بحوث ودراسات
تبرير إخواني لصقور قطر..
تحليل: مرونة التحالف هل يصدق معها إخوان اليمن؟
"إنهم يغردون خارج السرب"، هكذا برر قيادي إخواني في اليمن الهجوم الإعلامي المتواصل لإعلام تنظيم إخوان اليمني (الإرهابي) من قطر وتركيا، وذلك في اعقاب لقاء قيادات التنظيم بولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.
انقسم إخوان اليمن بين معسكر السعودية التي تقود تحالفا لدعم الشرعية في اليمن، وبين معسكر قطر وتركيا القريبتان من إيران، فالفريق الأول يقدم نفسه كحمائم، لا يهمه شيء سوى كيف يجنب الحزب من أي ضربة قد تقسم الظهر، فيما صقور الإخوان في تركيا وقطر فقد دأبوا على النهش بمخالبهم الإعلامية دول التحالف العربي ودولة الإمارات تحديداً، التي تحارب التنظيمات الإرهابية في الجنوب.
وأكد رئيس حزب الإصلاح اليمني الشيخ محمد عبدالله اليدومي، أن لقاءه بولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد في الرياض ، كان مثمراً ومتميزاً، مشددا على أن اللقاء جاء في مرحلة زمنية هامة جداً يمر بها اليمن.
وقال اليدومي إن هناك من يحاول التشويش بين الحزب والتحالف من جهة، وبين الحزب والإمارات من جهة خاصة، مؤكدا رفض الحزب لكل من يعمل على الاصطياد في الماء العكر، مشددا على أن حزب الإصلاح مثله مثل كافة الأحزاب والمكونات اليمنية، يرفض رفضاً قاطعا التدخل الإيراني، ويقف صفاً واحداً مع التحالف العربي بقيادة السعودية لتحرير اليمن من الميليشيات الحوثية الموالية لإيران وأذنابها في اليمن.
لا لشق الصف
وأضاف اليدومي أنه سبق للحزب أن تبرأ من أي صوت من داخله يسعى لشق الصف أو إصدار آراء تخالف توجهاته مع التحالف، معبرا عن رفضه لأن تكون اليمن مسرحاً للمخططات الإيرانية، مؤكدا أن صنعاء قريباً ستتحرر من العصابات الحوثية، وستبقى في محيطها العربي، وسيعود الاستقرار والأمن، وستكون عصية على كل من حاول المساس بأمنها واستقرارها، أو سعى إلى تفريق صفها وكيانها.
التغريد خارج السرب
وقال عضو الأمانة العامة لحزب الإصلاح الشيخ عبدالله الصعتر، إن "أي شخص يتكلم عن التحالف، أو يسيء له من حزب الإصلاح أو غيره هو يغرد خارج السرب، ولا يمكن أن يوافقه أحد وسوف ننبذه، داعيا الجميع إلى أن يقولوا خيرا أو يصمتوا"؛ مبررا الهجوم الإعلامي الإخواني الذي تموله قطر ضد التحالف العربي والداعم لإيران.
يبدو أن حمائم الإخوان في اليمن قد سارعت إلى تقديم نفسها كحليف قوي للشرعية والتحالف وتمتلك الجدية في قتال الانقلابيين، خاصة في اعقاب توقف جبهات نهم وميدي في قتال الانقلابيين.
اللقاء الذي لم تُكشف حيثياته
عبر طائرة خاصة، وعقب ساعات من وصوله العاصمة التركية اسطنبول، يعود الأمين العام لحزب التجمع اليمني للإصلاح، محمد عبد الله اليدومي، الى العاصمة السعودية الرياض، وعلى عُجالة يُستدعى الى لقاء بولي العهد السعودي، وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي.
كان اليدومي يرافق رئيس اليمن عبدربه هادي في رحلته القصيرة الى تركيا، للمشاركة في القمة الاسلامية العاجلة بشأن القدس، الا أنه لم يتمكن حتى من الراحة قبل أن يعود الى الرياض، وهذا يدلل على أنه جرى استدعاؤه بشكل عاجل للقاء، ولم تكن عودة مختارة البتة، وإلا لما ترك رئيس بلاده هناك كما هو معلوم في العرف الدبلوماسي.
وقد سُربت معلومات لم تؤكد بعد، أن اليدومي كان يعتزم إجراء لقاء بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان وقيادات من الاخوان المسلمين بتركيا.
أمرٌ كهذا يحمل في طياته الكثير من الأسرار والخفايا، وهو ما غُيب كلياً عن وسائل الاعلام، وأكتفى التداول الاعلامي بوصف اللقاء على أنه كان "لمناقشة التطورات في اليمن"، رغم أن هذه الأمور تناقش بالعادة مع المسئولين اليمنيين والحكومة، والأطراف السياسية هي أدوات داعمة لا أكثر.
