تحليلات
صحف ألمانية..
تقرير: ما هي استراتيجية إيران للبقاء في سوريا؟
أرشيفية
نشرت صحيفة "دي تسايت" مقالاً للكاتب "مارتن جيلن" حمل عنوان: "بن سلمان وبرنامج التطوير داخل المملكة"، أشار إلى أن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" يريد تطوير الأوضاع الاقتصادية في بلاده وتقليص الاعتماد على النفط، بيد أن معظم السعوديين لا يريدون التخلي والتراجع عن حياة الرفاهية التي يعيشونها.
وأضاف الكاتب أنه على مدى عقود، تعاني الثروة السعودية من كساد وتراجع جمّ، ولا عجب من أن بن سلمان يقف أمام مهمة ومسئولية كبيرة؛ حيث يريد برؤيته الإصلاحية المستقبلية 2030 إيقاظ الأمة من غفلتها وسباتها، بتشجيع السعوديين على العمل وتحفيز جهاز الدولة المتضخم على العطاء والبذل، ولن يمكن تحقيق هذا الهدف المزعوم إلا بتقليص الاعتماد على عائدات النفط؛ الأمر الذي بدوره سيؤدي إلى الحد من نسبة البطالة المتفجرة بين صفوف الشباب، وجعل الاقتصاد السعودي على قائمة المنافسة لوقت ما بعد الاستغناء عن عائدات النفط، غير أن هذا البرنامج التطويري - الذي يتبناه ولي العهد- يعتريه بعض العثرات، أبرزها ارتفاع المصروفات، ووجود نسبة كسل كبيرة لدى العاملين في الدوائر والمؤسسات الحكومية.
وأضاف أنه ليس من السهل التغلب على ذلك وتشريد 21 مليون عامل بالدولة من وظائفهم؛ حيث إن هناك ما يقرب من 70 إلى 80% يعملون بالقطاع الحكومي، وليس لديهم رغبة في العمل في وظائف أقل أجرًا وأكثر جهدًا؛ ولهذا فرض المسئولون السعوديون حصصًا إلزامية على المؤسسات على مدار الأعوام الثلاث الماضية، فلم يعد يُسمح للعديد من القطاعات بتعيين موظفين أجانب، ويتم استبدالهم بتعيين العاطلين من السعوديين.
وبالرغم من مغادرة العديد من العمال الأجانب البلاد، إلا أن نسبة البطالة ما زالت تسجل ارتفاعًا من 9 إلى 13%، وتصل نسبة الشباب منهم إلى 30%.
من جانبها تلجأ العديد من الشركات السعودية إلى الاستجابة للحصة التي فرضتها الحكومة على الورق فقط، وهؤلاء الموظفون يحصلون على رواتبهم وهم جالسون في منازلهم؛ لأن هذه الشركات ليست بحاجة إليهم، فيما طالبت غرفة التجارة والصناعة السعودية بخفض نسبة السعودة في القطاع الخاص؛ وإلا فسيتم إلحاق ضرر جسيم بالاقتصاد المحلي.
ما هي استراتيجية إيران للبقاء في سوريا؟
ذكر موقع "فيلت" تقريرًا للكاتب الألماني "ألفريد هاكنبرجر" بعنوان: "الاستراتيجية الإيرانية للبقاء في سوريا"، أكد فيه أنَّ إيران تعمل على تغيير التوزيع الديموجرافي لسوريا، فهناك إعادة توطين للشيعة بحيث يمكنهم العيش قريبًا من مزاراتهم المهمة في سوريا، وقد كانت حماية المزارات الشيعية هي الحجة التي رفعتها إيران من أجل التدخل في سوريا، وتساءل الكاتب: لو نجحت أمريكا وروسيا في تحجيم الدور الإيراني في سوريا.. فهل يمكن أن يعود الوضع في سوريا إلى ما كان عليه قبل الحرب الأهلية التي اندلعت هناك؟
ويتابع التقرير أن ترامب يرغب في دفع بوتن إلى طرد إيران من سوريا، ولكن هذا يبقى ضربًا من الوهم والأحلام، فلقد تغلغلت جذور الوجود الإيراني في سوريا حتى أضحت طهران تُفكّر فيما هو أبعد من التواجد العسكري في سوريا، فهناك في فناء المسجد الأموي يسمع المرء نحيب وبكاء الحجاج الإيرانيين وهم يصرخون: "يا حسين.. يا حسين!"، حيث يعتبر المسجد الأموي جزءًا مهمًا من رحلة الحج لدى الشيعة.
وقد استخدمت إيران الحرب السورية ذريعة وغطاءً للتغلغل داخل القوات السورية والجيش السوري ولإعادة التوزيع الديموجرافي للأراضي السورية مرة أخرى؛ فقد استدعت إيران مقاتلين من حزب الله اللبناني ومليشيات من العراق ومستشارين من الحرث الثوري حتى باتت ثاني أقوى حليف للنظام السوري بعد روسيا.
