"قادة قوات العمالقة الجنوبية"..

تقرير: "قادة يصنعون المجد".. اللواء هيثم قاسم طاهر قائد فذ لا يقبل الهزيمة (1)

القائد العسكري البارز اللواء هيثم قاسم طاهر - أرشيف الجيش الجنوبي

د. علوي عمر بن فريد
كاتب وباحث تاريخي جنوبي يكتب لدى صحيفة اليوم الثامن

سنبدأ بكتابة سيرة قادة قوات العمالقة الجنوبية في حلقات أسبوعية ستنشر حصريا في صحيفة اليوم الثامن، ونبدأ بالقائد العسكري البارز اللواء هيثم قاسم طاهر".


لمع اسم العمالقة الجنوبية كالبرق الخاطف في الأيام الماضية من خلال المعارك الضارية التي تخوضها في شبوة وجنوب مارب حققت خلالها انتصارات رائعة وبطولات سيدونها التاريخ بأحرف من نور، وتمكنت من دحر مليشيات الحوثي التي تعيث البغي والفساد في ربوع الوطن ، ومن باب الوفاء سنبدأ تباعا في حلقات أسبوعية بتدوين وتوثيق انتصارات العمالقة في ميادين الشرف والبطولة، وتتميز ألوية العمالقة بالعقيدة القتالية القوية والإيمان المطلق بالقضية الجنوبية وضرورة القضاء على الحوثي الذي يشكل تهديدا لليمن وللملاحقة الدولية ويهدد مصالح أبناء الجنوب وقضيتهم العادلة ونهب ثرواتهم خصوصاً بعد استماتته في اقتحام محافظة شبوة ، وتنفيذ عمليات إرهابية داخل عدن واستهداف قيادات الجنوب. وبحسب مصدر عسكري فإن اللواء الأول والثاني في العمالقة يمثلان القوة الضاربة التي تتولى المهام القتالية والعسكرية نظراً لتدريبهما العالي على المهمات الصعبة.
انبثقت ألوية العمالقة من المقاومة الجنوبية التي كانت تقاتل مليشيات الحوثي في المحافظات الجنوبية بدعم القوات المسلحة الإماراتية المقاتلة ضمن قوات التحالف العربي في اليمن . اسسها القائد العام لجبهة الساحل الغربي ابو زرعة المحرمي بعد النجاح الذي حققته في عملية الرمح الذهبي وتحرير مدينة وميناء المخا حيث بدأ بتأسيس اربعة ألوية حتى وصل عدد ألوية العمالقة الى اثنى عشر لواء ويقوم بإدارة شؤونها الإدارية علي سالم الحسني. حيث يعتبر مقاتلوها من أشد المقاتلين حنكة ويتمتعون بمهارة قتالية فائقة فهم مدربون على اقتحام المدن والمزارع وكذلك حرب الجبال والشوارع بكفاءة وقدرة عالية ، ومنها قوات اللواء هيثم قاسم وعددها 4ألوية بدأت الانسحاب من كيلو 16 بالحديدة قبل عشرة أيام وتم تسليم مواقعها لقوات تابعة لـ ”حراس الجمهورية” التابعة لطارق صالح وألوية الزرانيق .
هذا وقد تم انسحاب اللواء الخامس والسادس كما تم سحب ألوية العمالقة الأخرى الى عدن والانتشار في محافظتي أبين وشبوة .
اللواء هيثم قاسم وزير الدفاع الجنوبي ابان الحرب على الجنوب عام 1994م
اللواء هيثم قاسم القائد العسكري الجنوبي الفذ
قال لي " سنعود ولو بعد عشرين عاما !!!
هيثم القائد الفذ.. الذي لا يحب الظهور : اللواء هيثم قاسم طاهر ابن الجنوب القائد العسكري الفذ الذي قال عبارته الشهيرة بعد حرب صيف عام 1994م: "سنعود ولو بعد 20 عاما ".
لقد عرفت هذا القائد الفذ في جده عندما كنت انا وصديقي واستاذي السيد عبدالله الأبيض في زيارة خاصة للقيادات الجنوبية التي خرجت من عدن مباشرة بعد حرب عام 1994م!!
قابلنا العديد من القيادات الجنوبية في صالات الفندق وفي أجنحتهم الخاصة، وكان الأغلبية منهم يمرحون ويضحكون وسألنا عن "الرجل" تحديدا فقالوا لنا : " انه في غرفته لا يخرج منها إلا فيما ندر"!!
