تقارير وتحليلات

توطيد سلطتها بعد الاستيلاء..

تحليل: كيف أصبح الحوثيون ذراع إيران في اليمن

حوثيون

لم يكن الحوثيون دائمًا هذه الجماعة المتمردة والإرهابية التي نعرفها اليوم، فقبل أن يتحولوا -ابتداءً من عام 2009- إلى ذراع إيران في اليمن، كانوا مجرد جماعة تنحدر من الأسرة المتوكلية التي حكمت المناطق الشمالية لليمن، وتمت الإطاحة بالمتوكلين عام 1962، بعد انقلاب قامت بة حركة متمردة أسست جمهورية شمال اليمن فيما بعد.

 

يقع معقل القبائل الحوثية في صعدة شمال غرب اليمن، وتتبع هذه القبائل المذهب الزيدي، وهو فرع صغير للمذهب الشيعي، وقد استقرت في هذه المنطقة منذ القرن الثامن الميلادي.

 

لا يعترف أنصار المذاهب الشيعية المهيمنة كالاثني عشرية والإسماعيلية بالمذهب الزيدي، إذ كان الزيديون لفترة طويلة قريبين من السُنة؛ لذلك دعمتهم المملكة العربية السعودية في مواجهة التمرد عام 1960.  

بداية التقارب المريب

أما التقارب السياسي والديني للحوثيين مع نظام الملالي في إيران فهو حديث للغاية، فبعد إعادة توحيد اليمن عام 1990، شعر الحوثيون بأنهم مهمشون، فأسسوا حزب الحق الذي انبثقت منه الحركة الحوثية الحالية، مع الفارق أن الحزب كان جمهوريًّا، يرفض الإمامة الشيعية، ويُطالب فقط بالخصوصية الثقافية والحكم الذاتي للحوثيين، وهو الحكم الذاتي الذي تمتعت به القبائل الحوثية في المحافظات الشمالية من اليمن قبل عام 1962. 

لكن الحزب الذي كان مسالمًا في مهده سقط سريعًا في براثن التطرف، خصوصًا بعد إنشاء فرع ناشط له عام 1992، وهو «منتدي الشباب المؤمن» الذي أسسه حسين بدرالدين الحوثي، كان من المفترض أن يكون المنتدى عبارة عن جمعية اجتماعية وثقافية للشباب الحوثي، لكنه سرعان ما تحول إلى ميليشيات مسلحة بعد اندلاع الحرب الأهلية اليمنية عام 1994، وعلى عكس ما حدث عام 1962، قررت المملكة العربية السعودية دعم حكومة علي عبدالله صالح اليمنية ضد التمرد الحوثي. 

كانت دوافع المملكة جيوسياسية وليست دينية، وكان الهدف هو تعزيز وحدة اليمن؛ حيث واجه الرئيس علي عبدالله صالح انتفاضة مدوية للفرع المحلي لتنظيم القاعدة بعد الهجوم على البارجة الأمريكية «يو إس إس كول» في ميناء عدن في أكتوبر 2000.

 

وبفضل هذا الدعم السعودي، هزمت السلطة المركزية في اليمن التمرد الحوثي، وقتل مؤسس المنتدي وخلفه أخوه عبدالملك الحوثي، الزعيم الحالي للحركة الحوثية. 

وفي هذا السياق، اقترب الحوثيون سياسيًّا ودينيًّا من إيران، وتقول مصادر إيرانية أن الحوثيين تخلوا عن المذهب الزيدي لصالح المذهب الاثني عشري، وهو المذهب الرسمي في إيران، لكن الحوثيين لم يعترفوا علانية بهذا التحول.

مجلس الأمن على الخط

ووفقًا لتقرير لمجلس الأمن عن حظر الأسلحة المفروض علي إيران منذ عام 2007، بدأ النظام الإيراني في تسليح الحوثيين، ابتداءً من عام 2009.

