قضايا وحريات
صحيفة لندنية:
دعم المواطن دافع التدخل الإماراتي في اليمن
تحذر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) من أن أكثر من ثلثي سكان اليمن يتهددهم خطر الجوع ويحتاجون “بشكل عاجل إلى مساعدات”، وفي ما تعمل جهات خارجية، تتصدرها الإمارات، على الاستجابة لهذه المطالب والعمل على إنقاذ اليمن من “إحدى أسوأ أزمات الجوع في العالم” تعمل جهات أخرى في الداخل اليمني وبدعم خارجي على عرقلة هذه الاستجابة.
وتحمّل تقارير فريق مجلس الأمن المكلف بمتابعة الشأن اليمني جماعة الحوثي المدعومة في الداخل بفريق الرئيس السابق علي عبدالله صالح ومن الخارج من إيران مسؤولية تدهور الوضع الإنساني في البلاد، مشيرة إلى أنه من مصلحتها ومصلحة أطراف أخرى فاعلة في المشهد اليمني الراهن التشويش على عمليات إعادة إعمار اليمن.
ويذكر التقرير النهائي لفريق خبراء تشكل بناء على قرار مجلس الأمن الدولي 2216 لمتابعة الملف اليمني أنه من بين الخروقات التي تمّ رصدها إعاقة ميليشيات الحوثي وصول وتوزيع المساعدات الغذائية للمدنيين في اليمن، وهو ما يتسبب في وضع إنساني كارثي في عدد من المحافظات التي تعاني أيضا من القصف العشوائي للميليشيات.
صواريخ كروز وألغام عائمة وزوارق يتم التحكم فيها عن بعد أصبحت تستخدم لمهاجمة السفن في اليمن، والبعض من هذه السفن يكون محملا بالمساعدات الإنسانية |
ورصدت منظمة اليونيسف أيضا محاولات جماعة الحوثي عرقلة عملية وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن. وقال المتحدث باسم منظمة اليونيسف بسمارك سوانجين إن العديد من المرافق الصحية في المناطق الشمالية والساحلية يتم استهدافها. بدورها اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الميليشيات الحوثية بمصادرة مواد أساسية كانت في طريقها إلى مدن ومحافظات يمنية.
وتعد المؤسسات الخيرية الإماراتية من أبرز الجهات المرسلة لهذه المساعدات والتي تواجه صعوبات في بعض الأحيان في إيصالها إلى المحتاجين إليها، خصوصا في المناطق الجنوبية التي يتركز فيها الحوثيون الذين يحتجزون بانتظام شحنات المساعدات ويحولون الموارد لحسابهم ويقصفون السفن التي يكون بعضها محملا بالأغذية والأدوية.
ولا يقف الحوثيون فقط في وجه المساعدات الإنسانية الإماراتية لليمن بل يقف في صفهم أيضا حزب الإصلاح الذراع اليمنية لجماعة الإخوان المسلمين الذين كلما خسروا في المعركة الدائرة في بلادهم سلطوا غضبهم على المجهود الإماراتي الإنساني الذي ذاع صيته في كل محافظات البلاد ونجح في إعادة البسمة على شفاه الأطفال.
وما تحققه الإمارات في كل مكان تصل إليه أياديها البيضاء فشل في تحقيقه حزب الإصلاح والحوثيون الذين تبيّن أن مصالحهم لا تتحقق إلا في الفوضى وأنهم يخشون إعادة الإعمار لأنه الطريقة التي تخمد بها نيران الحرب وتعيد القوة للمواطن اليمني الذي تحوّل إلى وقود لحربهم.
وتكشف تقارير المراقبين أن الإخوان كانوا يقفون وراء التضييق على سكان تعز وتأخير فك الحصار عن المدينة عبر تعاونهم مع تحالف الحوثي وصالح. وشهدت المدينة في تلك الفترة واحدة من أسوأ الظروف الإنسانية التي مر بها اليمن منذ اندلاع الحصار؛ الأمر الذي دفع هيئة الهلال الأحمر الإماراتي إلى البحث عن طرق غير تقليدية لإيصال المساعدات إلى أهل تعز المحاصرين.
وتمكنت الهيئة من إرسال حوالي 20 ألف سلة غذائية في مارس 2016 عبر طريق وعرة، حيث بدأ فريق هيئة الهلال الأحمر الإماراتي تحركه من عدن مرورا بمناطق التربة والنشمة وسفح جبل صبر جنوب غربي مدينة تعز، في ما لم تثن الظروف السيئة للطريق والجبال الورعة التي يجب المرور عبرها عزيمة الفريق الذي لجأ إلى تحميل السلال الغذائية على ظهور الجمال لعبور جبل طالوق إلى منطقة ميهال مشرعة.
|
واستطاعت هيئة الهلال الأحمر اختراق الحصار مرة أخرى في مايو 2016 بإدخال دفعة جديدة من المعونات الطبية لمستشفى الثورة في المدينة ليتم تسليم مواد طبية تضمّنت الأدوية والمستلزمات الجراحية للمستشفى الذي يواجه تحديات كبيرة في أداء دوره في توفير الرعاية الصحية اللازمة للجرحى والمصابين والضحايا من المدنيين الأبرياء بسبب الأحداث التي تشهدها المحافظة والحصار المشدد عليها.