فيما يرغب الرئيس الأمريكي في الضغط على بوتن من أجل طرد الإيرانيين من سوريا، وهذا ما طالب به ترامب في قمة هلسنكي، حيث صرح بأنَّ هناك توافقًا مع بوتن بخصوص الضغط على إيران لضمان أمن إسرائيل، حيث يشكل التواجد الإيراني في سوريا خطرًا وتهديدًا لأمن إسرائيل؛ فهي العدو الأول بالنسبة لإيران.
إلا أن "ليفون دتسهاجرين"، سفير روسيا لدى طهران، قال: "إيران ليست البلد الصغير الذي يمكن إرغامه على ذلك بسهولة"؛ فهي تخطّط منذ فترة طويله للبقاء في سوريا، وقد غرست جذورها هناك، ومنذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979م وهي تطبق استراتيجيتها للتوسع وتأمين بقائها، وفي نهاية العام الماضي صرح البيت الأبيض أن إيران أصبحت تسيطر على 80% من الجيش السوري تقريبًا، لكن النفوذ الإيراني يذهب إلى ما هو أبعد من السيطرة - بحسب أيمن جواد التميمي، باحث بريطاني في الشأن الإيراني - الذي أكد أن مشروع الحرس الثوري لا يتعلق بالهيمنة والسيطرة، ولكن يهدف إلى الانصهار ومحاولة أن تصبح إيران جزءًا خفيًا من النظام السوري".
ويتم استبدال المناطق السنية بأخرى شيعية، وهكذا تسكن القوات الشيعية الأماكن التي كان يقطنها السنة، وحتى المناطق على الحدود بين لبنان ودمشق يرتحل إليها الشيعة ليقطنوا منازل السُنة، الذين فروا من جحيم الحرب؛ فإيران تتطلع إلى تغير التركيبة السكانية لسوريا، فالسنة يجب أن يقطنوا في الجنوب، والشيعة يجب أن يقطنوا في الشمال، والهدف تعزيز محور شيعي من لبنان عبر دمشق وحمص إلى البحر المتوسط، حيث يعيش العلويون على طول هذا الساحل، وهذه الطائفة هي التي تضم عائلة الأسد ومعظم قيادات النظام السوري الحالي.
فعلى سبيل المثال، نُقل يوم الخميس الماضي نحو 7000 من سكان القرى الشيعية ببلدة الفوعة وكفريا، وفي المقابل وافق النظام السوري على إطلاق سراح أكثر من 1500 سجين، وهكذا استقر الشيعة الآن في المناطق الحضرية التي كانت تُمثل معاقل السنة مثل حلب ودمشق؛ فسوريا تتغير ديموغرافيًا أكثر فأكثر بتخطيط إيراني.
وقد أصبح الحرس الثوري الإيراني عاملاً اقتصاديًّا في سوريا أيضًا فلم تعد دمشق قادرة على سداد ديونها لإيران، والتي تنفق مليارات الدولارات، وكتعويض من النظام السوري لإيران قدّم نظام الأسد تسهيلات في شراء الأراضي والمباني بأسعار زهيدة على الرغم من مخالفة ذلك للقانون السوري الذي يحظَر على الأجانب شراء أراضي أو ملكيتها في سوريا.
كذلك فقد أصبح الحرس الثوري الإيراني جزءًا لا يتجزأ من النظام السوري، وأي إبعاد للقوى الإيرانية أو للقوى الموالية لإيران من المشهد السوري سيؤدي بالتأكيد إلى انهيار النظام السوري بأكمله، وهذا ما لا ترغب به الولايات المتحدة ولا إسرائيل؛ لذا يبقى طرد إيران من المشهد السوري مجرد حلم أو وهم للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ما دام الوضع على ما هو عليه، وعلى ترامب أن يقدّم تنازلاً في هذا المسار.
هل ستغادر روسيا وإيران الأراضي السورية؟
وفي نفس السياق، أورد موقع "تك تي في" تقريرًا بعنوان: "هل ستغادر روسيا وإيران الأراضي السورية؟ لا سيما بعد تطهير أغلب المناطق السورية من المتمردين، وما الذي جرى في قمة هلسنكي بين ترامب وبوتن بخصوص هذا الشأن؟"، وذكر التقرير أنه أثناء لقاء جمع الرئيس "فلاديمير بوتن" وأحد كبار المستشارين السوريين مع مسئولين إيرانيين لمعرفة نتائج محادثات بوتن مع ترامب بخصوص سوريا، جرى اتفاق تم بموجبه فك الحصار عن قريتين مواليتين للحكومة السورية خلف خطوط المتمردين، بينما التقى المبعوث الخاص للرئيس الروسي "ألكسندر لافرنتيف" بمسئولين في طهران لمناقشة نتائج مباحثات القمة بين بوتن وترامب.