واتصل به أمين عام رابطة الجنوب العربي الأستاذ محسن بن فريد وابلغه برغبتنا بزيارته فوافق على الفور..
كان الرجل يشغل منصب وزير الدفاع في حكومة البيض وقاد العديد من العمليات القتالية.. قرعنا الجرس ففتح لنا الباب وسلمنا عليه ورحب بنا وكان قليل الكلام .. وكان يلبس الزي الوطني الجنوبي "المعوز والقميص والعمامة" وكان يصول ويجول في الغرفة.. لا يهدأ .. وهمس الأستاذ الأبيض في أذني قائلا: أنظر اليه انه كالأسد الجريح..!!
ودار بيننا وبينه حوار قصير ومؤثر وقال لنا: لو كنت أعرف ما سيحدث للجنوب ما خرجت.. وكنت بقيت لوحدي اقاتل من على رأس جبل ..الموت أفضل، ولا هذا الذي جرى لنا !!
وقال: ان ما يؤلمني والمرارة في حلقي أن لدي 200 طيار جنوبي أقل واحد منهم طار خمسة ألف ساعة طيران هم الان متجهون على ظهر سفينة أغنام بين عمان والامارات ولا يوجد فيها حتى الخدمات الآدمية!!
كان الرجل يتألم بشدة مما آل اليه الوضع في الجنوب بعد سقوط عدن وعمليات النهب والسلب التي تنقلها الفضائيات على الهواء..
بعدها بأسابيع قليلة انتقل الرجل إلى الإمارات ولم يسمع له صوت منذ ذلك الحين.. وبعد جهود كبيرة بذلتها قيادات اماراتية وجنوبية حتى تمكنت من اقناعه بالعودة إلى الجنوب وإعادة تشكيل الجيش الجنوبي، وبالفعل عاد إلى المكلا واستدعى العديد من القيادات الجنوبية التي أقصيت بعد حرب عام 1994م..
سنعود ولو بعد 20 عاما، وستكون معركتنا القادمة من عدن». عبارة قالها بمرارة وزير الدفاع الجنوبي الأسبق «هيثم قاسم طاهر» عقب هزيمة جيش «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية» أمام جيش «الجمهورية العربية اليمنية» في حرب صيف العام 1994م. فدار الزمن دورته، ليمنح القائد الذي لم يفارق مشهد الهزيمة ذاكرته يوما، فرصة الإيفاء بوعد العودة الذي قطعه على نفسه، التزاما منه بالقسم والشرف العسكري. عهد ووعدٌ عهدٌ ووعدٌ، وإرادة لم تنكسر منذ عقدين من الزمن، وعودة إلى جبهات القتال، تُعيد إلى الذاكرة الوطنية أمجاد القائد العسكري الاستثنائي المخضرم، الذي غير مسارات ومعادلات الحرب في اليمن، بإشرافه على عمليات تحرير مدينتي عدن والمكلا، إضافة إلى قيادته لعملية الرمح الذهبي بالساحل الغربي، والتي أسفرت، مؤخراً، عن استعادة «معسكر خالد بن الوليد» بالمخا. انجازات عسكرية نوعية تضاف إلى سجل اللواء هيثم قاسم طاهر، صاحب التكتيكات العسكرية المباغتة، الأشبه بنظرية «الهجوم الصاعق» للجنرال «هانز جودريان»، الذي استطاع تغيير مسارات الحرب العالمية الثانية، لصالح الجيش الألماني. سيرة هيثم قاسم طاهر، الرجل الأسمر، القادم من جبال ردفان الشمَّاء بمحافظة لحج (شمال عدن)، شخصية مفعمة بعنفوان شرارة ثورة 14 أكتوبر التي اندلعت، من مسقط رأسه، ضد الاستعمار البريطاني بجنوب اليمن العام 1963م. شخصية تمرست في السلك العسكري، ما جعل منها واحدة من أشهر القيادات العسكرية البارزة على مستوى اليمن و الوطن العربي. فمنذ البدايات الأولى لالتحاق الرجل بالجيش الجنوبي، بدت على ملامحه صفات القائد المحنك والعسكري الجَلد والصلب الذي لا يهاب المعركة. صفات أهلت الضابط المغمور لأن يتولى قيادة سلاح الدبابات بالجيش الجنوبي بداية الثمانينيات، علاوة على تبوئه منصبا حزبيا باللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، الحاكم لجنوب اليمن آنذاك، في انتخابات