تقارير وتحليلات
«ناشونال إنترست»:
من هنا بداية حرب عالمية ثالثة في عام 2017
تتولى إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب «دونالد ترامب» السلطة في وقت غير مستقر. لمجموعة متنوعة من الأسباب (بعضها مرتبط مباشرة بخطاب ترامب)، تواجه القوى العظمى المزيد من حالة عدم اليقين، بدرجة أكثر مما كانت عليه في أي وقت مضى في الذاكرة الحديثة.
في الأشهر القليلة الأولى من رئاسة «ترامب» (في الواقع، ربما حتى قبل أن تبدأ رئاسته)، سوف تضطر الولايات المتحدة إلى التنقل عبر عدة بؤر خطيرة للغاية، يمكن أن تشعل، وتساهم في تصعيد الصراع بين الولايات المتحدة، وروسيا، والصين.
مقال نشرته مجلة «ناشونال إنترست» الأمريكية للبروفيسور «روبرت فارلي»، وهو أستاذ محاضر في كلية باترسون للدبلوماسية والتجارة الدولية في جامعة كنتاكي الأمريكية، رصد 5 أماكن قد تشهد بداية الحرب العالمية الثالثة في عام 2017.
1- شبه الجزيرة الكورية
تردد أن الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» قال للرئيس الأمريكي المنتخب إن سياسة كوريا الشمالية ستمثل أول اختبار كبير لإدارته. كوريا الشمالية تواصل بناء المزيد من الصواريخ البالستية الأكثر فعالية، وكذلك (ويشك معظم المحللين) توسع ترسانتها النووية. وفي حين أن الاقتصاد والنظام السياسي بها يعانيان، لم تظهر الدولة نفسها أي رغبة في الانهيار.
وعلاوة على ذلك، أدخلت كوريا الجنوبية نفسها في أزمة سياسية خطيرة من تلقاء نفسها. قد يندلع الصراع هنا بعدة طرق. إذا قررت الولايات المتحدة استهداف برامج الصواريخ الباليستية لكوريا الشمالية بهجوم وقائي، وإذا أساءت كوريا الشمالية قراءة إشارات الولايات المتحدة، وقررت أن تأخذ خطوة استباقية، أو إذا أدى انهيار الحكم إلى الفوضى. كما كان الحال في عام 1950، يمكن أن تندلع الحرب في شبه الجزيرة بسهولة بين الصين، وروسيا، واليابان.
2- سوريا
تظهر انتصارات روسيا الأخيرة في سوريا أنها قد مهدت الطريق لنظام «الأسد» لتحويل الحرب الأهلية إلى مرحلة جديدة. امتنعت الولايات المتحدة عن التدخل دفاعًا عن حلب، بدلًا من ذلك ركزت قواتها في العراق، ومحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). لم تعترض إدارة «أوباما» دعم روسيا للنظام السوري، وهناك القليل مما يشير إلى أن إدارة «ترامب» ستسعى للمواجهة.
ولكن في حين أن اللحظات الأكثر خطورة قد مرت، تواصل قوات الولايات المتحدة وروسيا العمل على مقربة من بعضها البعض. بعد غارة جوية أمريكية بالقرب من دير الزور، التي أسفرت عن مقتل اثنين وستين من القوات السورية، خرج آفاق التعاون بين الولايات المتحدة، وروسيا عن مساره في سوريا.
حدث مماثل يمكن أن تطلق شرارته إما من قبل القوات الروسية، أو الأمريكية، يمكن أن يؤدي إلى ضغوط انتقامية في أي من البلدين. وعلاوة على ذلك، فإن وجود المفسدين (الجماعات الإرهابية والميليشيات على جانب، فضلًا عن مجموعة متنوعة من الدول المهتمة)، يعمل على زيادة التعقيد، ويعزز من فرص سوء التقدير، أو سوء الفهم.
3- «الحرب» الإلكترونية
لا تشارك الولايات المتحدة، وروسيا، والصين في «حرب» على شبكة الإنترنت، على الرغم من نجاح الجهود الروسية في التدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أو الجهود الصينية المبذولة لسرقة الملكية الفكرية والتكنولوجيا من الشركات الأمريكية. ومع ذلك، قد تشعر المؤسسة الأمنية الأمريكية بالحاجة المتزايدة للرد على ما تعتبره استفزازات روسية، وصينية، ولو كان ذلك فقط لردع الهجمات الأخرى ضد الأصول الأمريكية الإلكترونية المهمة.
