تعثر المفاوضات النووية في فيينا..

مواجهة محتملة بين ميليشيات إيران في العراق والقوات الأميركية

زيارة قائد فيلق القدس لبغداد ضوء أخضر من خامنئي للتصعيد

بغداد

تلوح في أفق العراق مواجهة محتملة بين ميليشيات إيران في العراق والقوات الأميركية على ضوء إعلان ما قادة من تلك الميليشيات أن لا هدنة مع الولايات المتحدة، مشككين أصلا في إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن انهاء المهام القتالية لقواته في الساحة العراقية والاكتفاء بدور المشورة العسكرية ومهام التدريب والتعاون في الحرب على الإرهاب وتحديدا على تنظيم الدولة الإسلامية الذي لايزال يحتفظ بخلايا نائمة تشن من حين إلى آخر هجمات انتحارية دموية كان آخرها في سوق شعبية بمدينة الصدر.

ورحبت تلك الفصائل مؤخرا بالقرار الأميركي إنهاء مهامها القتالية، لكن بعد أيام قليلة من إعلان بايدن، عادت للتهديد معلنة أن لا هدنة مع الأميركيين.

وأبقت تلك الميليشيات أيديها على الزناد بطلب من إيران على أرجح التقديرات فقرار ما يسمى بتنسيقية المقاومة التي تمثل فصائل شيعية مسلحة تدين بالولاء للمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، جاء بعد زيارة قام بها قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الجنرال اسماعيل قاآني لبغداد محملا برسالة من خامنئي يدعو فيها تلك الميليشيات للتصعيد ضد المصالح والقوات الأميركية، بحسب مصادر عراقية.

وشكك عدد من تلك الميليشيات وبينها كتائب عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي، في جدية الانسحاب الأميركي من العراق معتبرة أنه مجرد إعادة انتشار. وأبقت على تهديداتها باستهداف القوات والمصالح الأميركية.

لكن واشنطن قالت إنها لا تريد تصعيدا مع طهران في الساحة العراقية في إعلان يبدو موجها لحماية مفاوضات فيينا النووية من الانهيار بينما باتت تقف بالفعل على حافة الانهيار في انتظار ما سيعلنه الرئيس الإيراني المنتخب حديثا إبراهيم رئيسي.

وفي مؤشر على عدم التفات تلك المليشيات لقرار الانسحاب الأميركي من العراق والذي من المتوقع أن يكون بنهاية العام الحالي، تعرضت السفارة الأميركية في بغداد وكذلك ارتال عسكرية تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن لهجمات حتى بعد قرار بايدن بإنهاء المهام القتالية لقواته في العراق.

ونقل موقع روسيا اليوم عن مصدر في ما يسمى 'تنسيقية المقاومة" قوله إن "المواجهة قد تبدأ في أي لحظة، فواشنطن غير جادة بالانسحاب من العراق"، مضيفا "نحن على استعداد كامل للمواجهة ونحن من يحدد بدايتها ونهايتها لأن أميركا تريد الالتفاف على إرادة العراقيين ومطلبهم في إنهاء احتلال العراق".

وبحسب تقدير رحمن الجبوري كبير الباحثين السابق للصندوق الوطني للديمقراطية في واشنطن فإن "ما أنتجته زيارة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي إلى واشنطن، لا تعني أنها أنهت الضربات العسكرية للفصائل المسلحة ضد القوات الأميركية".

وأضاف في تصريح لروسيا اليوم أن "الفصائل المسلحة غير ملتزمة بالاتفاقيات التي تعقدها الحكومات العراقية مع واشنطن وهي غير ملزمة بالنسبة لها، لأن منهجيتها عقائدية تختلف عن منهجية الدولة".

وكان المسؤول العسكري في كتائب حزب الله العراقي أبوعلي العسكري قد قال الأسبوع الماضي إن "أيا من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ووزير الخارجية في حكومته فؤاد حسين، غير مؤهلين ولا مؤتمنين لتحمل هكذا قضية مهمة تمس السيادة العراقية" وكان يعلق على زيارة الكاظمي وحسين لواشنطن.

وقال أيضا إن "التفجير الإجرامي الأخير الذي ضرب مدينة الصدر يوم 19 يوليو وقتل 35 شخصا على الأقل، لن ينجح بصناعة مبرر للإبقاء على قوات الاحتلال" وهو موقف تتبناه كذلك كتائب عصائب أهل الحق.

وكتائب حزب الله هي من الميليشيات الأكثر عداوة للوجود الأميركي في العراق. وقد تعرضت مواقع لمسلحيها في أكثر من مناسبة لضربات جوية أميركية وأكدت واشنطن أن تلك الصربات جاءت ردا على استهداف عسكرييها.

لا هدنة

من جهتها أعلنت كتائب عصائب أهل الحق السبت أن لا هدنة مع الولايات المتحدة وهي التي كانت أول من شكك في إمكانية الانسحاب الأميركي من العراق حتى قبل زيارة الكاظمي لواشنطن.

واعتبر قيس الخزعلي في تصريحات سابقة جهود الكاظمي والإعلانات الأميركية مجرد ذر رماد على العيون.

وذكرت وكالة شفق نيوز العراقية الكردية أن كتائب عصائب أهل الحق المنضوية تحت 'تنسيقية المقاومة'  أكدت استمرار العمل العسكري ضد الأهداف الأميركية في العراق.

ونقلت عن القيادي في الحركة سعد السعدي، قوله إن "الحديث عن أي هدنة مع الولايات المتحدة غير صحيح وما رشح من نتائج بالحوار الاستراتيجي بجولته الرابعة بين بغداد وواشنطن هو حوار إملائي من قبل الإدارة الأميركية على حكومة مصطفى الكاظمي، وفصائل المقاومة لا تعترف بنتائج هذا الحوار كونها كذب وزور".

ما أنتجته زيارة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي إلى واشنطن لا تعني أنها أنهت الضربات العسكرية للفصائل المسلحة ضد القوات الأميركية

وتابع "فصائل المقاومة العراقية ماضية في مواجهة القواعد الأميركية والاحتلال الأميركي بكل الوسائل والسبل العسكرية وغيرها، ولا هدنة إطلاقا بين الهيئة التنسيقية للمقاومة والاحتلال الأميركي".

وتأتي هذه المواقف مناقضة لتمام لما أعلنته 'تنسيقية المقاومة' حين أخلت مسؤوليتها من استهداف صاروخي طال محيط السفارة الأميركية في بغداد والذي تلاه استهداف رتلين عسكريين للتحالف بقيادة واشنطن بعبوات ناسفة.

وتعرضت القوات والقواعد والمصالح الأميركية في العراق منذ بداية العام الحالي إلى نحو 50 هجوما بعضها طال مطاري بغداد وأربيل ومواكب لوجستية للتحالف الدولي، في هجمات غالبا تنسب من قبل الجانب الأميركي إلى جماعات موالية لإيران.

وفي مقابل المواقف المتشددة لفصائل إيران في العراق، تبدي الولايات المتحدة رغبتها في التهدئة، مشيرة إلى أنها ترحب بأي مساع لإعادة العلاقات الطبيعية بينها وبين طهران.

والتقى مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي اليوم السبت بالسفير الأميركي لدى بغداد ماثيو تولر. وقال الأعرجي إن "السفير الأميركي أكد أن بلاده ترحب بأي جهد دبلوماسي يفضي إلى إعادة العلاقة طبيعية مع إيران"، مشيرا إلى أنه "ليس هناك رغبة لدى واشنطن بالتصعيد مع إيران، خصوصا في العراق".