التحرر من اتفاق "ستوكهولم"..

تقرير: معركة الساحل الغربي.. هل تحدد نهاية الحرب في اليمن

القوات المشتركة اليمنية في الحديدة

عبداللاه سميح

منذ نحو أسبوعين، عادت أنظار اليمنيين للتحديق مرة أخرى نحو الساحل الغربي للبلاد، المطل على مياه البحر الأحمر، بعد قرابة ثلاثة أعوام من توقف العمليات العسكرية على تخوم مدينة الحديدة، مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، إثر توصل الحكومة اليمنية وميليشيات الحوثيين إلى اتفاق ”ستوكهولم“، الذي نصت أبرز بنوده على وقف إطلاق النار في الحديدة، وانسحاب القوات العسكرية لكل الأطراف أواخر عام 2018، برعاية من الأمم المتحدة.

وعلى مدى الأعوام الثلاثة الماضية، بقي الاتفاق في حالة تعثر، بعد تعنت ميليشيات الحوثيين ومحاولتها الالتفاف على عملية الانسحاب، واستمرار خروقاتها لوقف إطلاق النار في الحديدة، وسط اتهامات متبادلة بين الجانبين حول جدية كل طرف في تنفيذ بنود الاتفاق وتفسيراته ”للقوات المحلية“ التي نص عليها، باعتبارها قوات مشرفة تتولى عملية استلام المناطق التي تنسحب منها قوات الطرفين.

وخلال الفترة الأخيرة، انسحبت القوات اليمنية المشتركة، المدعومة من التحالف العربي، بشكل مفاجئ وأحادي من المحيط الشرقي والجنوبي لمدينة الحديدة، وصولا إلى مديريتي حيس والخوخة، جنوبي المحافظة، باعتبار تلك المناطق ”محكومة باتفاق دولي يبقيها مناطق منزوعة السلاح وآمنة للمدنيين الذين وقع اتفاق السويد بحجة حمايتهم وتأمينهم“، حد وصف البيان الصادر عن القوات المشتركة.

وأشار البيان إلى أن القوات المشتركة ”رأت خطأ بقائها محاصرة في متارس دفاعية ممنوع عليها الحرب، بقرار دولي، فيما الجبهات المختلفة تتطلب دعما بكل الأشكال“.

من جهته، قال التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن في بيان إن عملية ”إعادة انتشار تموضع القوات العسكرية للتحالف والقوات اليمنية التابعة للحكومة اليمنية بمنطقة العمليات جاءت ضمن خطط عسكرية من قيادة القوات المشتركة للتحالف، تتواءم مع الاستراتيجية العسكرية لدعم الحكومة اليمنية في معركتها الوطنية على الجبهات كافة“، في حين أكد الفريق الحكومي الممثل للشرعية اليمنية في لجنة تنسيق إعادة الانتشار التي تقودها الأمم المتحدة أن ”إعادة انتشار القوات المشتركة تمت دون معرفته ودون أي تنسيق معه“.

هدف مشروع

وعقب انسحاب القوات اليمنية المشتركة من محيط مدينة الحديدة، بدأت عملياتها العسكرية الجديدة في مناطق شرق وشمال الساحل الغربي، باتجاه محافظتي تعز وإب، وتمكنت خلالها من تحقيق تقدم ميداني متتابع على مدى الأيام الماضية، وسيطرت على عدد من المناطق التي كانت تقبع تحت سيطرة ميليشيات الحوثيين منذ انطلاق الحرب اليمنية، ما تسبب بحالة انهيار وارتباك لدى الحوثيين.

يقول المتحدث الرسمي باسم عمليات تحرير الساحل الغربي، العقيد وضاح الدبيش، إن الهدف من هذه العملية هو هدف مشروع، ولا بد منه، وهو ”التحرر من قيود اتفاق ستوكهولم الذي قيد وكبل القوات لمدة ثلاث سنوات، وانعكس سلبا عليها، واستنزفها ماديا ومعنويا وبشريا من كل الاتجاهات“.

وأشار الدبيش، في حديثه لموقع“إرم نيوز“، إلى أن قرار إعادة التموضع والانتشار رغم تأخره، يهدف إلى ”تأمين مديريتي الخوخة وحيس (جنوبي الحديدة) والمخا (غرب تعز) بشكل كامل، وتحرير المناطق التي يتم استهداف القوات المشتركة بشكل مباشر منها، في مناطق مديريتي جبل الرأس والجراحي (جنوب شرق الحديدة) ومديرية مقبنة (غرب تعز) وغيرها من المناطق“.

