تحليلات
دعوات لايقاف الحرب في اليمن..
تقرير: دعوات السلام.. انقاذ للحوثي ام للحفاظ على الوحدة
مقاتل يمني يعاني عربة عسكرية تحترق خلال المعارك في اليمن - ارشيف
تصاعدت دعوات ايقاف الحرب في اليمن والتي افتعلها الحوثيون الموالون لإيران في مارس (آذار) 2015م، حين اجتاحوا الجنوب بالتحالف مع قوات الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، وهي الحرب التي دفعت الدول العربية والخليجية الى اطلاق تحالفا عربيا لوقف تمدد حلفاء ايران في السيطرة على الجنوب وموقعه الاستراتيجي الذي يطل على باب المندب وبحر العرب وخليج عدن.
وعلى الرغم من تحرير الجنوب بعد اربعة أشهر من القتال والغارات المكثفة، وباتت المعارك تدور في اقصى الغرب اليمني حيث يقع ميناء الحديدة الاستراتيجي.
وارتفعت اصوات سياسيين يمنيين ابرزهم الرئيس الجنوبي الاسبق علي ناصر محمد وقيادات إخوان اليمن المقيمة في تركيا، الامر الذي اثار حالة من الاستغراب عن توقيت المطالبة بإيقاف الحرب مع دخول معركة الحديدة مرحلة الحسم العسكري، وأصبحت ترسم النهاية الحتمية للحرب عسكريا وسياسيا برضوخ الحوثيين، والتخلي عن العنف والسلاح.
وتساءل سياسيون حول جدية المطالبة بإيقاف الحرب، فيما اذا كانت دعوات انقاذ للحوثيين الذين ارتكبوا جرائم حرب في الجنوب وتهامة واليمن.
وارتكب الحوثيون خلال اجتياحهم للجنوب جرائم انسانية بشعة، غير انها لم تلق الاهتمام السياسي اليمني من قبل بعض السياسيين
الرئيس ناصر يتزعم نداء ايقاف الحرب
تزعم الرئيس الجنوبي الاسبق علي ناصر محمد ما وصفه بنداء ايقاف الحرب وهو النداء الذي وقع عليه نحو 300 شخصية يمنية من مختلف الاطراف السياسية.
وقال بيان صادر عن "اللجنة اليمنية لدعم النداء العربي، انها تابعت باهتمام كبير النداءات المتكررة لوقف الحرب، من قبل الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية وحقوقية دولية هالها ما لحق بالشعب اليمني وبوطنه من دمار استهدف البنية التحتية والمؤسسات الاقتصادية والخدمية وانهيار العملة وانتشار للفقر والمجاعة وتفشي الامراض والكوليرا".
ايقاف الحرب للحفاظ على الوحدة اليمنية
وأكد البيان ان الهدف من ايقاف الحرب هو الحفاظ على اليمن ووحدة اراضيه"؛ الأمر الذي اثار حالة من الجدل خاصة لدى شخصيات جنوبية وقعت على وثيقة النداء، وهو ما برر احد السياسيين الجنوبيين بان أغلب من وقع على الوثيقة لم يقرأ ما ورد فيه.
وحمل البيان بشكل صريح الحكومة الشرعية ودول التحالف العربي، مسؤولية ما وصفها بكارثة انسانية قد تحل بـ14 مليون يمني (يقعون تحت الاحتلال الحوثي) ما لم يتم ايقاف الحرب ورفع الحصار البري والبحري".. مطالبا "دول التحالف العربي الاستجابة لدعوات المجتمع الدولي لوقف الحرب وحقن دماء الابرياء".
وقال ناشط وكاتب سياسي وأستاذ جامعي إنه لا حظ أن عددا من الجنوبيين الموقعين بيان لدعم نداء المبعوث الدولي لليمن لجمع أطراف الحرب في السويد في نوفمبر 2018م وهم من أنصار مشروع الحرية والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية ، لم يطلعوا على نص البيان.