لقاء الشيخ محمد بن زايد بقيادة الاصلاح، كان هو الأول من نوعه بعكس الأمير محمد بن سلمان الذي التقى بقيادة الحزب سلفاً، وقد تباينت القراءات في هذا الشأن كثيراً، و طبيعة اللقاء ظلت مبهمة، وأبعاده الاستراتيجية كذلك، الا أنه لم ترد أي قراءة مقنعة في تفصيل الحيثيات من لقاء كهذا وفي ظرف مثل هذا أيضاً.
إن مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح فتح فصلاً جديداً من التطورات، وأصبح خيار الحسم أمراً حتمياً وخياراً يفضله التحالف العربي والشرعية في اليمن، لإنهاء الانقلاب الذي أصبحت المليشيات الحوثية تنفرد به على الساحة اليمنية، ولطالما اُعتبر الحزب الاسلامي في اليمن –جناح الاخوان المسلمين- أحد أهم الاوراق التي أعاقت التقدم العسكري على مختلف جبهات البلاد، فإن التحالف العربي أصبح الآن جاداً في التعامل مع الجميع دون تهاون، وأولهم حزب الاصلاح اليمني.
لم يكن اللقاء تشاورياً البتة، بقدر ما كان توجيهياً، وبدى ذلك في غياب الحملة الاعلامية التي ترافق أي حدث متعلق بالحزب عبر ناشطيه ووسائل اعلامه.
اكتفى نشطاء حزب الاصلاح بالصمت والاشادة باللقاء، ثم ظهر اليدومي بعد اللقاء بساعات معلقاً بأن اللقاء " تطرق الى أهمية الدور التاريخي الذي يقوم به التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات المتحدة الشقيقتين في اليمن باعتبار أن أمن اليمن ووحدتها واستقرارها جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار دول الخليج والمنطقة العربية عموما".
لا يمكن للسعودية أو الامارات، أن تعتبرا حزب الاصلاح شريكاً ودوداً في الحرب باليمن، وإذا ما كان هذا الأمر وارداً لكان حدث سلفاً وليس اليوم، ولهذا تبقى فكرة اعتبار اللقاء لفتح صفحة جديدة بين التحالف والحزب ضرباً من الخيال، خاصة وأنه في حال كان هذا التخمين صحيحاً فإن التحالف سيخسر الكثير من الحلفاء على مستوى الشمال والجنوب ممن لهم مواقف معادية مع الحزب، وهذا ليس من مصلحته البتة.
يوقن التحالف والقادة الخليجيين أن الحرب في اليمن وصلت الى مرحلة متقدمة لصالحهم ، وهم اليوم يعيدون ترتيب الأوراق لإزالة كل العوائق وضبط أية أطراف تستثمر ما يجري في اليمن لصالحها بعيداً عن الأهداف التي رسمها التحالف العربي بالتعاون مع الشرعية.
تقول الوكالة السعودية للأنباء "واس" أنه حضر اللقاء من الجانب السعودي " معالي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ومعالي رئيس الاستخبارات العامة الأستاذ خالد الحميدان". اضافة الى " سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، ومعالي نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني الأستاذ علي بن حماد الشامسي، والشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان سفير دولة الإمارات لدى المملكة". من الجانب الاماراتي.
في اللقاءات التطبيعية بين أية أطراف على المستوى الدبلوماسي، يكون الحضور حسب الحاجة، ووفقاً لأهمية اللقاء ذاته، وحضور شخصيات مهمة على مستوى القرار في الامارات والسعودية كما أوردت "واس"، يدلل على أن الأمر كان جدياً وملزما بشكل قاطع، وفتح ملفات كثيرة مع الحزب اليمني.
يقول أحد النشطاء في حزب الاصلاح، مفضلاً عدم ذكر اسمه لـ(اليوم الثامن) إنهم تلقوا توجيها مباشراً بعدم الاساءة لدول التحالف العربي بعد اليوم، وأولها دولة الامارات العربية المتحدة التي كانوا يصفونها سلفاً بأنها "دولة احتلال" وليست عضواً في التحالف حسب ما يصفون.
اللقاء الاستثنائي والمبهم، سيكون اختبارا اجباريا على تغيير سياسات إخوان اليمن التي وقفت ضد أهداف التحالف العربي، وتغيير مساره ضمن التوجيه الذي يفرضه التحالف العربي بالتعاون مع الشرعية في اليمن، وليس هنالك اليوم من خيارات أمام أية أطراف تقف ضد المسارات المرسومة غير خياراً واحداً، ينبغي أن يكن.
إن المرونة التي أبداها التحالف العربي تجاه تنظيم الإخوان، تؤكد نيته في استعادة شمال اليمن من قبضة الموالين لإيران، إلا انه بات من المثير للشك حول امكانية ان يصدق الإخوان في محاربة الحوثيين وان يتوقف اخوان اليمن في تركيا من هجومهم الإعلامي على التحالف العربي، وقبل ذلك التخلي عن التحالفات التي تطالب بإشراك الحوثيين في حكومة وحدة وطنية تعقب تسوية سياسية لإيقاف الحرب التي افتعلها الموالون لإيران.