تقارير وتحليلات
ترجمة..
تقرير: كيف أستهل الحوثيون العام الجديد في اليمن؟
قالت مجلة “بريتبارت” الأمريكية في 1 يناير/كانون الثاني 2019 إن “عناوين صحف دولية حملت أخبارًا سيئة جدًا بالنسبة للمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، عشية ليلة رأس السنة الجديدة، بعد أن ناقش الإعلام الغربي أنشطتهم العدائية بشكل مطول، وهو ما لم تتوقعه المجموعة في أوقات سابقة”.
لم تحظ الممارسات الحوثية باهتمام واسع النطاق في الفترات السابقة بسبب حملة التشويه الموجهة التي استهدفت التحالف العربي العسكري العربي بقيادة السعودية. تركزت الحملات الدعائية على تصوير تدخل التحالف في اليمن، الذي جاء بناء على طلب الحكومة اليمنية الشرعية، بـ”توسع سعودي – إماراتي” غير مجد في اليمن. وفي الوقت ذاته، تجاهلت الدعاية الدور الفظيع من قبل جماعة الحوثي، التي انقلبت بشكل غير قانوني على الحكومة الشرعية المنتخبة ديمقراطيًا، المعترف بها دوليًا.
وقد نجحت هذه الدعاية المغرضة إلى حد ما في تشويه صورة التحالف في الإعلام الغربي، الذي اعتمد بشكل كامل على تقارير القنوات الإخبارية الشرق أوسطية الموالية لطهران أو الداعمة للمجموعات المنافسة لدول التحالف. لكن نجاح هذه الحملة أصبح محدودًا مع دخول العام الجديد، بعد أن فضحت وسائل إعلام غربية مرموقة ووكالات رسمية الدور الحوثي المروع في اليمن؛ فعلى سبيل المثال، صدمت واشنطن بوست الحوثيين ليلة رأس السنة بتقرير حول سجن وتعذيب المدنيين في السجون الحوثية، دون إيلاء أيّ اهتمام بانتهاكات حقوق الإنسان من قبل عناصر المجموعة. بينما أكدت الأمم المتحدة أن الحوثيين يسرقون المساعدات الغذائية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
زعم الحوثي أن الائتلاف بقيادة السعودية “قتل الآلاف” و”تسبب بمجاعة” و”أنشأ سجونًا سرية” في اليمن، بشكل يتنافى مع الحقيقة الواضحة في الميدان. وبالتأكيد، أخطأت بعض وسائل الإعلام الغربية عندما تبنت تلك المزاعم، ما أدى إلى تشتيت الانتباه عن الجرائم التي ارتكبها الحوثيون بحق اليمنيين. وقد أكدت وثائق قانونية، ومقابلات مع ضحايا، ونشطاء حقوق إنسان، أن جماعة الحوثي مارست بالفعل عمليات تعذيب واعتقال واحتجاز قسري على نطاق واسع. هذه الانتهاكات أنشأت جوًا متناميًا من الخوف والترهيب في العاصمة، وفي المناطق الخاضعة للسيطرة الحوثية.
علاوة على ذلك، استهدف الحوثيون النشطاء والصحفيين والمحامين والأقليات الدينية وحتى أصحاب المشاريع التجارية. وقد أفاد الشهود في مقابلات أن عناصر المجموعة لاحقوا كل من يشتكي من ممارسات المتمردين حتى لو بالكلمة. شملت الممارسات كذلك اقتحام المنازل وضرب قاطنيها، ومحاكمتهم بشكل صوري، وفقًا لما أكده نشطاء حقوق الإنسان.
وقد رفض الكثير من السكان الخاضعين لسيطرة الحوثي التحدث إلى الصحفيين خشية على حياتهم، بعد أن شعروا بأنهم مراقبون من قبل عناصر التمرد. ووفقًا للعاملين في وكالات الإغاثة، يمتلك الحوثيون جواسيس لهم في كل مكان. أما القلة الذين استعدوا للحديث عن تصرفات الحوثيين، فأخبرونا بعمليات سجن تعسفي لسنوات عديدة، وضرب، وصعقات كهربائية، وتعذيب نفسي مثل عمليات إعدام وهمية، وتهديدات ضد الزوجات والأطفال. كما شملت عمليات التعذيب تعريض السجناء لنار مفتوحة، وثعابين في الزنازين، والضرب بسلاسل معدنية، وكذلك الاعتداء بالسكاكين.
بالإضافة إلى ذلك، اشتكى المواطنون من استخدام الحوثيين لـ”الخناجر والهراوات والعصي” في الشوارع العامة التي شهدت مظاهرات شعبية احتجاجًا على ارتفاع الأسعار وتجميد الرواتب الحكومية. كما تحدثت تقارير أخرى حول “الفساد المستشري” في المناطق الحوثية، في ظل “وحشية متصاعدة” ضد كل من يسعى للاحتجاج.
وقد ازدادت الإثارة عندما أعلن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، يوم الإثنين المنصرم، أن المساعدات الغذائية الإنسانية يجري سرقتها في المناطق الخاضعة للسيطرة الحوثية، ويعاد بيعها في السوق المفتوحة. وبالفعل، لجأ عناصر الحوثيين إلى عمليات تزوير لشرعنة سرقتهم للمساعدات الإنسانية المقدمة للسكان المدنيين، بتشجيع من القيادة الحوثية التي استفادت ماليًا من العملية برمتها.
لقد سرق الحوثيون الطعام من أفواه الجياع، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من مجاعة مزرية فتكت بالكثير من السكان. وقد شددت على هذا الأمر وكالة أسوشييتد برس، التي قالت إن “الميليشيات سرقت الكثير من المساعدات التي حولتها الدول المانحة”.
وقد أنهت “بريتبارت” بالقول إن “هذه التقارير الموثقة، إلى جانب شهادات الضحايا، ينبغي أن تضع حدًا للدعاية الإعلامية التي صرفت النظر عن الممارسات الحوثية، وشوهت سمعة التحالف في نظر بعض وسائل الإعلام”.
كما نشرت صحف دولية أخرى تقارير فضحت الممارسات الحوثية مع بداية العام الجديد، أهمها “ذي غلوب بوست” الأمريكية، التي قالت إن “عمليات الإعدام والتعذيب وحالات الاختفاء القسري تشكل خطرًا عظيمًا على السكان اليمنيين، المصابين بمحنة إنسانية حساسة، وهو ما يستوجب إحداث تدخل دولي فوري”. وأضافت أن “دخول الحوثيين في اتفاق تهدئة مع الحكومة الشرعية اليمنية ينبغي ألا يشتت الانتباه عن الدور الحوثي في الكارثة الإنسانية، وضرورة إبعادهم عن المناطق التي يسيطرون عليها”.
وأخيرًا، قالت مجلة “نيوز هيرالد” الأمريكية إن “الممارسات الحوثية في اليمن مدعومة بشكل كامل من قبل طهران، التي تنظر إلى أهداف توسعية كبرى عبر وكلائها”. وأكدت المجلة أن “الفضائح التي لحقت بالحوثيين مؤخرًا برزت إلى الواجهة بسبب التقارير الأخيرة من قبل وسائل الإعلام والمؤسسات الرسمية، إلا أنها بدأت بالحصول منذ أوقات مبكرة، ابتداء من انقلاب المجموعة على الحكومة الشرعية، المدعومة من قبل التحالف العربي”. وقد دعت المجلة المجتمع الدولي “إلى عدم السماح بجر اليمن نحو إيران عبر الحوثي، بصرف النظر عن اتفاق الهدنة الأخير”.