مقتصرة على "دور سعودي قطري تركي"، الا ان صورة نشرت "السبت"، كشفت عن الابعاد الاستراتيجية لإسقاط شبوة في قبضة الإخوان.

والصورة هي لمحافظ شبوة فريد الطوسلي، بالإضافة الى نجل السياسي المقرب من مسقط أحمد مساعد حسين، وهم على مشارف بيحان شبوة يقاتلون في صف المشروع الإيراني.

هذه الصورة كشفت عن عمق الصراع على منابع النفط، وان محاربة الانقلابيين الحوثيين، ما هي الا ذريعة لتحقيق الاجندة بتقاسم الثروات، فالذراع اليمنية لسلطنة عمان، نجله في صف الاذرع الإيرانية.

وكان حسين قد خطط في العام 2019م، لإسقاط شبوة في قبضة الإخوان، قبل ان يختفي عن الإعلام بعد ان تصدر المشهد السياسي حتى سقوط شبوة في أغسطس (آب) 2019م.

 

التحالف العربي والحرب ضد الانقلابيين

بات من الواضح ان الحديث عن تحرير صنعاء أمر مثير للسخرية، فالأذرع الإيرانية باتت تقاتل على استعادة سيطرتها على شبوة النفطية، وتهاجم لودر ويافع، في حين ان حلفاء التحالف المحليين باتوا على تحالف واضح وعلني مع الحوثيين.

ومسألة اعادة هيكلة حكومة هادي، هي الأخرى أصبحت مستحيلة في ظل الاستقطاب الإقليمي الرهيب في داخل الرئاسة اليمنية، لذلك يبدو اتفاق الرياض اشبه "بحفظ ماء الوجه"، فالخيارات الأخرى تبدو صعبة.

إن ضغط السعودية على الاخوان للقبول بتنفيذ اتفاقية الرياض، والدفع بقواتهم لمواجهة الحوثيين، الخيار الوحيد، وان كان صعبا للغاية في ظل تنصل الاخوان من الوفاء باي تعهدات، لكن دون ذلك سيظل الحوثي مستمراً في التوسع جنوباً، واضعاف أوراق التحالف العربي التفاوضية مع إيران وربما نسفها.

المجلس الانتقالي الجنوبي ستكون له خياراته في مواجهة الحوثيين والدفاع عن شبوة، ولكن ذلك سيكون مشروطاً أولا بالانسحاب من عتق وتسليمها لقوات النخبة، وهذا أيضا ضمن بنود اتفاق الرياض، لذلك المرتكز والخيار الوحيد "الاتفاق"، لمواجهة الاذرع الإيرانية ودفعها بعيدا عن الجنوب.

لذلك تظل معركة شبوة هي معركة السعودية الحقيقية امام "إيران"، فالخيارات التي قد تفرضها الميليشيات الحوثية، قد تنسف أي أوراق للضغط، ولكن الرياض أيضا بحاجة الى إعادة الاعتبار للحلفاء الذين تعرضوا لهجمة إعلامية كان مصدر بعضها السعودية، فمن المهم اليوم ان تقوم الرياض بدعوة "الإمارات ومصر والبحرين"، إلى اجتماع لتدارس التطورات الأخيرة في شبوة والجنوب، والعمل على إعادة تصويب المعركة بشكل جد ضد الحوثيين والبحث عن خيارات بديلة في حال ظهور أي بوادر تمرد داخل معسكر الرئاسة اليمنية، وهذا أيضا يتطلب تحجيم دور النائب علي محسن الأحمر الذي بات يتصرف بعيدا عن اهداف التحالف العربي، وهو المسؤول عن الانتكاسات التي حدثت خلال العام الماضي والجاري، وربما الأعوام السابقة.