ويقول التقرير إنه في أبريل 2009 نقلت سفينة إيرانية غير معروفة حقائب مليئة بالأسلحة إلى سفن يمنية في المياه الدولية، ثم نقلت هذه الحفائب إلى مزرعة في اليمن لاستخدامها من قبل الحوثيين. وكشف التقرير أيضًا أنه في فبراير 2011، صادرت السلطات اليمنية سفينة صيد إيرانية كانت تنقل 900 صاروخ مضاد للدبابات، ومضاد للهليكوبتر صنعت في إيران للحوثيين.

ثم كانت هناك الواقعة الشهيرة لاعتراض السفينة الإيرانية «جيهان»، في يناير 2013، وبها أكثر من 40 طنًّا من الأسلحة الموجهة للحوثيين، بما في ذلك 20 صاروخًا مضادًا للطائرات، و18 صاروخًا و100 قاذفة كاتيوشا إيرانية الصنع؛ ومواد شديدة الانفجار، وبطاريات صواريخ وصواريخ «أرض-أرض» وذخائر وأسلحة خفيفة روسية الصنع ومناظير.

انقلاب الحوثيين

بهذا الدعم الإيراني، قام الحوثيون بانقلابهم في سبتمبر 2014، مستفيدين من الفوضى الناجمة عن الربيع العربي، واستولوا على العاصمة صنعاء وأسقطوا الرئيس عبدربه منصور هادي، فأثاروا غضب تحالف عربي تقوده المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر.

ولتوطيد نفسها بعد الاستيلاء على السلطة بالقوة، قامت الحركة الحوثية بإنشاء فرع سياسي لها هو أنصار الله، وله مجلس أعلى للسياسات، يرأسه صالح علي الصمدي، الذي قُتل في أبريل عام 2018، ثم مهدي حسين المشاط، لكن على الرغم من هذا الغطاء السياسي، تواصل الحركة الحوثية التصرف كميليشيات متعطشة للدماء.

جرائم حرب وانتهاكات حوثية

بعد أربع سنوات من الحرب ضد أنصار الرئيس هادي، الذي استقبلته السعودية ودعمه التحالف العربي، مازال الحوثيون يتصدرون العناوين الرئيسية للصحف لتورطهم في ممارسات هي بمثابة جرائم حرب، وتتهم المنظمات غيرالحكومية الحوثيين بالعديد من الانتهاكات كتصفية الخصوم، ومنهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي كانوا قد تحالفوا معه أثناء استيلائهم على صنعاء عام 2014 ، قبل أن يقتلوه في ديسمبر 2017  بعد أن اقترب من المملكة العربية السعودية.

هناك أيضًا أشكال متعددة من انتهاك حقوق الإنسان، مثل استخدام الأطفال كجنود؛ واضطهاد الصحافيين، ومن أشهرهم الصحفي يحيى الجبيهي، الذي حكم عليه الحوثيون بالإعدام في أبريل 2017؛ وقمع الأقليات اليهودية (كشفت عنه جريدة النيويورك تايمز في مارس 2015) والبهائيون، كما قالت منظمة العفو الدولية في أغسطس 2016.

إضافة إلى ذلك، هناك ممارسات أخرى هي بمثابة جرائم حرب، مثل التعذيب والاختفاء القسري وأخذ الرهائن، وهي ممارسات كشفت عنها منظمة هيومان رايتس ووتش في سبتمبر 2018، واحتلال وعسكرة المستشفيات، لا سيما في الحديدة (منظمة العفو الدولية نوفمبر2018) وإعادة بيع المساعدات الإنسانية الدولية، كما يتضح من تقريرمنظمة برنامج الغذاء العالمي في يناير 2019.

* كاتب ومستشار، رئيس شركة رولاند جاكارد للاستشارات الأمنية العالمية RJGSC

من صنعاء إلى البحر الأحمر: الحوثيون يختبرون سياسات ترامب الخارجية.. ما المتوقع؟


الصيام المتقطع وتوزيع السعرات الحرارية: مفاتيح السيطرة على الوزن (دراسة)


الشيخ المحفوظ بن بيّه يسلط الضوء على جهود الإمارات في تعزيز التسامح والتعايش السلمي


إسرائيل تحذر من تصاعد العنف السياسي: قنابل ضوئية تضرب قيساريا