تحليلات
المشاورات مع الحوثيين عبث سياسي..
الأمم المتحدة.. وساطة الوقت الضائع في اليمن
على وقع الخسائر الحوثية المتوالية في مختلف الجبهات العسكرية، وصل السبت إلى صنعاء معين شريم، نائب المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، في محاولة لإحياء مشاورات السلام اليمنية بين المتمردين والحكومة اليمنية.
وفيما استبق الحوثيون اللقاءات التي يمكن أن يجريها شريم مع قيادات بارزة في الجماعة، كرّر عضو المجلس السياسي الحوثي محمد البخيتي مواقف الحوثيين التي دأبت على اتهام الأمم المتحدة بالانحياز إلى الحكومة الشرعية.
ومن جهته عبّر وزير الخارجية في الحكومة اليمنية عبدالملك المخلافي عن تمسك الشرعية بشروطها التي طرحتها مسبقا للقبول بالمشاركة في أي مفاوضات جديدة مع الميليشيات الحوثية، وهي وفقا لما ذكره المخلافي في تصريحات صحافية تقوم أساسا على: توقف الميليشيات عن كل ممارسة جرائمها بحق السياسيين والمدنيين في اليمن، والإفراج عن كافة المعتقلين، ووقف إطلاق الصواريخ والاعتداءات على المدن ورفع الحصار عنها.
وتضمنت شروط الحكومة اليمنية لاستئناف المسار التفاوضي مع الانقلابيين أيضا سماحهم للإغاثة الإنسانية بالوصول إلى المواطنين من دون اعتراضها وإبداء استعدادهم الصريح بالالتزام بالمرجعيات الثلاث التي يجب أن تكون أحد أسس أي حوار قادم.
وأشار مراقبون سياسيون إلى العديد من التحولات السياسية الميدانية التي تحيط بالجهود الأممية والدولية الجديدة لاستئناف المسار السياسي في الأزمة اليمنية، حيث تترافق تلك الجهود مع تخفف التحالف العربي من الضغوط الدولية في مقابل تصاعد الخسائر العسكرية غير مسبوقة في صفوف الميليشيات الحوثية التي تعاني من انهيارات سريعة على مختلف الجبهات، إضافة إلى خسارتها السياسية الباهظة لأهم وآخر شريك داخلي نتيجة إقدامها على اغتيال الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأمين عام حزب المؤتمر عارف الزوكا واعتقال المئات من قيادات الحزب وكوادره.
وفي تصريح لـ”العرب” وصف المحلل السياسي اليمني فيصل المجيدي الحديث عن أي مشاورات مع ميليشيا الحوثي بأنه نوع من العبث السياسي بعد أن أثبتت وخلال الفترات السابقة أنها مجرد بارود يفجر كل شيء أمامه.
ولفت المجيدي إلى أن كل المشاورات في الجولات السابقة مع الحوثيين كانت تستند إلى وجود طرف سياسي شريك معهم ممثلا بالرئيس السابق على عبدالله صالح وفريقه السياسي الذي يمتلك تجربة كبيرة في العمل السياسي تم تكريسها في هذا المسار إلا أن الميليشيات الحوثية قررت في نهاية المطاف الإجهاز على الغطاء السياسي الأخير الذي كان يدثرها، حيث قامت بتصفية صالح وفريقه السياسي ثم باشرت بإطلاق الصواريخ على السعودية واستمرت في قصف تعز وحصارها وتجنيد الأطفال والقبائل بل وذهبت، بحسب المجيدي، إلى حفر الخنادق في صنعاء وحولها وأدخلت كتائب الحسين وهي كتائب مدرّبة إيرانيا، وهي التي أجهزت على الرئيس السابق وقادة حزبه.
وأشار المجيدي إلى أن كل الممارسات التي قام بها الحوثيون خلال الفترة الماضية تكشف عن توجههم المستقبلي القائم على العنف والحرب كوسيلة لإدارة الصراع، ما يؤكد أنهم لم ولن يكونوا شريكا في أي مشاورات مستقبلية.
وتعليقا على زيارة مساعد المبعوث الدولي إلى اليمن إلى صنعاء، اعتبر المجيدي بأن هذه الخطوة تسعى فقط للتخفيف من الانهيارات الكبيرة التي تعاني منها الميليشيا في كافة الجبهات واقتراب نيران الحرب من قادة الجماعة، وهو ما يفسر تلك الخطوة بأنها مجرد محاولة لمنح الميليشيات المزيد من الوقت لالتقاط الأنفاس لإعادة ترتيب صفوفها من جديد، وهو ما تدركه الحكومة الشرعية والتحالف تماما.
وتتزامن محاولات إحياء المسار السياسي في اليمن مع تطورات عسكرية لافتة على مختلف الجبهات، وخصوصا الساحل الغربي الذي لم تفلح وفقا لمصادر محاولات الحوثيين في إنقاذه من خلال إرسال القائد العسكري أبوعلي الحاكم للإشراف على العمليات هناك عقب مقتل الرجل الثاني في الجماعة يوسف المداني.
وأكدت مصادر محلية استسلام العشرات من ميليشيا الحوثي في محيط مدينة “حيس”، بينهم العديد من القادة الميدانيين، فيما تمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من تأمين العديد من المناطق والخطوط الحيوية من بينها خط الإمداد الرئيسي الرابط بين تعز والحديدة.
وفي أقصى شمال اليمن واصل الجيش اليمني تحرير المزيد من المناطق في محافظة الجوف، من بينها جبل القطيعة في مديرية خب والشعف، ومنطقة العرفاء جنوب منطقة اليتمة، كما حرّر الجيش الوطني منطقة عفي، أولى المناطق في مديرية برط العنان المحاذية لصعدة، وسيطر على مواقع مهمة فيها. كما أحرز الجيش تقدما في مديرية ناطع بمحافظة البيضاء، التي شهدت مصرع واستسلام العشرات من عناصر الميليشيا الحوثية.