وأضاف أن هناك استراتيجية وتوجها جديدا للقوات المشتركة، سيتجلى في مسرح العمليات خلال الأيام المقبلة.

وأكد المتحدث باسم عمليات تحرير الساحل الغربي، أن القوات المشتركة تمكنت خلال الأيام الماضية من إحراز تقدم كبير على حساب ميليشيات الحوثيين، يقدر بـ45 كيلومترا مربعا ”باتجاه حيس والجراحي ومقبنة وجبل رأس ومقلة العدين، المثلث الاستراتيجي الذي تتخذه الميليشيات كخط شريان رئيس لإمدادها بالقوات البشرية والسلاح والعتاد وما شابه“.

موقف غير واضح

وفي ظل المكاسب التي تحققت للمعسكر المناهض لميليشيات الحوثيين في اليمن، من خلال العمليات العسكرية الجديدة في الساحل الغربي للبلاد، وانعكاسها على جبهات القتال الأخرى كجبهة محافظة مأرب، بإسناد جوي من مقاتلات التحالف العربي، فإن موقف الشرعية اليمنية منها لا يزال غير واضح.

وقال رئيس الفريق الممثل عن الحكومة اليمنية في لجنة تنسيق إعادة الانتشار بالحديدة، اللواء محمد عيضة، إن موقف الفريق الحكومي موضح بشكل رسمي في البيان الصادر قبل أيام، والذي أكد فيه الفريق عدم وجود أي تنسيق مسبق معه لما يجري في الساحل الغربي من إعادة انتشار للقوات.

وأكد عيضة أنه لا موقف جديدا عن ذلك البيان، وأنه لا يعلم الموقف الحالي للحكومة الشرعية من هذه التطورات، رغم تأييده شخصيا ”للعمليات القتالية التي تشنها القوات المشتركة ضد ميليشيات الحوثي الإرهابية“، وتأييده ”أي معركة لتطهير اليمن وأراضيها ومدارسها ومساجدها من دنس علوج الفرس“، على حد تعبيره.

وكان الفريق الحكومي قد اعتبر في البيان الذي نشرته وكالة الأنباء اليمنية ”سبأ“، أن ”أي تقدم للحوثيين في مناطق سيطرة الشرعية في محافظة الحديدة تحت أي ظرف، مخالفة صريحة لروح ونصوص اتفاق ستوكهولم وخرق فاضح للاتفاق، يجب أن يكون للمجتمع الدولي موقف صريح وواضح تجاهه“.

ضغوط غير مسبوقة

ويرى وكيل وزارة الإعلام اليمنية، أسامة الشرمي "أن توقف العمليات العسكرية في الحديدة طوال الفترة الماضية، مكن ميليشيات الحوثيين من حشد قواتها باتجاه محافظة مأرب والمحافظات الجنوبية، سواء في الضالع أو حتى شبوة."

وقال إن الضربات وأقصى درجات الضغوط التي تتعرض لها ميليشيات الحوثيين في الساحل الغربي من قبل الحكومة الشرعية والتحالف العربي اليوم ”لم تعهدها هذه الميليشيات منذ اتفاق ستوكهولم، وستجعلها لا تسيطر على خريطة العمليات العسكرية، وتعيد توزيع قواتها على مسرح العمليات بما يفقدها الكثافة العددية في المناطق التي كانت تضعف كاهل الشرعية في كل من مأرب وشبوة وحتى في الضالع ويافع والبيضاء، وبالتالي بإمكان الجبهات الأخرى الآن أن تتحرك بالتزامن مع الساحل الغربي لتحرير المناطق التي انتزعتها ميليشيا الحوثي، وهذا ما حصل في الكثير من مناطق جنوب مأرب“.

ويعتقد الخبير العسكري، العميد محمد جواس، أن عملية إعادة تموضع القوات المشتركة ”كانت من أجل تحديد جبهات جديدة للمواجهات العسكرية مع الحوثيين، وتأتي من أجل إحداث تأثير بالغ على قدرات الميليشيات الحوثية بالسيطرة التامة على تحقيق السيطرة في إدارة الحرب، لتصبح قواتنا هي من يتحكم في إدارة المعركة بدلا من الوضع السابق الذي كانت زمام الأمور فيه بيد القيادة الحوثية“.

وقال في حديثه "إن كل هذه التطورات ”تصب في صالح الدولة الشرعية التي تخوض مواجهات في عديد الجبهات القتالية، وإنه من المنطقي أن تكون ميليشيات الحوثيين في وضعية الدفاع، لأن بقاءها في وضعية الهجوم هو أمر مخز عسكريا".

-------------------------------------

المصدر| إرم نيوز