تقارير وتحليلات
تنازلات حوثية تكتيكية..
مناورة مكشوفة لتعطيل قطار السلام في اليمن
أربك التوجه الدولي الداعم للسلام في اليمن والمدعوم من التحالف العربي المتمردين الحوثيين، ما جعلهم يطلقون مناورة جديدة تقوم على دعوة محمد علي الحوثي، القيادي في أنصارالله، إلى وقف إطلاق الصواريخ على الأراضي السعودية والإماراتية وحث المتمردين العسكريين من جماعته على “تجميد العمليات العسكرية”.
وعلى خلاف التلكؤ الحوثي، أعلن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز دعم الرياض للسلام في اليمن، والأمر نفسه صدر عن الحكومة المعترف بها دوليا، في وقت قدمت فيه بريطانيا مشروع قرار يحث على هدنة فورية على جبهة الحديدة.
وطالب محمد علي الحوثي، الذي يترأس ما يسمى اللجنة الثورية العليا، قيادة التمرد بضرورة “التوجيه بوقف إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة” على السعودية. كما دعا في بيان نشره على تويتر قيادة التمرد إلى تأكيد استعدادها “لتجميد وإيقاف العمليات العسكرية في كل الجبهات وصولا إلى سلام عادل ومشرّف”.
ووصفت أوساط سياسية يمنية دعوة الحوثي إلى وقف الصواريخ على الأراضي السعودية بأنها محاولة للإيحاء بامتلاك المتمردين لورقة ضغط، وأن التوقف عنها سيحسن شروطهم في التفاوض، لافتة إلى أن دول التحالف العربي لم تكن تعبأ بتلك الصواريخ أولا لأنها نجحت في التصدي لها، وثانيا لأن التدخل لم يكن لوقف تلك الصواريخ وإنما كان هدفه الرئيسي مواجهة الانقلاب وإعادة الشرعية للدولة اليمنية ومؤسساتها.
وأشارت تلك الأوساط إلى أن محمد علي الحوثي سعى للإيهام بأن القرار الميداني في يد “القيادات العسكرية” للجماعة، وتلك مناورة معهودة لدى المتمردين الذين يحاول كل منهم أن يبدو وكأنه لا يمتلك القرار، وأن توزيع الأدوار يسمح لهم بربح الوقت وتخفيف الضغوط.
وتضاءلت فرص المتمردين هذه المرة في التهرب من الالتزام بالسلام، خاصة أن دولا مثل بريطانيا والولايات المتحدة تتمسك بوقف الحرب والبدء بمفاوضات سلام جدية، وهو ما سيجعل المتمردين في مواجهة المجتمع الدولي.
ووزعت بريطانيا على أعضاء مجلس الأمن الدولي، الاثنين، مسودة قرار حول النزاع في اليمن تدعو إلى هدنة فورية في مدينة الحديدة وتحدد مهلة أسبوعين لإيصال المساعدات.
ويقول مراقبون إن المتمردين سيوضعون تحت ضغط دولي شديد، بعد أن فشلت محاولات استرضاء سابقة للمبعوثين الأمميين، فضلا عن الاستجابة الواضحة لدول التحالف العربي والحكومة اليمنية لجهود السلام التي ترعاها جهات متعددة.
وجدّد العاهل السعودي الاثنين في خطابه السنوي أمام مجلس الشورى تأييد المملكة للحل السياسي في اليمن، وقال إن “وقوفنا إلى جانب اليمن لم يكن خيارا بل واجبا اقتضته نصرة الشعب اليمني بالتصدي لعدوان ميليشيات انقلابية مدعومة من إيران، ونؤكد دعمنا للوصول إلى حل سياسي”.
بدوره، أكّد المتحدث باسم التحالف العسكري العقيد الركن تركي المالكي في مؤتمره الصحافي الأسبوعي أن التحالف يدعم جهود المبعوث الأممي مارتن غريفيث “لإيجاد تسوية سياسية وحلّ في اليمن”.
وأعرب غريفيث الاثنين عن أمله في استمرار جميع الأطراف في ممارسة ضبط النفس، بما يساهم في خلق مناخ موات لانعقاد المشاورات.
وكان غريفيث أعلن أمام مجلس الأمن الدولي، الجمعة، أنّ الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف العربي، والمتمردين الحوثيين أظهروا “التزاما متجددا” بالعمل على حل سياسي وقدّموا “ضمانات مؤكدة” بأنهم سيشاركون في المحادثات.
وفشلت جهود عقد جولة محادثات في سبتمبر الماضي في جنيف بسبب عدم حضور المتمردين الذين وضعوا اشتراطات غير معقولة للمشاركة في المفاوضات. لكن غريفيث اقترح السفر مع وفد المتمردين هذه المرة إلى السويد “إذا (كان) ذلك ضروريا”، وهو اقتراح اعتبر مراقبون أن الهدف منه تبديد كل الأعذار التي يقدمها الحوثيون لتبرير عدم جديتهم في التفاوض واللعب على عامل الوقت لتثبيت سيطرتهم على المدن الرئيسية، وخاصة صنعاء.
وأعلنت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا مشاركتها بشكل رسمي في محادثات السلام المقترحة.
وقالت وزارة الخارجية في بيان نشرته وكالة “سبأ” إن الحكومة أكدّت في رسالة وجهتها إلى غريفيث أنها سترسل وفدا لتمثيلها في المفاوضات التي لم يحدد لها أي تاريخ بعد.
ودعت الحكومة في رسالتها الأمم المتحدة إلى “الضغط على الميليشيات الحوثية للتجاوب مع الجهود الأممية والحضور إلى المشاورات دون قيد أو شرط”. وطالبت كذلك باتخاذ “موقف حازم من أي تعطيل قد تقوم به الميليشيات لتأخير أو عدم حضور المشاورات في موعدها المحدد”.
وتقول أوساط الحكومة اليمنية إن قرار الحوثيين ليس في أيديهم، وإن إيران هي التي تحدد لهم المشاركة من عدمها، وهو ما يفسر تحول وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت إلى طهران أمس ولقاءه مسؤولين إيرانيين بشأن الحرب في اليمن.
وقال هانت للصحافيين “نحن حريصون جدا جدا على المضي قدما نحو السلام في اليمن. هذه أولويتنا”.