وقال محمد ناصر العولقي "إن الموقف السياسي الذي أقصده هنا هو تلك العبارة التي وردت في البيان - بشكل يدل على مقصدية سياسية - حينما أشار الى أن نداء جريفيت لجمع أطراف الحرب في السويد هو ( بارق أمل نتمنى أن لا يقصفه تعنت تجار الحرب ومن لا يريد لليمن السلام والوئام ووحدة أراضيه ) ".
وقال العولقي "شبه الجملة الإضافية ( وحدة أراضيه) تحمل موقفا سياسيا ولم يكن هناك داع لها إلا إذا كان من صاغوا البيان ووقعوا عليه من الذين يصطفون مع مشروع الوحدة اليمنية التي ثبت فشلها ويتمترسون ضد مشروع استعادة دولة الجنوب أو بكلام أوضح ضد الانفصال" .
وأضاف "الغريبة أنني وجدت عددا من الجنوبيين الموقعين على البيان من أنصار مشروع الحرية والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية ويبدو أنهم لم يقرأوا البيان بتركيز".
من جهته قال الدكتور حسين بن لقور معلقا على نداء الرئيس علي ناصر والموقعون معه على ما أسمي بـ(بيان دعم نداء المبعوث الدولي لليمن لجمع أطراف الحرب في السويد في نوفمبر 2018) "لا شك أنه من البديهي أن يكون مطلب السلام وإيقاف الحرب أمرا لا يرفضه إلا تجار الحروب والمنتفعون منها خصوصا بعد أن وصلت معاناة الناس إلى درجة الكارثة ولم يعد بعيدا اليوم الذي سيتم الإعلان فيه عن استيطان المجاعة في الإقليم (اليمن والجنوب العربي)".
وأضاف بن لقور لـ(اليوم الثامن) "لكن ما يمكن استنتاجه من هذا البيان والموقعون عليه نخبة متميزة بعضها لا صلة له بالحرب وبعضها ممن أوصل البلد إلى طريق الحرب من خلال عمله في نظام "علي عبدالله صالح" أن هذا البيان لم يتحدث عن أي سلام يريدون من المبعوث الأممي العمل عليه ولا تحديد موقف من كثير من جرائم الحرب التي أرتكبت وكأن الأمر معركة بين أشخاص و سيتم الصلح بينهم وينتهي الأمر".
وقال بن لقور " هذه المقاربة للسلام ليست هي الطريق المؤدي إلى الاستقرار في المنطقة وإنما ستقود الجميع إلى إعادة التموضع و رص الصفوف استعدادا لحروب جديدة هذا إن لم تظهر قوى جديدة في الساحة لتصبح حروب لا نهاية لها".
وتابع "من هنا يمكن القول إنه ما لم يتم وضع تصور حقيقي و واقعي لحلول تذهب إلى جذور الصراع التاريخية والتعامل مع مخرجات الحرب بطريقة موضوعية كما هي على الأرض ومواجهة حقيقة أن أهم مشكلات هذه الإقليم هي سيطرة فئة معينة على السلطة والثروة خلال تجربة الوحدة وما قبلها و غياب دولة المواطنة المتساوية في صنعاء, وكذلك حل القضية الجنوبية وفقا لرغبات شعب الجنوب العربي والتي أصبحت اليوم مسألة لا يمكن القفز عليها بأي حال من الأحوال بل أصبح حق الجنوبيين في قيام دولتهم أمرا لا تراجع عنه".. مختتما "لذلك أي مبادرة سلام لا تقوم على النظر في وضع حلول للقضيتين أعلاه حل مشكلة السلطة في صنعاء و حق الجنوبيين في قيام دولتهم فلن تعرف المنطقة السلام".
دعوات للسلام واقرار حوثي بالهزيمة
وعلى الرغم من تأكيد التحالف العربي بقيادة السعودية على تمسكه بالحل السلمي لإيقاف الحرب في اليمن، الا ان الحوثيين تعنتوا ورفضوا المشاركة في المفاوضات التي كان من المقرر ان تعقد في سبتمبر (ايلول) الماضي، قبل ان يرفض الحوثيون المشاركة.
