تحليلات
عرض الصحف البريطانية ..
العرب اللندنية : اليمن على أعتاب منعطف مفصلي ميدانيا وسياسيا
يشهد اليمن متغيرات ميدانية وسياسية هامّة تدفع أكثر المراقبين تفاؤلا إلى توقّع أن يكون العام الحالي 2018 عامَ حسم الملف اليمني باتجاه وقف الحرب وإعادة إطلاق العملية السياسية التي أوقفها انقلاب جماعة الحوثي على السلطات الشرعية واحتلالها مناطق شاسعة من البلاد بقوّة السلاح.
وشهدت جبهات الحرب في اليمن خلال الأشهر الماضية تطورات هامّة، حيث تمكّنت القوات المدعومة من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، من انتزاع مساحات شاسعة من أيدي المتمرّدين الحوثيين الموالين لإيران، ولا سيما في مناطق ذات أهمية استراتيجية على الساحل الغربي اليمني في الطريق نحو محافظة الحديدة التي يحرص المتمرّدون على الاحتفاظ بها كشريان حياة ضروري يفتح لهم منفذا على البحر الأحمر، ويؤمّن لهم إمدادات متنوعة وموارد مالية عبر ميناء المحافظة.
ووفق ما تؤشر إليه المعطيات الميدانية، فإن العاصمة صنعاء، مركز سيطرة الحوثيين، لم تعد بحدّ ذاتها في مأمن من جهود القوات الموالية للشرعية.
ويتحدّث كبار الضباط والقادة الميدانيون في تلك القوات بثقة عن قرب استعادة المدينة. ونُقل عن قائد ميداني قوله إن قوات الشرعية تخطط لمحاصرة صنعاء وليس اقتحامها حرصا على عدم تدمير العاصمة وللحفاظ على أرواح سكانها.
وبالنسبة لخبراء الشؤون العسكرية، فإنّ الأمر المؤكّد أن ميليشيات الحوثي فقدت الكثير من قوّتها وبلغت مرحلة الإجهاد، خصوصا بعد خسارتها جهود القوات التابعة للرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي أقدمت على قتله في ديسمبر الماضي.
ويتوقّع مراقبون أن تكون الأوضاع الميدانية الجديدة وانقلاب موازين القوّة بشكل واضح ضدّ الحوثيين، دافعا لهم لتليين مواقفهم من مقترحات السلام الذي تلوح الفرصة لإعادة إطلاق مساره على يد المبعوث الأمم الجديد إلى اليمن مارتن غريفيث الذي يستند إضافة إلى خبرته بشؤون الشرق الأوسط، إلى وزن وتأثير بلده الأصلي بريطانيا التي سبق لخارجيتها أن أعلنت نيتها التحرّك صوب دول المنطقة للمساعدة في إيجاد حلول للأزمة اليمنية.
وقال المبعوث الأممي المنتهية ولايته، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إنّ المبعوث الجديد سيجد خارطة طريق مبلورة وواضحة ومبنية على أسس محدّدة.
وشرح ولد الشيخ، متحدّثا الجمعة لوكالة الأنباء العمانية الرسمية، أنّ “المبعوث القادم سيقوم بالتحضير لجولة جديدة من المحادثات تبدأ بلقاءات ومشاورات جديدة تستضيفها سلطنة عمان مع التأكيد على الحل السلمي والسياسي بين الأطراف وضرورة تقديم تنازلات من الطرفين للوصول إلى تسوية سلمية”.
ومن جهتها تحدّثت مصادر سياسية يمنية وصفت بالمطّلعة عن تحضيرات بدأت بالفعل لاستئناف محادثات السلام وأن الاتصالات التي جرت خلال الأيام الماضية ركّزت على “خطوات بناء الثقة بين الفرقاء اليمنيين”.
ومن ضمن الخطوات الأولية المطلوب من الحوثيين قطعها على طريق “إثبات حسن النوايا”، بحسب المصادر ذاتها، الإفراج عن المعتقلين ورفع الحصار عن مدينة تعز، على أن تتم في المقابل إعادة فتح مطار صنعاء واستئناف عمل اللجنة العسكرية المعنية بالتهدئة والإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقّع في منطقة ظهران الجنوب بالسعودية في يوليو 2016 أثناء محادثات الكويت.
وتفتح تلك الخطوة على جولة جديدة من المحادثات تحت إشراف المبعوث الجديد مارتن غريفيث الذي سيتسلم مهامه مع نهاية الشهر الجاري.
وطوال فترة عمله مبعوثا لمنظمة الأمم المتحدة في اليمن والتي استمرت منذ سنة 2015، واجه إسماعيل ولد الشيخ أحمد انتقادات حادّة واتهامات بالضعف والاستجابة لضغوط جماعة الحوثي ما أفشل 3 جولات من المباحثات كانت المنظمة قد رعتها بين الفرقاء اليمنيين ولم تسفر عن أي نتيجة.
ورفض المبعوث الأممي المنتهية ولايته وصف فترة عمله على الملف اليمني بـ”غير الناجحة” قائلا إنّ دور المبعوث هو “مسهّل وميسّر بين الأطراف فإذا كانت مقتنعة بالتوصل إلى السلام فقد تصل، وإذا كان عكس ذلك فلن تصل إلى أي نتيجة”.
ووصف الدبلوماسي الموريتاني الوضع في اليمن بـ”المأساوي والكارثي”، مؤكّدا على ضرورة احترام الأطراف المتنازعة لحقوق الإنسان والمدنيين الذين لا علاقة لهم بالحرب.
وبالتوازي مع التطورات الميدانية الجارية، دخل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، ما يشبه سباقا مع الزمن لتدارك الأوضاع الإنسانية الصعبة في اليمن، مطلقا أوسع عملية إغاثية تشمل مختلف مناطق البلد، وتقوم على إيصال المساعدات عبر المنافذ البرية والبحرية التي تمّ فتحها للغرض، إضافة إلى إقامة جسر جوّي باتجاه محافظة مأرب حيث شرعت طائرات الشحن العملاقة في نقل المساعدات نحو مطار أعدّ هناك للغرض، لتُنقل من ثمّ عبر الشاحنات إلى مستحقيها في المحافظات المجاورة.