وأضاف التقرير أن الموقف الحاسم من بوتن، والذي كان واضحًا خلال القمة الثنائية يعتمد على حل المشاكل السورية من خلال منطق التفاوض، حيث صرح المبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتيف قائلًا: "إن تصميم الحكومة الروسية على مواصلة التعاون في الحرب ضد الإرهاب سيستمر إلى أن يتحقق الاستقرار والأمن الكامل في سوريا"، وبهذا يتضح جليًّا أن كلاً من روسيا وإيران باقيتان في سوريا، وأن ما جرى في قمة هلسنكي كان تأكيدًا على هذه الحقيقة، لكن لغة المصالح بين الطرفين ستكون نقطة الحسم.
ولم تتسبب الهجمات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا في توتر العلاقات بين الجانبين الروسي والإيراني كما يظن البعض، فقد كان هناك اتفاق مُسبق بأن تنسحب القوات السورية من الشمال إلى الجنوب لتحرير باقي المناطق هناك، وفي المقابل تلتزم إسرائيل بالتهدئة، وبالتالي تخمد نار الحرب السورية قليلًا، وتبدأ مرحلة أخرى من التعمير وإعادة البناء؛ فقد استعادت الحكومة السورية سيطرتها على كل المراكز السكانية الرئيسة في سوريا تقريبًا بعد الانتصارات الأخيرة، وباتت سوريا قريبة من تحرير كامل ترابها من أيدي داعش وأخواتها، ومن هنا بات على الولايات المتحدة وحلفائها إعادة الحسابات والقبول بالأسد على رأس السلطة في النظام الحالي.
هل يمكن أن يقود ترامب حربًا حقيقية بين الولايات المتحدة وإيران؟
نشرت النسخة الألمانية من موقع "هافنجتون بوست" تقريرًا حمل تساؤلاً مفاده: "هل يمكن أن يقود ترامب حربًا حقيقية بين الولايات المتحدة وإيران؟"، طرح فيه العديد من الخبراء في الشأن الإيراني سيناريوهات مُحتملة تُمثّل الجواب على هذا التساؤل، حيث حدثت حرب لفظية بين الجانبين في الأيام الماضية؛ والتهديدات الكلامية المتبادلة.
السيناريو الأول:
وتؤكد "مارجريت يوهانسن"، الخبيرة في شئون الشرق الأوسط بمعهد أبحاث السلام والأمن بمدينة هامبورج، أنَّ الرئيس ترامب يحاول الهروب من الضغوط، فبعد قمة هلسنكي اتهم الجمهوريون والديمقراطيون في الكونجرس، ترامب بالفشل وإهمال مصالح الولايات المتحدة، وبذلك يُعدّ هذا التهديد مناورة تكتيكية من ترامب للهروب من الضغط الأمريكي الداخلي.
ونفس الوضع في إيران؛ فالشعب منقسم بسبب الحالة الاقتصادية السيئة للبلاد، والتي ازدادت سوءًا بعد انسحاب الرئيس الأمريكي من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015م، ولذلك تلجأ طهران إلى التصعيد اللفظي لمعالجة الوضع الداخلي الهش.
فالبلدان لا يرغبان في تحويل الحرب الكلامية إلى حرب حقيقية؛ فالحرب في هذا التوقيت ليست في صالح أي منهما.
فالمواجهة العسكرية الشاملة للولايات المتحدة مع إيران ستكون أغلى بكثير من حروب الولايات المتحدة ضد العراق في عام 1991 وعام 2003م، بل ستكون نتائج هذه الحرب مدمرة لموارد الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أنه في حالة الانتشار المكثف للجيش الأمريكي - كما هدد الرئيس ترامب - لا تملك إيران سلاح الردع المتمثل في الأسلحة النووية على عكس الولايات المتحدة، فإنَّ كلًا من الولايات المتحدة وإيران تدركان جيدًا أنَّ التصعيد اللفظي قد يتحول في لحظة إلى خطر حقيقي على أمن البلدين وبالتالي لا يمكن التنبؤ بتطورات الوضع حال استمرار التصعيد واستمرار التعبئة، ولكن حتى الآن لا يبدو أن البلدين خططا لإجراءات ملموسة تتجاوز حرب الكلمات الساخنة.
السيناريو الثاني:
يقول الخبير الإيراني "عدنان طباطبائي" إن ترامب يتعرض لضغوط سياسية، فقد أدانت تحقيقات المكتب الفيدرالي بالبيت الأبيض موقف ترامب الأخير بقمة حلف شمال الأطلسي، وكذا القمة الأخيرة مع الرئيس الروسي بوتن في هلسنكي، وللخروج من هذا الوضع سيحاول التصعيد اللفظي ضد أطراف خارجية، وتحتل إيران بالطبع في ذلك الحظ الأوفر، ولذلك سنشهد في الأيام القادمة تصعيدًا في لهجة التهديد من قبل "جون بولتون" مستشار الأمن القومي للولايات المتحدة و"مايك بومبو" وزير الخارجية الأمريكي تجاه إيران مرارًا وتكرارًا.