المتخصصون يختلفون حول ما إذا كان حتى التصعيد الخطير على النشاط الحالي سيشكل حربًا إلكترونية. ومع ذلك، إذا اعتقدت الصين، وروسيا، أو غيرهما من الجهات الفاعلة بأنه يمكن مهاجمة الولايات المتحدة دون خوف من رد الفعل، فإن الأمر قد ينتهي إلى دفع الحكومة الأمريكية إلى اتخاذ ردود فعل مكلفة، يمكن أن تخلق دوامة من التصعيد المؤسف.
4- جنوب آسيا
تشير التقارير الأولية إلى أن الرئيس «ترامب» قد يستمر في سياسة من سبقه من الرؤساء؛ للضغط من أجل علاقة متزايدة للغاية بين الولايات المتحدة، والهند. في الواقع، سجلت حملة «ترامب» مستوى غير متوقع لدعم القوميين الهندوس في الولايات المتحدة، الذين يميلون إلى تفضيل المواجهة مع باكستان.
مكالمة «ترامب» الهاتفية مع رئيس الوزراء الباكستاني «نواز شريف» ألقت هذه الافتراضات في حالة من الفوضى. بدا «ترامب» كأنه يعرض نفسه للعب دور وسيط في النزاع على كشمير، وهو الموقف الذي يذهب بقوة ضد التفضيلات الهندية.
ويخشى محللون في الهند، والولايات المتحدة أن باكستان قد تستقبل هذه الرسالة بمثابة ضوء أخضر لزيادة العمليات المسلحة داخل وحول كشمير، واتخاذ خطوات تصعيدية أخرى. من ناحية أخرى، قد تشعر الهند بالحاجة إلى مواجهة الاستعدادات الباكستانية من خلال إجراء عملياتها على طول خط السيطرة. وإذا قرر أي من الجانبين التصعيد، يمكن أن تجد الولايات المتحدة، والصين تنجرفان بسهولة إلى الصراع.
5- بحر البلطيق
لعل أكبر فرصة للخطر تكمن في منطقة بحر البلطيق. وقد انتشرت المزاعم حول اتصالات الرئيس «ترامب» بالاستخبارات الروسية بشكل سريع، وغاضب على مدى الأسابيع الماضية. ومما لا شك فيه هو أن «ترامب» قد وضع التزام أمريكا بضمان أمن حلف شمال الأطلسي (الناتو) موضع شك. من المحتمل أن يكون لهذا العديد من التبعات المفيدة. يمكن أن يقنع الأوروبيين بزيادة النفقات الدفاعية الخاصة بهم، ويمكن أن يؤدي إلى تهدئة التوترات مع الروس.
ومع ذلك، وعلى المدى القصير، فإن فرص سوء التقدير تؤثر إلى حد كبير. موسكو يمكن أن تقلل من تقدير التزام المؤسسة الأمنية الأمريكية لدول البلطيق، وتتخذ تدابير مزعجة في ظل افتراض أن الأمريكيين سوف يتراجعون. وهذا من شأنه وضع التزام الولايات المتحدة بالدفاع على المحك. إذا حكمت موسكو على «ترامب» (أو المؤسسة الأمنية الأمريكية) بشكل خطأ، فقد ينتج عن ذلك صراع خطير.
عمليات حسابية معقدة
الكاتب ذكر أن حالة عدم اليقين تقود إلى كل هذه المخاوف. وليست هناك أية مؤشرات على الكيفية التي ستتصرف بها إدارة «ترامب» حيال قضايا رئيسية في السياسة الخارجية.
يترك هذا الكثير من البلدان تواجه العمليات الحسابية الصعبة للمخاطر، والفرص. علماء السياسة، من بين أمور أخرى، كثيرًا ما قالوا بأن سوء الفهم، وعدم اليقين، والخلاف حول المخاطر، كلها أمور تؤدي إلى دفع الصراع. ومستشارو الرئيس «ترامب» يجب أن يعملوا بجد لتوجيهه خلال هذه الأزمات المحتملة.