المؤتمر العام الثالث للحزب المنعقد في أكتوبر1985 وهو أول وزير دفاع في عهد «الوحدة اليمنية» التي اندمج بموجبها الشطران الجنوبي والشمالي باليمن، في إطار كيان سياسي موحد العام 1990م، وترتب على إعلان جمهورية الوحدة، تكليف رئيس الوزراء الأسبق، حيدر أبوبكر العطاس، بتشكيل حكومة وحدة وطنية، تم فيها تعيين اللواء هيثم قاسم طاهر، وزيرا للدفاع. وعندما أعلنت الحرب الأهلية بين القوات الجنوبية والشمالية، مطلع مايو 1994م، أصدر الرئيس اليمني المخلوع، علي عبدالله صالح، قرارا قضى بإقالة وزير الدفاع في حكومة الوحدة، «هيثم قاسم طاهر»، وتعيين العميد الركن« عبد ربه منصور هادي»، وزيراً للدفاع، بدلا عنه. الإقالة جاءت على خلفية انضمام «طاهر» لمعسكر نائب الرئيس اليمني علي سالم البيض، الذي بادر في 20 مايو 1994م إلى إعلان فك الارتباط وإنهاء عهد الوحدة بين الدولتين، وتعيين هيثم قاسم طاهر، مرة أخرى، في منصب وزير الدفاع في أول حكومة لدولة الجنوب، تم تشكيلها في 2 من يونيو من نفس العام. وبعد الحرب، غادر «طاهر» عدن إلى جيبوتي، بمعية قيادات دولة الجنوب، فانقطعت أخباره تماما، وغاب عن الأضواء، حتى بعد أن استقر به المقام في دولة الامارات العربية المتحدة. ومن المقولات التي يرويها عنه معاصروه قبيل مغادرة عدن، قوله : «إن ما يؤلمني ،والمرارة في حلقي، أن لدي 200 طيارا جنوبيا، أقل واحد منهم طار خمسة ألف ساعة طيران، هم الآن متجهون على ظهر سفينة أغنام بين عمان والامارات ولا يوجد فيها حتى الخدمات الآدمية». وفي مارس 1998 أصدرت المحكمة الابتدائية بصنعاء حكماً غيابياً ضد 16 شخصية قيادية بالحزب الاشتراكي اليمني، وقضى الحكم بإعدام 5 منهم، بتهمة الخيانة العظمى والتخطيط للانفصال، وزير الدفاع، هيثم قاسم طاهر. وبعد مرور 5 سنوات من صدور الحكم، أصدر صالح، قراراً بالعفو عن المتهمين في مناسبة احتفالية بذكرى إعلان الوحدة العام 2003م. عودة وبعد غياب طويل، استمر لعقدين من الزمن، عاد طاهر إلى اليمن، للمشاركة في العمليات العسكرية التي يقودها التحالف العربي هناك. فكان أول ظهور علني له في مدينة المكلا بحضرموت، عقب تحريرها من قبضة تنظيم القاعدة، حيث أسندت إليه مهمة الإشراف على تنفيذ العمليات العسكرية، علاوة على إشرافه على عمليات تجنيد واسعة في قاعدة العند الجوية، قبل أن ينطلق لقيادة عملية «الرمح الذهبي» بالسواحل الغربية من اليمن التي أطلقتها القوات المسلحة الاماراتية، في إطار مشاركتها في العمليات التي ينفذها التحالف العربي.
وبالأمس قاد هذا الرجل العسكري الفذ عملية "الرمح الذهبي" في الساحل الغربي لليمن وقد أوفى بوعده وعهده... ويقود اليوم المئات من الرجال المخلصين لتحرير اليمن ، وهو اليوم يقود مع زملاءه من قادة ألوية العمالقة المعركة الفاصلة ضد الانقلاب الحوثي.
ولازال حتى اليوم يرفض الظهور في أي وسيلة إعلامية انه بحق قائد فذ وقائد محنك يحب جنوده فأحبوه..!!
تحية لهذا القائد الفذ ولرجاله الشجعان المخلصين وهم يقاتلون بصبر وثبات لا يبحثون عن جاه ولا مناصب ولا أموال!!
تحية للواء هيثم قاسم ورجاله الذين يبحثون عن الكرامة والحرية لليمن التي افتقدها الكثير من الرجال !!
د. علوي عمر بن فريد

---------------------------
سلسلة حلقات يكتبها لصحيفة اليوم الثامن الباحث والمؤلف د. علوي عمر بن فريد