وعلى الجانب الآخر، فقد أشعل الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، العداء الإيراني لواشنطن مجددًا، ويضيف طبطبائي أنه لا يوجد أي دليل على أن هناك في طهران من يريد إشعال الحرب ، ولا حتى ترامب يريد ذلك، لكنَّ "جون بولتون" و"مايك بومبيو" دومًا ما يصرحان بأن الحرب مع إيران لن تكلفهم الكثير، وهو ما يثير الشكوك حول موقفهم الحقيقي من الحرب على طهران.
السيناريو الثالث:
يقول "مايكل كنيتس"، المتخصص بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "اختار ترامب طريق الحصار الاقتصادي للنظام الإيراني من أجل تحطيمه وتحقيق الفوز عليه، لكن هذا المسار لا يمكن تحديد نهايته ومدى جدواه على أرض الواقع، وعلى الجانب الآخر يحاول النظام الإيراني زيادة عزلة حكومة ترامب دوليًا واكتساب المزيد من التعاطف الدولي، ولذلك تسعى إيران إلى إقامة تحالفات مع روسيا والصين بقصد حمايتها من الضغوط العسكرية والاقتصادية الأمريكية، كما تمتلك إيران أيضًا أوراق ضغط تجاه الغرب من خلال أنشطتها الاستخباراتية مثل الهجمات الإلكترونية على منشآت الطاقة السعودية، والتهديد بإغلاق مضيق هرمز، أو من خلال الهجمات على القوات الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة من قبل الميليشيات المتحالفة مع إيران".
السيناريو الرابع:
بينما يقول "جوزيف برامل"، الخبير في السياسة الأمريكية بالمجلس الألماني للعلاقات الخارجية ببرلين: "الخيار العسكري ليس بمستبعد، فبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي ستعمل إيران بكل قوة للتمكن من بناء السلاح النووي، ولذلك ينبغي على ترامب ومستشاريه الأمنيين، بما في ذلك المتشددين مثل "جون بولتون" وغيرهم توجيه ضربات استباقية ضد إيران لإعاقة البرنامج النووي؛ فترامب ومستشاروه لا يريدون فقط إعاقة إيران من امتلاك السلاح النووي وتلبية طموحاتها في أن تكون قوة إقليمية كبيرة، بل يرغب ترامب في وضع حد لمشروع طموحات الصين الجيوسياسي في هذه المنطقة، والإضرابات العسكرية وعدم الاستقرار لن يؤثر على الأمن في الولايات المتحدة، كما يعتقد ترامب".
وتابع برامل: "من شأن الحرب أن تجعل من الصعب على الصين المنافسة، حيث تستورد الأخيرة المواد الخام التي تحتاجها من هذه المنطقة؛ وهذا يزيد بالتالي قوتها الاقتصادية، ولذلك ستعتمد على النفط والغاز الروسيان والذي من الممكن أن يرتفع ثمنه نتيجة لعدم الاستقرار في لمنطقة، وبالتالي يؤثر على نمو المنافس العملاق الصيني، ولن تمانع روسيا من زيادة الأسعار؛ فهذا الأمر يصبُّ في صالحها؛ حيث إن السلطات في موسكو بحاجة ماسة إلى ارتفاع أسعار الطاقة من أجل تحقيق الاستقرار؛ فروسيا تعتمد على النفط والغاز في استقرار الوضع الاقتصادي والسياسي، وفي حالة حدوث صدام عسكري بين الجانبين وارتفاع سعر الغاز والنفط فسيكون هذا موضع ترحاب من قبل مُنتجي الغاز الصخري في الولايات المتحدة، حيث تعاني هذه الصناعة من خطر وجودي بالفعل بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والأعباء المالية إلى حد كبير".
العدو الأفضل..
أورد موقع "فيلت" تقريرًا للكاتب "هيرمانوس بيفيفار" بعنوان: "العدو الأفضل" تناول الموقف المتفاوت بين أمريكا والاتحاد الأوروبي والصين تجاه العقوبات الأمريكية على إيران، لافتا إلى أن الأخيرة تُعدّ عدوًا محببًا إلى الاتحاد الأوروبي والصين، وأوضح أن الاتحاد جمّد القانون التجاري الأمريكي الذي يحظر التعامل مع الشركات التي يقع عليها عقوبات من الولايات المتحدة من أي طرف له استثمارات في أمريكا.
ولهذا السبب تخشى شركات الشحن التقليدية الألمانية من السلطات القضائية الأمريكية، حيث تقع أي شركة أو أي شخص له استثمارات تجارية في أمريكا تحت طائلة العقاب بموجب القانون الأمريكي إذا ما خالف هذا القانون في أي بلد أخرى، وهو ما حدث في يوليو 2017م، حيث وضعت الولايات المتحدة مجموعة عقوبات ضد الشركات الروسية بموجب هذا القانون، وجرى تطبيق العقوبات على جميع الشركات الأوروبية التي تتعامل مع تلك الشركات الروسية، ومن يقوم بانتهاك القانون التجاري للولايات المتحدة، فإنه - على أحسن الأحوال - يوضع تحت مراقبة وزارة العدل الأمريكية، كما حدث مع شركة سيمنز ودايملر وبلفينجر، أو يجري منعه من الاستثمار في السوق الأمريكية نهائيًا، وهي العقوبة الأسوأ، طبقًا لقانون التجارة الأمريكي.
