تحليلات
بعد تطبيع العلاقات مع تشاد
تقرير: هل تحقق إسرائيل مكاسب من الدولة الإفريقية؟
كيف ستستفيد تل أبيب من الدولة الإفريقية؟
اتفقت إسرائيل وجمهورية تشاد على استئناف العلاقات بين البلدين، بعد انقطاعها منذ عام 1972، وتطبيعها بشكل كامل، وذلك خلال زيارة رسمية قصيرة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى العاصمة الإفريقية، إنْجمِينا، يوم الأحد الماضي، التقى فيها الرئيس التشادي إدريس ديبي، ووقعا على بعض الاتفاقات، إضافة إلى اتفاقية استئناف العلاقات الدبلوماسية.
فرغم أن تشاد تستفيد من التعاون مع إسرائيل في مجالات المياه، والزراعة، والطاقة، إلا أن خطوة تطبيع العلاقات بين البلدين، تعتبر إنجازًا تاريخيًا بالنسبة لتل أبيب؛ لما تشكله من مكاسب كبيرة عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا يمكن أن تحققها من خلال خامس أكبر دولة إفريقية من ناحية المساحة، إذ يعتبر أبرز مكاسب إسرائيل في المجال العسكري هو الاستفادة من احتياطات اليورانيوم لمواصلة المشروع النووي الإسرائيلي، فضلًا عن المكانة الجيوإستراتيجية لتشاد التي ستسمح لإسرائيل بمراقبة حركة نقل السلاح من ليبيا المجاورة لها، الذي تدعي تل أبيب أنه يصل إلى غزة.
ومن جانب المكاسب الاقتصادية، فإسرائيل -التي تعتبر من الدول المتطورة عالميًا في قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية- ستفتح سوقًا جديدة للشركات المتخصصة، لا سيما في مجالي مكافحة التصحر والري في الدولة الإفريقية، خصوصًا أن حوالي 80% من سكان تشاد يعملون في قطاع الزراعة، وحوالي 20% في الصناعة والخدمات، وتساهم عائدات قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية في 40% من إجمالي قيمة الصادرات. وينتج القطاع الزراعي القطن، والذرة، والدخان، والمكسرات، والسمسم، والأرز، والبطاطس، والبصل، فيما تتوفر ثروة حيوانية تتمثل في الخراف والماعز والجمال.
كما يمكن لإسرائيل الاستفادة من المجال الجوي التشادي من خلال استغلاله في تقصير المسافة التي تقطعها طائرات شركة العال الإسرائيلية في طريقها إلى أمريكا الجنوبية، مما يقلل مصاريف الطيران، ويقلص زمن الرحلات، ويزيد فرص المنافسة للشركة الإسرائيلية في سوق أسعار تذاكر السفر مع الشركات العالمية.
أما من جانب المكاسب السياسية، فستضغط إسرائيل على تشاد لكسب صوت مؤيد جديد يخدم تل أبيب في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وفي المنظمات الدولية، كما يمثل تجديد العلاقات الإسرائيلية – التشادية خطوة تهدف تل أبيب من خلالها إلى أن تتبعها دول إفريقية مسلمة أخرى، إذ سيؤدي التطبيع بين الطرفين إلى أن تحذو دولتان مسلمتان أخريان في القارة السمراء حذو تشاد، هما النيجر ومالي، إذ يتوقع أن تقدم الدولتان فورًا على تطبيع علاقاتهما الدبلوماسية مع إسرائيل، حسب ما ألمح له مسؤولون إسرائيليون في وقت سابق.
كما يشكل موقع التشاد الإستراتيجي في وسط وغربي إفريقيا -يحدها شمالًا ليبيا ومن الشرق السودان- فرصة سانحة لإسرائيل في طرق باب تطبيع العلاقات مع دول عربية وإسلامية جديدة في القارة الإفريقية، خصوصًا بعد تصريح الرئيس التشادي خلال زيارته إسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حين قال إنه لن يدخر جهدًا لتطبيع العلاقة بين تل أبيب والخرطوم، وهو الأمر الذي يدل على أن طموحات إسرائيل في فتح علاقات جديدة في القارة الإفريقية لن تقتصر على التشاد وحدها، بل تشمل جيرانها أيضًا.
في المحصلة، يمكن ملاحظة مدى استفادة إسرائيل من تطبيع العلاقات مع الدول العربية والإسلامية، وهو ما يتجاوز مكاسب الدول المطبعة معها، فرغم حاجة إسرائيل للتطبيع مع مختلف الدول العربية والإسلامية لتحقيق الهدف الرئيس بالنسبة لها -أي شرعنة وجودها عالميًا وإنهاء الصراع العربي/الإسرائيلي بما يخدم الكيان الصهيوني- إلا أنها تنجح في بعض الأحيان في تحقيق مكاسب أكبر من المتوقع في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، بما يخدم مصالحها في المنطقة والعالم ككل.
كيوبوست