بحوث ودراسات
صفقة مالية لإغراق الجنوب في الفوضى..
رصد: أموال قطر في اليمن.. لصناعة العنف والإرهاب
يمضي نظام تميم بقطر بعيداً عن محيطه الخليجي والعربي، ويعمل ليل نهار عن طريق أدواته في اليمن على اثارة الفوضى وعرقلة الحرب التي يخوضها اليمنيون ومن خلفهم العرب ضد حلفاء حليفة الدوحة "طهران".
لم تكن قطر تعمل بصدق وإخلاص مع جيرانها في الخليج من أجل انقاذ اليمن ومحاربة المد الإيراني، من خلال مشاركتها في عملية عاصفة الحزم، بل عمدت منذ اليوم الأول على الايعاز لحلفائها (تنظيم الإخوان) بالتركيز على ضرورة التمكين في الحكومة الشرعية وترك جبهات القتال للقوى الأخرى التي تقاتل حتى تنهك فيأتي الإخوان لاستلام الكعكة كاملة دون نقصان.
كان الجنوبيون واليمنيون يقاتلون ببسالة وبدعم من التحالف العربي، فيما كان حلفاء قطر يتزاحمون في المطارات، وعلى شاشات القنوات التلفزيونية، لسرقة الانتصارات.
لم يشارك الإخوان كقوة عسكرية او مليشيات في معارك الجنوب، ولم يكن أحد منهم يقاتل، بل كانت القنوات القطرية منصة للخطابات الوحدوية لقادة وساسة واعلاميي إخوان اليمن، الذين انتقدوا رفع "علم اليمن الجنوبي" اثناء المواجهات مع الانقلابيين في عدن.
كانت المليشيات تمطر عدن وتكرر ما فعله الإخوان في الحرب الأولى 1994 حينما كان الجنرال علي محسن الاحمر يأمر قواته بضرب عدن بصواريخ الكاتيوشا، ومنها لقب بعلي كاتيوشا.
لم يرق لهم ان يقاتل "الانفصاليون الجنوبيون"، مليشيات الانقلاب، تحت راية علم اليمن الجنوبية التي يطالب الجنوبيون باستعادتها.. دولة الجنوب التي تهدد عودتها مطامع الإخوان وقطر للسيطرة على الموقع الاستراتيجي الهام.
عقب تحرير الجنوب، كان الإخوان في شمال اليمن، يعمدون إلى اطالة امد الحرب، وكانت قنوات الدوحة تصور الوضع في الجنوب المحرر على انه قد سقط في قبضة التنظيمات الإرهابية، حتى اصبحت القنوات القطرية تمثل مادة اعلامية دسمة لإعلام إيران "الجنوب الذي تخلص من الانقلابيين لتحكمه الجماعات الإرهابية".
كانت عدن مسرحا لعمليات العنف والاغتيالات، عقب التحرير في منتصف يوليو (تموز) 2015، وكانت البداية بالهجوم على مقر حكومة خالد بحاح في فندق القصر، وقوات التحالف العربي في البريقة (أكتوبر/ تشرين الأول) 2015م.
بعد هذا الهجوم، شعر التحالف العربي بخطر الجماعات المسلحة، فبدأت عملية تجنيد شباب عدن لمواجهة الخطر الذي يحدق بعدن وبمدن الجنوب، لكن عمليات التجنيد لم تسلم من الهجمات الإرهابية، حيث قتل وجرح المئات من الشباب الذين كانوا يعتزمون الالتحاق بالتجنيد.
كان التحالف العربي يدرك الدور القطري الخبيث، فالتصريحات القطرية التي كانت تحض على ضرورة التحاور مع إيران، تؤكد العلاقة التي تربط البلدين.
كان المسؤولون القطريون يسيرون بالدوحة بعيدا عن الاجماع الخليجي والعربي، الأمر الذي دفع السعودية ومصر والإمارات والبحرين إلى وضع حد لهذا الجنون القطري بالمقاطعة التي دفعت الدوحة الى الكشف عن اوراقها بالعمالة الصريحة لإيران.
وبدأت اوراق الدوحة تتكشف، فهي من منعت الإخوان من قتال الحوثيين في تخوم عمران وصنعاء، بل كان لها الدور في التقارب الحوثي الإخواني (اغسطس آب 2014م)، حينما زار وفد إخواني بقيادة محمد اليدومي رئيس الجماعة إلى كهف مران الذي يقيم فيه زعيم المتمردين الحوثيين عبدالملك الحوثي.
تعامل الخليجيون بصبر وحكمة مع تصرفات نظام قطر، على الرغم من ان لديهم معلومات دقيقة عن دور النظام في تمكين الحوثيين من صنعاء واحتلالها، بل ويعلمون ان الأموال التي كانت تصل إلى الحوثيين في صعدة تحت عناوين عدة.