روسيا أولاً ثم إيران الآن
إيران وضعت دول الاتحاد الأوروبي في موقف مُعقد عندما أمرت البنك التجاري الأوروبي الإيراني في هامبورغ بتحويل نحو 350 مليون يورو إلى طهران، وحدث نفس الشيء في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، ولذلك انتقد "مايكل هارمز"، المتحدث باسم اتحاد الصناعات الألماني لغرب أوربا (OAOEV) هذا القانون، حيث قال: "لا يمكن أن يحدّد لنا مجلس الشيوخ في واشنطن الشركاء الذين يُسمح لرجال الأعمال الألمان التعامل معهم.. هذا أمر غير منطقي!".
إضافة إلى أنه وفقًا للرأي القانوني للاتحاد الأوروبي والحكومات الفيدرالية في الاتحاد الأوروبي، فإن تطبيق قانون العقوبات الأمريكي خارج الحدود يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، ولذلك ألغت مفوضية الاتحاد الأوروبي الاعتراف بهذا القانون من جانبها وبررت بأن هذا من شأنه حماية الشركات الأوروبية من العقوبات الأمريكية، والهدف، وفقًا لرئيس الاتحاد الأوروبي "جان كلود يونكر"، هو حماية مصالح الشركات الأوروبية والسماح لها بالاستثمار في إيران وإظهار أن الاتحاد يواصل الالتزام بالاتفاق النووي مع إيران.
هل ستقع الصين هي الأخرى تحت طائلة العقوبات الأمريكية؟
بالنسبة لوزير الاقتصاد الألماني فإن إيران هي محور الاستثمار ونقطة الاتصال للشركات الألمانية، ومن المفارقات العجيبة في قانون التجارة والمدفوعات الخارجية (AWV) الأمريكي أنه يحظر مشاركة الولايات المتحدة في المقاطعة الأجنبية ضد أي دولة أخرى.
وتقع الشركات التي تعمل في إيران مثل "هاباج - لويد" في مأزق حقيقي، ففي حين بلغ حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أكثر من 600 مليار دولار؛ فإنه بالكاد يصل حجم التبادل التجاري بين الاتحاد وإيران الغنية بالنفط تقريبًا 20 مليار دولار؛ فالشركات الألمانية التي لعبت دورًا رئيسيًا في بلاد فارس ظلت متوقفة لوقت طويل، في حين تقدّمت فرنسا بعض الشيء لكن الصين اليوم هي أهم شركاء إيران التجاريين.
ومن المؤكد أن شركتي "هاباج – لويد" و "سي أم إيه وسي جي أم" الفرنسية ، وكذلك شركات الشحن الكبيرة الأخرى تتغاضى عن التصعيد ضد هذا العدو الأفضل والذي يمثّل شريكًا اقتصاديًّا مهمًا، وهذا ليس من قبيل الصدفة فقبل كل شيء يعدّ النقل البحري أداة لرصد الزلازل الاقتصادية العالمية، ويجري نقل حوالي 90 % من التجارة عبر الحدود عن طريق البحر، وتحتل إيران المرتبة الثالثة في العالم من حيث كونها تمتلك أهم ممر استراتيجي لنقل البضائع، ولكن ماذا يحدث إذا تمادى الرئيس ترامب في سياسته الخاصة وحاول أن يوقع عقوبات اقتصادية في المرة القادمة على الصين؟
إيران تُهدد بفرض حصار على طرق إمدادات النفط
وتستمر جولة الصحافة الألمانية في الحديث عن الشأن الإيراني، حيث نشر الكاتب "أندريس ألبرت" تقريرًا بموقع "شبيجل أونلاين" بعنوان: "إيران تُهدد بفرض حصار على طرق إمدادات النفط، فهل يمكنها فعل ذلك أم أنَّ الأمر مجرد تهديد فقط؟، وذكر التقرير أنَّ مضيق هرمز الذي تتحكم فيه إيران والذي يمر من خلاله أغلب احتياجات العالم من الغاز والنفط تحاول طهران أن تستخدمه كورقة ضغط على الولايات المتحدة للحد من تأثير العقوبات الأمريكية المفروضة عليها.. فما هي مقومات الضغط الإيراني على واشنطن؟
وتابع التقرير: بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي ازدادت وتيرة التهديدات الكلامية بين واشنطن وطهران، وازداد كذلك الضغط الاقتصادي على إيران، غير أن إيران هددت بإغلاق مضيق "هرمز" الذي يقع بين إيران وشبه الجزيرة العربية، والذي يعد أهم عنق زجاجة في العالم بالنسبة لإمدادات النفط، ووفقًا لوكالة الطاقة الأمريكية في عام 2016م فإنه يجري نقل 18.5 مليون برميل (159 لترًا) يوميًا عبر هذا المجرى المائي بزيادة مقدارها 9% مقارنة بالعام السابق، وفي عام 2015م عَبَر من هذا المضيق حوالي 30% من التجارة البحرية العالمية، سواء من النفط أم من السوائل الأخرى؛ وبالتالي فإن أهميته تكمن في ربط الخليج العربي بخليج عمان، وتضاهي أهميته خليج مالقا في شرق آسيا والذي يَعبُر منه يوميًّا نحو 16 مليون برميل.
