تحليلات
إعادة تحريك جهود السلام الراكدة..
صحيفة: مبعوث أممي جديد لإعادة إطلاق مسار السلام اليمني
تنظر دوائر سياسية يمنية بتفاؤل حذر لتعيين مبعوث أممي جديد لليمن، معربة عن أملها في أن يكسّر جمود المسار السلمي ويدفع باتجاه حلّ يقصّر أمد الحرب ويجنّب اليمنيين التعرض للمزيد من ويلاتها، ومؤكّدة في نفس الوقت على ضرورة إدخال تغييرات على أسلوب عمل الأمم المتحدة وتحرّكها على الساحة اليمنية باتجاه إدخال المزيد من الصرامة إزاء جماعة الحوثي باعتبارها الطرف المعتدي على الشرعية والمتجاوز للقوانين الدولية، والرافض لتنفيذ قرارات صادرة عن الأمم المتحدة ذاتها.
ويرى متابعون للشأن اليمني، ضرورة أن يتجه جزء من جهود الأمم المتحدة الهادفة لإيجاد مخرج سلمي للصراع في اليمن، صوب إيران باعتبارها الطرف الداعم لجماعة الحوثي، والمشجّع لهم على التمادي في الحرب خدمة لأهدافها المتّصلة بصراعها مع بلدان جوارها الخليجي والعربي.
وأبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجلس الأمن الدولي في رسالة وجهها إليه، قراره تعيين البريطاني مارتن غريفيث مبعوثا أمميا خاصا إلى اليمن خلفا للموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي رفض البقاء في منصبه بعد انتهاء ولايته.
ولدى أعضاء مجلس الأمن الدولي مهلة تنتهي الخميس للاعتراض على هذا التعيين. وإذا انقضت المهلة ولم يعترض أحد يصبح التعيين ساريا بشكل آلي، وهو الأمر المرجّح لا سيما وأن الخيار وقع على الوسيط البريطاني بعد أسابيع من المشاورات، بحسب دبلوماسيين. ولم يتوصل ولد الشيخ أحمد الذي عيّن في أبريل 2015 إلى أي نتيجة لإنهاء النزاع بين الحوثيين والسلطات المعترف بها دوليا والمدعومة من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية. وقد أبلغ الأمم المتحدة بأنه لا ينوي البقاء في منصبه بعد انتهاء ولايته الحالية نهاية فبراير الجاري.
وطوال فترة عمله مبعوثا للأمم المتحدة في اليمن، واجه ولد الشيخ أحمد انتقادات حادّة واتهامات بالضعف والاستجابة لضغوط جماعة الحوثي ما أفشل ثلاث جولات من المباحثات كانت المنظمة رعتها بين الفرقاء اليمنيين ولم تسفر عن أي نتيجة.
تغييرات مطلوبة في أسلوب عمل الأمم المتحدة على الملف اليمني باتجاه المزيد من الصرامة تجاه الحوثيين وداعمتهم إيران
غير أن الاتهامات كانت توجّه للرجل أيضا من قبل الحوثيين أنفسهم بالانحياز لجانب حكومة الرئيس المؤقت عبدربه منصور هادي.
وفي رسالته إلى مجلس الأمن قال غوتيريش إن غريفيث يتمتع “بخبرة طويلة في حل النزاعات والتفاوض والتوسط والشؤون الإنسانية”.
ويمتلك المبعوث الأممي الجديد سجلا حافلا في مجال الدبلوماسية وعقد الحوارات بين الأطراف المتنازعة، بصفته أول مدير تنفيذي للمعهد الأوروبي للسلام، كما شغل منصب المدير المؤسس لمركز الحوار الإنساني في جنيف، وهو المركز الذي عمل على تطوير الحوار السياسي بين الحكومات والمتمردين في مجموعة من بلدان العالم الثالث. وهو ما يعد ميزة إضافية لصالح المبعوث الجديد إلى اليمن الذي تمتلك بلاده، بدورها، خبرة واسعة في الشأن اليمني كدولة ظلت تسيطر على جنوب اليمن لما يزيد عن المئة عام.
كما أنّ لغريفيث خبرة واسعة في مجال حل النزاعات والتفاوض وعقد الحوارات، إلى جانب عمله في فترة سابقة في واحد من أكثر الملفات العربية سخونة وتعقيدا، حيث عمل في مكاتب مبعوثي الأمم المتحدة في سوريا، كمستشار للوساطة لكوفي عنان ونائب رئيس بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا.
ويرى مراقبون، أن تطورات الحرب بحدّ ذاتها وما آلت إليه من أوضاع ميدانية قائمة حاليا، قد تزيد من حظوظ نجاح غريفيث، على الأقل في جلب الفرقاء اليمنيين مجدّدا إلى طاولة الحوار.
ويشرح هؤلاء أن سلسلة الهزائم المتواصلة لميليشيا الحوثي على عدّة جبهات قد تساهم في تليين مواقف قادتها من عملية السلام لتجنّب المزيد من الخسائر.
وشهدت جبهات الحرب في اليمن خلال الفترة القريبة الماضية تطورات هامّة، حيث تمكّنت القوات المدعومة من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، من انتزاع مساحات شاسعة من أيدي المتمرّدين الحوثيين الموالين لإيران، لا سيما في مناطق ذات أهمية استراتيجية على الساحل الغربي اليمني في الطريق نحو محافظة الحديدة التي يحرص المتمرّدون على الاحتفاظ بها كشريان حياة ضروري يفتح لهم منفذا على البحر الأحمر، ويؤمّن لهم إمدادات متنوعة وموارد مالية عبر ميناء المحافظة. ووفق ما تؤشر إليه المعطيات الميدانية، فإن العاصمة صنعاء، مركز سيطرة الحوثيين، لم تعد بحدّ ذاتها في مأمن من جهود القوات الموالية للشرعية.
ويتحدّث كبار الضباط والقادة الميدانيين في تلك القوات بثقة عن قرب استعادة المدينة. وبالنسبة لخبراء الشؤون العسكرية، فإنّ الأمر المؤكّد أن ميليشيات الحوثي فقدت الكثير من قوّتها وبلغت مرحلة الإجهاد، خصوصا بعد خسارتها جهود القوات التابعة للرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي أقدمت على قتله في ديسمبر الماضي.