تقارير وتحليلات
الحرب في اليمن..
ترجمة: لماذا وصلت حرب اليمن إلى مرحلة المأزق العسكري؟
صار مألوفاً القول بأن الحرب في اليمن وصلت إلى مرحلة المأزق العسكري، حيث تسيطر مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء، بالإضافة إلى أكبر ميناء في البلاد وهو الحديدة.
إلا أنه ومع ذلك، فقد خسر الحوثيون الكثير من الأرض منذ بلوغهم أوج سيطرتهم الجغرافية في ربيع عام 2015، حيث سيطروا على عدن وتعز، ثاني وثالث أكبر مدن اليمن وسد مأرب الأسطوري واليمن بأكمله، إضافة إلى ساحل البحر الأحمر.
وفي السنوات الثلاث الأخيرة، حررت القوات اليمنية والتحالف عدن وسد مأرب وأجزاء كبيرة من مدينة تعز ومضيق باب المندب ونصف اليمن الواقع على ساحل البحر الأحمر والبالغ طوله 420 كيلومتراً، بالإضافة إلى طرد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب من مدينة المكلا والموانئ القريبة وممرات الأنبوب الرئيس لتصدير النفط في اليمن.
ومن المرجح أن يكون المكسب القادم للقوات اليمنية المشتركة والتحالف مينائي الحديدة والصليف، بالإضافة إلى ما تبقى من السهل الساحلي للبحر الأحمر، حيث ستكون المعركة صعبة، لإدراك الحوثيين بأن خسارتهم للساحل ستتركهم محاطين كليا باليابسة للمرة الأولى منذ سيطرتهم على ميناء ميدي على ساحل البحر الأحمر في عام 2011.
وقد سمح الانفتاح على البحر لمليشيا الحوثي الحصول على الأسلحة الحديثة والتدريب من إيران وحزب الله اللبناني بما في ذلك صواريخ البالستية (قيام1) متوسطة المدى المصنعة في إيران والقادرة على ضرب الرياض.
وفي حين أن دفاع الحوثي سيكون قوياً فإن عدد قواتهم في الحديدة يقل بشكل كبير عن القوات اليمنية وقوات التحالف المتقدمة، ومن المرجح أن يسوء وضع مليشيا الحوثي الذين يتم تجنيدهم محلياً بينما يفقد الحوثيون الأرض. حيث انه بالفعل تنتشر الألوية اليمنية المدعومة من الإمارات العربية المتحدة في الجزء الشمالي الشرقي من مدينة الحديدة، مما يجعلها على مسافة قريبة من الميناء وآخر منفذ يمكن للحوثيين من خلاله أن يستقدموا التعزيزات أو الهروب.
وفي حال تم تحرير الحديدة هذا العام، كما يبدو من المرجح، فإن السؤال يدور حول ما إذا كانت الحرب قد وصلت إلى نقطة اتزان مع تحرير الجنوب والشرق والغرب. في حين ما يزال الحوثيون قادرين على الدفاع عن المرتفعات الشمالية وصنعاء.
وعند زيارتي لجبهة نهم في شهر مارس من هذا العام، قمت بتحديد موقع GPS الجغرافي الخاص بي حيث أظهر أنني كنت على بعد 38.9 كيلومتر فقط خارج السفارة الأمريكية في صنعاء، لكن هذا المسافة الأخيرة تعتبر الأطول لأن الجيش اليمني يفتقر إلى العدد أو التماسك اللازم لشن هجوم على العاصمة. كما ليس لدى الحوثيين أي حافز يشجعهم للمساومة على سيطرتهم على صنعاء في المحادثات التي تتوسط فيها الأمم المتحدة.
ومن المرجح أن يزيد تمسكهم بالعاصمة بشكل أكبر إذا فقدوا السيطرة على سواحلهم. وقد يستغرق الأمر فترة بالنسبة للجيش اليمني -المنقسم بين الموالين للرئيس الراحل علي عبد الله صالح وأعضاء حزب الإصلاح الموالي للإخوان المسلمين- لبناء القدرات والوحدة اللازمين لشن هجوم على صنعاء.
في غضون ذلك، يبرز هناك خيار آخر أمام التحالف الذي تقوده السعودية ويتمثل في هجوم مباشر على صعدة، قلب عشيرة الحوثي، وهو ما بدأ بالفعل. فعلى الجانب الشمالي الغربي من صعدة، تتوغل القوات السعودية داخل منطقة الملاحيظ في سفوح جبال مران، معقل الحوثي المواجه لمقاطعة جيزان التي تبعد 60 كيلومترا عن صعدة. وإلى الشمال الشرقي من صعدة، باتت القوات اليمنية والسودانية المدعومة من التحالف على بعد 20 كيلومترا من كتاف، وهي منطقة تبعد 50 كيلومترا عن صعدة التي ينظر إليها السلفيون المدعومون من السعودية كمركز روح.
أما بالنسبة للجنوب في صعدة، فهنالك مساران يسير خلالهما التحالف ببطء من جهتي الغرب والشرق ويهدفان لعزل صعدة عن صنعاء - وهنالك مجموعة من القوات اليمنية والسودانية المدعومة من السعودية تتقدم من السهل الساحلي وجبهة يمنية قادمة من الشرق في منطقة المتون في محافظة الجوف.
وعلى الرغم من أن تقدم التحالف بطيئ ومكلف على هذه الجبهات، تشعر المملكة العربية السعودية أن لديها الكثير من الوقت وأكثر من القوات الكافية لمواصلة اكتساب الأرض في محافظة صعدة.
وإذا تم قطع الحوثيين عن إعادة الحصول على الإمداد الإيراني، وبدأوا يعانون من انشقاقات متكررة، فإن معدل التقدم قد يزداد.
وقد سارعت المملكة العربية السعودية إلى زيادة مساهمتها المباشرة ونشرت عناصر كبيرة تتألف من ست كتائب من الحرس الوطني السعودي والقوات البرية الملكية السعودية في صعدة. كما تستبدل الرياض خسائر ساحة المعركة اليمنية من العربات المدرعة مباشرة من احتياطي المعدات الضخمة في المملكة العربية السعودية. والأهم من ذلك هو أنه من المحتمل أن يطلق بعض المقاتلين السلفيين الأكثر خبرة في اليمن الذين يخدمون حالياً بأعداد كبيرة على جبهة الحديدة، لعملياتهم على جبهة كتاف قريباً، حيث حارب العديد منهم ضد الحوثيين في 2004-2014.
ويعتقد التحالف أن الحوثيين ليس لديهم حافز حاليا للانسحاب من الحديدة أو صنعاء. وهو ما تم إثباته بشكل جلي وواضح عندما فشلوا في الظهور في محادثات جنيف للسلام هذا الشهر. وهذا التقييم ربما يكون صحيحا حيث بالنسبة للمتشددين في قيادة الحوثي، من المحتمل أن يؤدي أي اتفاق إلى فقدان هيمنتهم الحالية في صنعاء وعلى ساحل البحر الأحمر. ومن المرجح أن يواصل التحالف الضغط عسكريا من أجل تغيير هذه الحسابات.
وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، من المفضل دعم حرب استنزاف، بدلاً من السماح لحزب الله الجنوبي بتأسيس نفسه على البحر الأحمر.