تاريخ المواجهات المباشرة بين طهران وواشنطن
لم تحدث مواجهات مباشرة بين طهران وواشنطن في هذا الاتجاه سوى مرة واحدة، ففي نهاية العام الماضي اشتبكت زوارق إيرانية مع قوات بحرية دخلت إلى المياه الإقليمية الإيرانية، وأُلقي القبض على هذه القوات ثمَّ أُطلق سراحهم في اليوم التالي، وهذه هي المرة الوحيدة التي شهدت مواجهات على المدى القريب بين الجانبين.
واختتم التقرير بالقول: إنه ومنذ قيام الثورة الإسلامية والحرب بين الطرفين تقتصر على التهديد اللفظي فقط، لكن إيران الثورة ليست كإيران اليوم، فحين تهدد طهران بغلق مضيق هرمز فإنها تملك ذلك وتسطيع فعله، لكنها في الوقت نفسه لن تفعل ذلك، حيث إنَّ هذه الخطوة يمكن أن تضر بمصالحها أكثر من الولايات المتحدة.
ما هي طرق تهريب الأسلحة الإيرانية؟
نشرت صحيفة "شبيجل أون لاين" تقريرًا للكاتبين "دومينيك بيترز" و"كريستوف زيدو" بعنوان: "طرق تهريب الأسلحة الإيرانية"، أفاد بسعي النظام الإيراني لخلق المزيد من طرق تهريب الأسلحة برًا إلى سوريا، فيما تُراقب إسرائيل ذلك بقلق كبير.
واجتمع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" ونظيره الروسي "فلاديمير بوتين" في العاصمة الفنلندية "هلسنكي"، وهي أول قمة ثنائية رسمية جمعت بين الرئيسين. وكان على جدول أعمال هذه القمة، الأسئلة الكبرى المتعلقة بالسياسة العالمية، ومن ضمنها الصراع السوري.
وأضاف التقرير أن "جيش الديكتاتور السوري بشار الأسد" بدأ هجومه في محافظة القنيطرة على الحدود مع هضبة الجولان قبيل القمة، وتخشى إسرائيل في الوقت ذاته حال نجاح قو ات الأسد في هذه المهمة من زحف القوات الإيرانية العسكرية وميلشيات الشيعة تجاه حدودها.
وقد عارض الحرس الثوري الإيراني وحلفاؤه بشكل فعال تنظيم "داعش" في العراق على مدار السنوات الماضية، والآن ما زالت داعش تسيطر على مناطق صغيرة؛ لذا يريد النظام في طهران استخدام العراق كطريق عبور، وذلك وفق استنتاج المحللين العسكريين الإسرائيليين والغربيين؛ والهدف من ذلك هو المنطقة الحدودية اللبنانية والسورية مع إسرائيل؛ ولهذا قصفت القوات الجوية الإسرائيلية القواعد العسكرية التابعة للنظام السوري منذ شهور، التي تلقى الدعم والمساندة من الجانب الإيراني.
وفي منتصف يونيو الماضي، وقع هجوم في منطقة الحدود العراقية السورية بالقرب من مدينة "أبو كمال"، أسفر عن مقتل العشرات من قِبل كتائب حزب الله، فيما ألقى النظام السوري باللوم على التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، غير أن الأخيرة نفت ذلك.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، مستشهدة بدوائر أمنية، أن إسرائيل في الغالب هي من كانت وراء هذا الهجوم.
من جهتها، قامت طهران خلال الأشهر الماضية ببناء جسر يمتد من الحدود الإيرانية، مرورًا بوسط العراق إلى سوريا، وهذا الأمر يحمل أهمية استراتيجية بالغة على الصعيد الإيراني؛ وبذلك ستتمكن إيران من نقل أسلحتها في المركبات الهوائية إلى حزب الله الشيعي في لبنان وإلى حلفاء محليين آخرين. وقد تمكنت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية من مراقبة تلك العمليات واستطاعت تدمير العديد من الأسلحة بعد وصولها سوريا.
جدير بالذكر أنه من الصعب التعرف على قوافل الأسلحة هذه في الطرق البرية؛ لأنها كانت تخبأ في مركبات المدنية، فيما يعدّ طريق إيران البري الممتد إلى سوريا جزءًا من الهلال الشيعي، وهو مجال نفوذ طهران في العالم العربي، وهذا الطريق يمثل خطرًا جسيمًا على إسرائيل والدول العربية، وفي الأشهر الأخيرة أضحت صورة اتساع نفوذ إيران في المنطقة من خلاله أكثر واقعية.