وأقر الحوثي الاربعاء بهزيمة ميليشياته في الحديدة، فيما تؤكد العديد من المصادر ان الحرب في تهامة قد دخلت مرحلة الحسم العسكري.
وقالت مصادر عسكرية ميدانية في الحديدة لـ(اليوم الثامن) "إن قوات العمالقة الجنوبية واسود تهامة وحراس الجمهورية باتت تحقق انتصارات كبيرة واستعادة اجزاء واسعة من شرق وجنوبي مدينة الحديدة ودفعت المليشيات الى وسط المدينة، فيما تم الدفع بقوات اضافية لاقتحام الميناء وفك الحصار عن سفن اغاثية احتجزها الحوثيون في الميناء.
وناشد زعيم مليشيات الحوثي في اليمن عبدالملك الحوثي، الأربعاء، عناصره ومقاتليه، البقاء في مواقعهم، معترفاً بأن الوضع بات "خطيراً ومتأزماً".
واعترف زعیم الملیشیات الحوثیة بفرار عناصره من جبھات القتال، وناشدهم العودة إلى الجبهات، مبرراً هروب مقاتليه بالـ"الظروف الاقتصادیة والمعاناة الشدیدة التي أجبرت البعض على العودة من الجبھات لتأمین معیشتھم ویجب علیھم الیوم العودة".
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن الحوثي، إصرار زعيم الميليشيا على المكابرة والتعنت قائلاً "هل يعني اختراق العدو هنا أو هناك أو تمكنه من السيطرة على منطقة هنا أو هناك أننا سنقتنع أن نستسلم للعدو؟ أن نسلم له البلد؟ (...) هذا لا يكون ولن يكون".
ورغم ذلك أقر الحوثيون المدعومون من إيران اليوم الأربعاء، حسب الوكالة نفسها، بحصول توغلات من قبل القوات التابعة للتحالف.
وقال الحوثي: "العدو يستفيد من زخمه البشري الهائل الذي كثفه للضغط على مدينة الحديدة".
انقاذ الحوثيين من الهزيمة
ودعوات ايقاف الحرب التي جاءت متزامنة مع انطلاق معركة تحرير الحديدة وصعدة، فتحت باب التأويل والاتهامات لبعض الاطراف اليمنية بالسعي لانقاذ الحوثيين من الهزيمة.
ودعت القيادية الإخوانية المقيمة في تركيا توكل كرمان مجلس الأمن الدولي الى التدخل لإيقاف الحرب في اليمن، فيما ذكر ناشطون يمنيون ان قيام تنظيم الإخوان في مأرب بالإفراج عن عشرات العناصر الحوثية المعتقلة لديه.
وقال الناشط فهد الصالح العوذلي ان مليشيات الإخوان في مأرب افرجت عن العشرات من عناصر الحوثي وقد وصل المفرج عنهم العاصمة اليمنية صنعاء ومن المتوقع ان يتم الدفع بهم لتعزيز جبهة الحديدة.
وزعمت كرمان ان معركة الحديدة لا تندرج في إطار تحرير اليمن من الانقلابيين وان هناك من يريد احتلال الميناء الاستراتيجي.
واتهمت قنوات إخوانية دول التحالف العربي صراحة إلى السعي لاحتلال الحديدة، وهو ما ولد لدى التيار المقرب من قطر وإيران الى اطلاق دعوات ايقاف الحرب، وهو ما يعني انقاذ الحوثيين من الهزيمة.
ويقدم ساسة يمنيون شماليون "قضية استقلال الجنوب"، كفزاعة للقوى الشمالية لإيقاف الحرب والاتحاد لما تصفه تلك القوى "الحفاظ على الوحدة اليمنية".
وايقاف الحرب دون ضمانات يعني ان حربا أخرى قد يشنها الشمال على الجنوب بزعم الحفاظ على الوحدة اليمنية، في حين هناك نية لمأرب – سلطة الإخوان- للسيطرة على منابع النفط في شبوة وحضرموت ناهيك عن ميناء عدن الاستراتيجي.