وكان نقل المعونات الطبية وإدخالها إلى تعز عبر ذات الطرق الجبلية الوعرة لصعوبة إيصالها من خلال الطرق الرئيسية المغلقة بسبب الحصار الذي استمر أكثر من عام متسببا في نقص حاد بالمواد الطبية وشح شديد في الأدوية والمستلزمات العلاجية. ويقول وكيل محافظة تعز رشاد سيف الأكحلي «الشعب اليمني لن ينسى مواقف الإمارات الإنسانية والأخوية حكومة وشعباً، وكذلك هيئة الهلال الأحمر الإماراتي التي لا تتوانى عن تقديم العون في مختلف الأحوال والظروف».
قبل نجاح الجيش الوطني اليمني والمقاومة الشعبية في كسر الحصار عسكريا عن تعز بدعم من التحالف العربي تمكنت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي من اختراق الطوق إنسانيا. وما جرى في تعز تكرّر في أكثر من مدينة ومحافظة يمنية كان يتم حصارها وتخريبها خلال سيطرة الحوثيين ليأتي بعد ذلك الإماراتيون ويضمدوا الجروح ويرمّموا المدارس ويبنوا الحدائق ضمن مشروع إنساني لا تبتغي الإمارات من ورائه تحقيق أي مصالح كما يزعم الإخوان والحوثيون، لأن دعم اليمن في سرائه وضرائه عقيدة راسخة في سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة.
ولا تعيق المعارك العسكرية الدائرة ضد تنظيم القاعدة والانقلابيين الهلال الأحمر الإماراتي من الدخول إلى المدن المنكوبة ومحاولة احتواء معاناة أبنائها والنازحين إليها هربا ممّا يجري في محافظاتهم؛ من ذلك الحملة التي دشنها خلال الأيام الماضية الهلال الأحمر الإماراتي لإغاثة عشرة آلاف أسرة يمنية في محافظة شبوة التي تقع بين مناطق يسيطر عليها الحوثيون وأخرى ينتشر فيها مسلحو تنظيم القاعدة.
وذكر الهلال الأحمر الإماراتي أنه بدأ المرحلة الثانية من قوافل الإغاثة الموجهة إلى سكان مدينة شبوة وقراها، ومنها مديرية ميفعة التي يعاني أكثر من 80 ألف نسمة من سكانها من تردي الأوضاع الإنسانية جراء الحرب التي أشعلها الحوثيون. وتهدف هذه المرحلة إلى إغاثة 10 آلاف أسرة وتوفير الاحتياجات الأساسية من الغذاء لسكان منطقتي جول الريدة والحافة الحجور.
وأكد مسؤولو الهلال مواصلة جهودهم الإغاثية والإنسانية للسكان في محافظة شبوة حتى انتهاء الأزمة خاصة أن مشكلات مديرية ميفعة مضاعفة، حيث يتوافد إليها يوميا العشرات من اللاجئين من دول القرن الأفريقي إلى جانب وقوعها بين مناطق يسيطر عليها الحوثيون وأخرى ينتشر فيها عناصر القاعدة.
وقال رئيس فريق الهلال الأحمر الإماراتي في اليمن عبدالله المسافري إن المرحلة الثانية من توزيع السلال الإغاثية على أهالي مديرية ميفعة في محافظة شبوة تأتي في إطار الدعم الإنساني من دولة الإمارات العربية المتحدة للمناطق اليمنية المتضررة جراء الأزمة.
بموازاة ذلك تواصل الهيئة تقديم مساعداتها الإنسانية العاجلة لأهالي مديريات محافظة حضرموت في إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها الإمارات العربية المتحدة للتخفيف من حدة الأوضاع الإنسانية التي تعصف بسكان هذه المناطق بسبب الحرب. وقام فريق الهيئة بتوزيع مساعدات غذائية وملابس وبطانيات على سكان تريم (شرق حضرموت) الذين يعيشون حياة قاسية وظروفا إنسانية صعبة.
وفي مقابل هذه التحركات الإماراتية التي تنم عن وعي إنساني كبير، يحاول الانقلابيون والإخوان تزييف الصورة عبر بث سلسلة من الأخبار المغلوطة والموجهة، لكن فات هؤلاء أن التدخل الإماراتي لم يأت إلا للدفاع عن حق المواطن اليمني وعن ثورته التي اختطفها من كان مختبئا في الجبال ومن كان في الصفوف الخلفية للجماهير.