وعلى ما يبدو فإن لإيران منفعة كبيرة من قرار الرئيس الأمريكي من جلاء القوات الأمريكية من سوريا، ويدور الأمر في المقام الأول حول قاعدة "تنف" العسكرية، وهي القاعدة العسكرية الأمريكية الوحيدة التي تقع على مقربة من الجسر البري الإيراني، وقد كان "بوتن" و"الأسد" يطالبان دومًا بإغلاقها لانتهاكها السيادة السورية.
هل تتحول المعركة الكلامية بين الولايات المتحدة وإيران إلى صراع عسكري؟
وعلى الصعيد الأمريكي الإيراني، وتصاعد حدة الأمور بين الجانبين، نشر موقع "تاجس شبيجل" مقالًا للكاتب "كريستيان بومى" عنوانه: "هل من الممكن أن تتحول المعركة الكلامية بين الولايات المتحدة وإيران إلى صراع عسكري؟".
ولفت الكاتب إلى أن الدولتين تتبادلان إطلاق النيران لفظيًّا على بعضهما البعض بكل ما أوتيا من قوة، وبهذه الجملة حذر الرئيس الإيراني القوى العظمى (الولايات المتحدة) قائلاً: إنه "لا تجرؤ قوة في العالم على مهاجمتنا".
وأضاف أن الأمور بلغت ذروتها حتى أصبح شعار الدولتين "إطلاق النيران"، وبات الوضع يبدو وكأن أحد الأطراف (أمريكا) يستعرض قوته، والطرف الآخر (إيران) يُظهر مدى استعداده وتأهبه للرد على هذه القوة حال تنفيذها على أرض الواقع، وهذا يُعدّ في ذاته تحديًا لقرار الرئيس الأمريكي "ترامب".
ويتوقع بعض المحللين في واشنطن أن الرئيس من شأنه أن يعقب كلامه بفعل، وأنه على استعداد لشن حرب عسكرية.
جدير بالذكر أن إيران تلعب دور "الشرير" في أعين الرئيس الأمريكي، وهو على اقتناع تام بضرورة القضاء عليها، وهناك من هم على استعداد في المنطقة لتقديم العون والمساعدة له، كـرئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو".
وفيما يتعلق بتسليح إيران نوويًا فهو أمر غير مقبول من الجانب الإسرائيلي، ويقف بالمرصاد للحيلولة دون هذا الأمر، ويتم تشجيعهم في هذا الأمر أيضًا من قِبل بعض دول الخليج العربي، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، التي تسعى أيضًا لتحجيم نفوذ طهران بالمنطقة.
"داعش" يعاود السيطرة على مناطق كاملة بالعراق
وفي نهاية المطاف تقودنا الصحفية "أنجا روج" في حوار لها مع الإذاعة والتلفزيون النمساوي بعنوان: "داعش يعاود السيطرة على مناطق كاملة في العراق من جديد، فما الذي يحدث هناك؟".
وتحدث التقرير عن الجانب الأمني في المناطق المحررة من يد التنظيم ومدى غياب وفراغ السلطة وتأثير الفساد على عودة وظهور عناصر داعش وتحكمهم مرة أخرى في بعض تلك المناطق، فبعد إعلان "حيدر العبادي" تحرير العراق من عناصر داعش بقيت المناطق المدمرة في العراق إلى هذه اللحظة خاوية من السكان وأصبحت هناك قرى كاملة بلا مواطنين، وبعد انشغال الحكومية العراقية بالبيروقراطية والفساد عادت العناصر الداعشية لتظهر بقوة في الآونة الأخيرة، وتقوم بعمليات وحشية ضد الشرطة والجيش، لا سيما في كركوك وبغداد والموصل، بالإضافة إلى الخلايا النائمة التي استغلت الوضع الراهن والفراغ الأمني في هذه المناطق وباتت تتشكل وتقوى من جديد، وفي حال ما إذا استمر الوضع على هذا المنوال فإن داعش ستكون قادرة على استغلال السخط والغضب في الوسط السني في هذه المناطق المحررة وتشكيل تنظيمات جديدة تستطيع القيام بعمليات أكثر قوة وفي أماكن عدة داخل المدن العراقية.
مسئولو برلين يسعون لبلورة فكرة "الإسلام الألماني"
هذا، وقد طالعتنا صحيفة "دي تسايت" بمقال للكاتب "كانان توبسو" تحت عنوان: "مساعي بعض المسئولين الألمان لبلورة فكرة الإسلام الألماني"، مشيرًا إلى أن هذا الأمر بات عمليًا أكثر، غير أنه يعتريه بعض المشاكل والعثرات التي تحول دون بلورته، حيث يريد المسئول المنتمي لوزارة الداخلية" ماركوس كيربر" إعادة تنظيم مؤتمر الإسلام الألماني "DIK "؛ بهدف توافق وإجماع المسلمين في ألمانيا حول فكرة "الإسلام الألماني".