كان الربيع العربي في اليمن هو من دفع بالحوثيين من كهوف مران إلى وسط ساحة الجامعة في صنعاء، حيث كانت القيادية الإخوانية توكل كرمان تستقبلهم بالورود وتنصب لهم الخيام وتبشرهم بعهد جديد، يمارسون فيه القتل والتنكيل بكل اليمن، بعد ان كانوا فقط يمارسونه في صعدة التي نكلوا بأهلها.
فطوال مراحل العنف في اليمن، كانت قطر تتصدر المشهد، فهي من دعمت نظام صنعاء (تحالف صالح والإخوان)، في الحرب على الجنوب، والتي شارك فيها الإخوان بفاعلية بمشاركة من الجناح العسكري (تنظيم القاعدة)، بل ان التنظيم هو صاحب الفتوى التكفيرية الشهيرة التي يقول سكرتير الرئيس صالح إن عبدالوهاب الديلمي اباح فيها "دماء واموال وممتلكات الجنوبيين".
استغلت الدوحة قضية "اعمار صعدة"، فمدت الحوثيين بالأموال تحت هذا الغطاء، حتى استطاعوا ان يعيدوا ترتيب أنفسهم من هذه الأموال بعد ان انهكتهم ست حروب خاضوها ضد الجيش اليمني في جبال صعدة.
فتلك الأموال ربما كانت العامل الرئيس في الدفع بالحوثيين نحو الجنوب لمحاولة التهامه، فالدوحة لم تقدم اي مشاريع خيرية في اليمن، غير دعم العنف والإرهاب.
ففي الجنوب، أعلنت الدوحة في (نوفمبر/ تشرين الثاني) 2013م، تقديم نحو 350 مليون دولار لمعالجة أوضاع الجنوبيين الذين سرحتهم حرب تحالف (صالح والإخوان)، غير ان هذه الأموال لم تذهب لمعالجة "مظالم الجنوبيين"، بل ذهبت إلى جيوب التنظيمات الإخوانية.
كانت إدارة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي قد أعلنت عن انشاء صندوق لمعالجة قضايا الجنوبيين الذين تم تسريحهم اثر الحرب التي شارك فيها هادي إلى جانب قوات صالح والإخوان بقيادة النائب الحالي علي محسن الأحمر.
أطلقت إدارة هادي في العام 2013م صندوقاً بقيمة 2،1 مليار دولار لإعادة عشرات الآلاف من الجنوبيين إلى وظائفهم، حيث سرح نظام صنعاء أكثر من 100 ألف موظف جنوبي من وظائفهم أغلبهم عسكريون، من قوات جيش الجنوب الذي هزم في الحرب.
كان رئيس النظام الحالي عبدربه منصور هادي حاضرا على توقيع اتفاقية الهبة القطرية، التي وقعها عن الجانب اليمني وزير التخطيط (الإخواني) محمد السعدي ومن الجانب القطري وزير الخارجية خالد العطية.
قال العطية لهادي "إن هذا الدعم هو مبادرة من أمير دولة قطر دعمًا للمبادرة التي أطلقتها لتعويض المبعدين من وظائفهم ومصادرة الأراضي".
وتعهد هادي بـالوفاء بالتزامه إزاء "إيجاد حل عادل للقضية الجنوبية"، غير انه سار خلف مندوب قطر في الرئاسة اليمنية حينها أحمد عوض بن مبارك الذي أصر على ضرورة تقسيم الجنوب لضرب مشروعية القضية الجنوبية، التي وجدت نتيجة الانقلاب على مشروع الوحدة السلمي بالحرب والاجتياح الذي ألحق أضرارا كبيرة بالجنوب.
أدخلت الوديعة صندوق الإخوان ولم ير الجنوبيون منها شيئاً، ولم تعالج قضية الجنوب ولم تعد الاراضي المنهوبة وتضاعفت اعداد الجنوبيين الذين حرموا من مرتباتهم عقب الحرب الأخيرة.
كما استغلت قطر الجمعيات الإخوانية (المختلفة والمنتشرة في كل مكان)، في ايصال الدعم للتنظيمات المتطرفة التي لم تقتل سوى الجنوبيين، في مسعى لإفراغ الجنوب من قياداته وكوادره الأمنية، فمن لم يقتل جراء حرب 1994م، قتلته التنظيمات المرتبطة بالدوحة لاحقا.
إذن.. اموال قطر في اليمن وظفت منذ 1994م لإثارة الفوضى والعنف والإرهاب، ولم يستفد اليمنيون والجنوبيون بشكل خاص غير تصدير القتل والتفجيرات، وما تقوم به الدوحة حاليا من اثارة الفوضى في الجنوب يأتي في السياق الذي بدأ بنظام حمد ويواصله نجله المراهق تميم.