ويرى الكاتب أن تحقيق هدف "كيربر" في ذلك صعب المنال، حتى وإن كان للتوجه السياسي والسلطات الألمانية رغبة في ذلك لعدة أسباب: أولها أن الدولة هي من تبنّت هذا المطلب ونادت به؛ لذا فسيُفهم هذا الأمر من قِبل الجمعيات الإسلامية والمسلمين في ألمانيا على أنه تدخل في الشئون الإسلامية والدينية.
وعلّق "علي كيزيلكايا" المنتمي للمجلس الإسلامي في ألمانيا على كلام "كيربر" بأنه يريد تشكيل إسلام وفق هوى نفسه، ويرى أن هذا الأمر يُصنّف بأنه "تطاول وغرور"، لا سيما وأن الدعوة لذلك ليست قادمة من أي وزارة، وإنما من وزير الداخلية الألماني "هورست زيهوفر"، الذي صرح عقب توليه منصبه بأن الإسلام لا يعدّ جزءًا من ألمانيا ولا ينتمي إليها.
وتعتري هذه الإشكالية على الجانب السياسي المسلمين أنفسهم، أولًا من أن الإسلام يتسم بتنوع تفسيراته، ولا يمكن اختزالها في تفسير واحد، على غرار الكنيسة الرومانية الكاثوليكية على سبيل المثال، حيث لا توجد بها مؤسسة تتولى مهمة تسجيل الأعضاء وتعمل كهيئة لاهوتية مركزية. كان "كيربر" على دراية بهذه الفكرة، عندما بادر وزير الداخلية الألماني السابق بعقد لجنة في هذا الإطار منذ عشرين عامًا، ومن الخبرة المكتسبة في اللجنة الماضية يجب عليه أن يعي بفشل مراده؛ حيث إن التنوع والطبيعة المتناقضة لفهم الإسلام في ألمانيا أكثر من أي مكان آخر؛ نظرًا لأن جزءًا كبيرًا من المسلمين هناك قَدِموا من أماكن مختلفة حول العالم، ويمارسون دينهم وفقًا لتقاليدهم المعتادة.
لقد أظهرت السنوات الــــ12 الماضية ما يعنيه هذا المشروع، ففي البداية وُجِّه انتقاد إلى تكوين اللجنة، لا سيما مشاركة بعض الأفراد كعالِمة الاجتماع "نيكولا كليك" والمحامية "سيرين أتيس"، واشتكى مسئولو النقابة بأن هؤلاء ليس بوسعهم سوى انتقاد الإسلام، فكيف يُسمح لهم بمناقشة مخاوف وأوضاع المسلمين في ألمانيا؟
وعلى الجانب الآخر، وُجِّه انتقاد إلى الدور المركزي للجمعيات الإسلامية، فقد فقدت هذه الجمعيات جزءًا من أهميتها وحقوقها التي تمتلكها. هذا ولم تكن المؤتمرات السابقة تدور حول تعريف "الإسلام الألماني"، وإنما كان المشاركون فيها يوضحون العلاقة بين المسلمين والدولة، حتى ذلك نفسه لم ينجح؛ لوجود هياكل تنظيمية في الإسلام، فما هي المرجعيات التي تُحدّد الممارسات الدينية وتقرر من الذي يتحدث باسم المسلمين في ألمانيا ويتفاوض باسمهم مع الدولة؟
لا يوجد جواب، ومن كانوا يقومون بذلك هم بعض الجمعيات الإسلامية مثل " المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا"، والذي لم يسلم هو أيضًا من النقد.. فلماذا تُولى الحكومة الاتحادية كثيرًا من الاهتمام لإضفاء الطابع المؤسسي في علاقاتها مع المسلمين هناك؟
لأن هناك بعض القضايا التي يتعثر حلها دون وجود شريك حوار يتم التفاوض معه بشأن هذه القضايا، لا سيما عندما يدور الأمر حول منهج ومضمون محاضرات الدراسات الإسلامية في الجامعات الألمانية، أو تأهيل الأئمة وأساتذة العلوم الإسلامية وتعيينهم في الجامعات، أو تأسيس جمعية خيرية.
ونعود لتساؤل جديد: ما المرجعيات التي يمكن الرجوع إليها للفصل والتفاوض في الخلافات الدينية التي تعتري الطالبات والتلاميذ في المدارس والجامعات؟ كالحالة التي رفضت فيها الطالبة المسلمة ارتداء البوركيني في حصة السباحة.
ومن الممكن أن يكون لبعض منظمات المجتمع المدني دورٌ أكثر نجاحًا في تطوير طريقة الحوار مع المسلمين، صحيح أن هذا الأمر سيكون بالتأكيد شاق، غير أنه ليس مستحيلاً.